سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

ملاذ “داعش” الآمن

عارضت أنقرة انضمام السويد وفنلندا إلى حلف بمزاعم تتعلق بأمنها القوميّ واشترطت البلدين تسليمها عدداً من الشخصيات الكرديّة بعضهم مواطنون حاصلون على الجنسيّة في هذين البلدين قانونيّاً وغير منخرط بأي عمل عسكريّ، حتى أنّ أحدهم متوفٍ وآخر لم يسبق أن أقام في السويدِ وتذرعت بميثاق الحلف. لم تبدِ أي هواجس أمنيّة مع وجود عدد كبيرٍ من عناصر “داعش” في المناطق الحدوديّة وفي مناطق نفوذها وسلطاتها المباشرة، بل حتى على أراضيها، رغم أنّ دول الحلف نفسها تعتبر “داعش” إرهابيّاً وشكلت تحالفاً دوليّاً لمحاربته.
بالمقابل؛ فإنَّ قوات سوريا الديمقراطية شريك التحالف الدوليّ الفعليّ في محاربة الإرهاب، إلا أنَّ أنقرة تخالف شركاءها في الناتو وتصفهم بالإرهابين وتطلب منهم الموافقة على شن هجمات جديدة ضدهم وبذلك تنتهج أنقرة سياسة يمكن وصفها بالعربدة.
قيادي “داعش” المدعو “ماهر العكال” الذي قُتل في قرية خالطان بناحية جنديرس بعمليةٍ للتحالفِ الثلاثاء 12/7/2022، كان يشغل منصبَ ما يسمّى “والي بلاد الشام” وهو على درجة كبيرةٍ من الخطورة، وسبق أن اُعتقل على الأراضي التركيّة مع ابن عمٍ له في 12/1/2021، وثبت ضلوعهما في تفجيرين كبيرين الأول بسيارةٍ مفخخةٍ في بلدة سروج واستهدف نشطاء كرداً في 20/7/2015، وأودى بحياة 33 شخصاً إصابة 86 آخرين. والتفجير الثاني في ميدان السلطان أحمد بمدينة إسطنبول في 12/1/2016، وأدّى إلى مقتل عشرة ألمان، إضافة إلى منفذ الهجوم، وإصابة 16 آخرين بجروح 14 منهم أجانب، وهو متهمٌ أيضاً بالوقوف خلف عملية اغتيال “الشيخ بشير فيصل الهويدي” أحد أبرز وجهاء الرقة في 2/11/2018.
المفارقة أن القتيل كانت بحوزته بطاقة شخصية من مجلس عفرين المحليّ، وكان قياديّاً في صفوف أحد فصائل المرتزقة أي أنّه كان يحظى بالحماية وحرية التنقل، رغم توفر كامل المعلومات عنه ومعرفة خطورته! ما يطرح السؤال حول معيار الأمن القوميّ التركيّ!
تهدد أنقرة بشن هجمات جديدة، والحجة هي ذاتها، الأمن القوميّ، ولكن ما هي حدود تركيا الحالية؟ تتحدثُ أنقرة عن تعرضِ قواتها في عفرين وإعزاز ومارع لعملياتٍ عسكريّةٍ مصدرها منطقة الشهباء، وكأنّ هذه المناطق باتت ضمن حدودِ تركيا، وتتجاهلُ أنّها قوة احتلال تجبُ مقاومتها!
أنقرة تعتبر الكرد إرهابيين سواء على أراضيها فتعتقل ممثليهم بالبرلمان وسياسييهم، أو في دول الجوار فتلاحقهم بشن الهجمات الاحتلالية عبر الحدود، أو دول أوروبا فتطالب بتسليمهم، وأما من ثبت تورطه بقتلِ الكردِ، فتطلقُ سراحه وتمنحه الحماية وحرية الحركة ليواصلَ نشاطه الإرهابيّ!
عملية استهداف المدعو “العكال”، وقبله قياديون آخرون بينهم البغداديّ والقرشي تثبت أنّ ما تسميه أنقرة “المنطقة الآمنة” أضحى ملاذاً آمناً لعناصر داعش.