قامشلو/ علي خضير ـ اتباع خطوات هامة من شأنها تحسين جودة التربة، ودورات زراعية منظمة لزيادة الإنتاج يجب الوقوف عليها؛ أوضحها المهندس الزراعي “محمد سعيد” بالإضافة إلى النصائح المؤهِلة للوصول لإنتاج زراعي مرموق، وتجنّب إلحاق الضرر بالتربة من خلال حرق الحقول (الفراز).
تعتبر الزراعة عجلة الانتعاش في إقليم شمال وشرق سوريا، وفي حال تمَّ تشغيل محرك هذه العجلة من خلال الاهتمام بشكلٍ كبير بجانب استخدام الأسمدة واتباع الطرق الصحيحة للزراعة ومواعيدها، والحصول على البذور التي تتكيّف مع التربة والبيئة، ستكون الزراعة ذات إنتاج جيد وقادرة على الصمود، أما زراعة ما يذخرونه من البذور من المحصول الفائت، وممّا لا يرقى إليه الشك أن استراتيجية تأقلم بعض البذار التي يتم شراؤها من مصادر غير معروفة، تؤثر على الإنتاج بشكلٍ كبير.
فوائد الحراثة المتكررة للتربة
ولمعرفة المزيد عن الخطوات الهامة في تحسين جودة التربة؛ بيَّن المهندس الزراعي “محمد سعيد” فوائد حرث التربة بشكلٍ متكرر، بأنَّه يساهم بتهوية التربة والسماح بنفاذ الرطوبة والهواء، مما يسمح للبذور بالإنبات، وعملية الحراثة تساعد على تنعيم التربة وتشجيع نمو الجذور، ولها أهمية ميكانيكية أيضاً للتخلّص من الأعشاب الضارة وخلط الأسمدة مع التربة، وبالنسبة لعددها فتختلف حسب إمكانيات المزارع وحسب نوعية المحصول.
وكما هو معلوم لدى الجميع بأن الهطولات المطرية لهذا العام 2024 لم تكن خريفية، ولم تكن ذات معدلات جيدة، واقتصرت على بعض الزخات، وكان هناك هطول مطري واحد، وبالرغم من أن هذه الكميات قليلة إلا أنها تساعد في إنبات الأعشاب قبل الفلاحة، ليتم لاحقاً حرث هذه الأعشاب والتخلص منها، كما أنها تساعد في تأمين الرطوبة للتربة إلى حدٍ ما، بحسب ما أوضح سعيد ذلك.
أهمية اتباع الدورات الزراعية وتنظيمها في زيادة الإنتاج
بالنسبة للدورات الزراعية تعتبر من أسس الزراعة الحديثة، وهو ليس بالمفهوم الحديث، وعن أهميتها ونوه سعيد إلى: “تساهم الدورات الزراعية في زيادة الإنتاج وتحسين التربة، فيمكن اتباع عدة دورات منها الثنائية والثلاثية وأكثر من الثلاثية في بعض المناطق، مثلاً نزرع محصولي القمح والشعير اللذين يعتبران من الدورات الثنائية، أما الدورات الثلاثية فيمكن تقسيم الأرض في المساحات الكبيرة إلى عدة أقسام”.
وتابع “ويُزرَع كل قسم بمحصول معين، وتتراوح بين المحاصيل النجيلية (الحنطة والشعير) والبقوليات والخضار، ويعاد تدوير هذه المحاصيل على الأقسام في كل عام، وأحياناً تترك بعض الأقسام (بور) ويعاد زراعتها في السنوات القادمة، وبالنسبة للدورات الزراعية فلها أهمية كبيرة في زيادة الإنتاج والحفاظ على خصوبة التربة وتحسين خواص التربة”.
طرق ترشيد استخدام الأسمدة والمبيدات
وفيما يخص المبيدات الزراعية، أوضح أن هناك مبيدات الحشائش لمختلف المحاصيل، ويُفضَّل رشها بعد ثلاثة إلى خمسة أسابيع من الإنبات كما يحدث في محصول القمح، مع أنه يفضل المعاملة اليدوية لرش المبيدات، والتي تعطي نتائج مكافحة ممتازة للتخلص من الحشائش المصاحبة للقمح وتعتبر طريقة آمنة.
أما بالنسبة لموضوع التسميد فيعتبر من العمليات الزراعية المؤثرة في إنتاجية المحاصيل، وأوضح المهندس محمد سعيد أنَّه يمكن إضافة الأسمدة العضوية أو الكيميائية، كالسماد الآزوتي أو الفوسفوري الذي يتم وضعه أثناء عملية الفلاحة أو البذار، وتتراوح الكميات حسب نوعية التربة، وحسب إذا ما كان المحصول مروي أو بعلي، وبالنسبة للسماد الآزوتي فيوضع للهكتار الواحد من 30 إلى 150 كيلو غرام، أما الفوسفور فمن الطبيعي أن يتم إضافة من 20 إلى 40 كيلو غرام للهكتار الواحد.
أضرار حرق الحقول بعد موسم الحصاد
تؤثر عملية حرق المحاصيل الصيفية بعد الحصاد بشكلٍ كبير على التربة وخاصةً أن أغلب المزارعين يعمدون لفعل هذا الأمر، وبحسب سعيد؛ فإنَّ عمليه الحرق تؤدي إلى قتل الكائنات الحية المفيدة للتربة والتأثير على خصوبة التربة وتدمير المادة العضوية المتمركزة في الطبقة السطحية منها، وتقلل أيضاً احتباس الماء وخصوبة التربة بنسبة تصل إلى 30 %، فعملية الحرق لا تسبب خلل للتربة لعام واحد فقط، إنما لخلل تراكمي لعدة سنوات ويؤدي لإفقاد التربة خاصيتها من خلال تحويل التربة إلى ذرات رملية، وبالتالي تخرج من نطاق الاستثمار الزراعي عند تكرار عملية الحرق لعدة مواسم متواصلة، فعندها يجب التعويض بإضافة كميات كبيرة من الأسمدة وتطبيق نظام ري معين، وذلك يزيد من تكاليف الإنتاج بشكلٍ كبير، وتعويض ما تفقده التربة من عناصر مهمة بعد الحرق.
ما يخص المحاصيل العطرية
وتطرّق سعيد إلى ذكر أوقات زراعة المحاصيل العطرية (الكمون، الكزبرة، حبة البركة، الحلبة…) على أنه تزرع أغلبها من شهر كانون الثاني حتى منتصف شباط، وهي محاصيل حساسة، منها محصول الكمون الذي يُعتبر حساس جداً لتعرضه لبعض الآفات الحشرية والأمراض المختلفة، كالذبول وعفن الجذور والبياض الدقيقي، ويتأثر بالرطوبة العالية. لذلك؛ يُنصَح بزراعة محاصيل مبكرة الإنتاج وذات مقاومة ونوعية جيدة ومقاومة لبعض الأمراض. كما يجب المتابعة الدورية للحقل، وفي حال ملاحظة وجود إصابة يجب التدخّل السريع ومعالجتها، كما يجب تنظيف الحقل من الحشائش الغريبة التي تعتبر موئلاً لأغلب الحشرات التي تنقل عدة أمراض معينة.
وقال المهندس الزراعي “محمد سعيد” في ختام حديثه: “نتمنى من الأخوة المزارعين الاهتمام بعمليات الفلاحة وعدد المرات التي تناسب كل محصول في الأوقات المناسبة، فيما يتوافق مع الهطولات المطرية في حال كانت الزراعة بعلية، وبالنسبة للزراعات المروية يستطيع المزارع البذر في أي وقت من هذا الشهر (تشرين الثاني)، ونتمنى أن يعم الخير وتكون هناك كميات مطرية لهذا الموسم وإنتاج جيد يرفع من الحالة الاقتصادية بشكلٍ عام، كما نتمنى من الأخوة المزارعين اتباع الإرشادات الزراعية والنصائح التي يقدمها أصحاب الخبرة والمختصين في هذا المجال”.