قال السياسي الكردي المستقل مصطفى أوسو بأن تدَخّل تركيا في عدد من الدول يعكس بشكل واضح وجلي حلمها ومطامعها في استعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية المنهارة، إلى جانب محاولة أردوغان إلهاء المجتمع التركي، وأشار إلى أنّ دخول الاحتلال التركي على خط المواجهة بين أذربيجان وأرمينيا يكون لصالح الأولى؛ تبعاً لأسبابه الخاصة منها: العداء التاريخي التركي للشعب الأرمني، ومواجهة روسيا.
جاءَ ذلك في حوارٍ أجراه آدار برس معه؛ وهذا نصه:
ـ يتساءل الكثيرون عن سبب الصمت الأمريكي حيال التدخّل التركي في ليبيا، هل هو حلف الناتو الذي يجمع بينهما أم أنه توريط لتركيا؟
الصمت الأمريكي حيال التدخّل التركي في ليبيا من أجل توريطها كما يرى البعض أمر وارد بطبيعة الحال في السياسة. لكن؛ باعتقادي أن المسألة ليست توريطاً بقدر ما هي تفاهم على المصالح وتنسيق يجري وراء الكواليس؛ حتى وإن بدا للعالم أن هناك خلافات بين بعض القوى الكبرى بشأن هذا التدخل، ويبدو أن العامل الأساسي هو التدخل الروسي في ليبيا، وهو ما يستدعي قلقاً وخوفاً أمريكياً من أن تصبح ليبيا بيد الروس وتضيع من يديها مثلما يحدث في سوريا.
ـ ربما لم يتوقع أحد أن تدخل تركيا على خط المواجهة بين أذربيجان وأرمينيا؛ برأيكم ما سبب توسيع الجبهات التي تقوم بها تركيا بعد سوريا والعراق وليبيا؟
توسيع جبهات تدخّل تركيا في عدد من الدول؛ يعكس بشكل واضح وجلي حلمها ومطامعها في استعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية المنهارة، التي ما أنفك يتحدث عنها أردوغان قائلاً إن اهتمامه بكل شبر من الأرض التي وطأتها أقدام العثمانيين، إضافة إلى عامل آخر لا يقل أهمية عما ذكرناه، وهو محاولة أردوغان إلهاء المجتمع التركي والضغط الداخلي عليه جراء الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا.
وفيما يتعلق بدخولها على خط المواجهة بين أذربيجان وأرمينيا لصالح الأولى، فهو أيضاً له أسبابه الخاصة إضافة إلى الأسباب العامة التي ذكرناها، ومنها: العداء التاريخي التركي للشعب الأرمني، ومواجهة روسيا، وهي تتضح من خلال جملة التصريحات التركية التي توظفها للضغط على روسيا التي يشتبك معها في عدة ملفات ومصالح معقدة، من بينها سوريا وليبيا، ويستغلها لتهديد موسكو بشكل مبطن.
– تركيا لا تتوانى في الهجمات على شمال شرق سوريا، وفي الآونة الأخيرة استخدمت الطائرات المُسيّرة وكانت النتيجة جرح وإصابة مدنيين، إضافة إلى جنود روس؛ كيف تقرؤون هذه التطورات؟
التطورات الأخيرة تشير إلى رسائل متبادلة على الأرض السورية بين تركيا وروسيا، واتهمت موسكو فصائل متشددة بالوقوف خلفها، ردت عليها روسيا بقصف مدينة الباب شمال حلب، الواقعة تحت السيطرة والنفوذ التركي، لترد تركيا من جهتها على ذلك بقصف مدينة الدرباسية، مستهدفة نقطة تنسيق للقوات الروسية على طريق الدرباسية ـ الحسكة؛ أدى ذلك أيضاً إلى إصابة جنود روس وقوات النظام المرافقين لهم، ناتجة عن تداخل في الحسابات الروسية التركية شرق سوريا وغربها مع ما يربطها بالملف الليبي أيضاً، يضاف إلى ذلك وجود مؤشرات قوية على نية موسكو استئناف العمليات العسكرية في إدلب، بدعم قوات النظام والمليشيات الإيرانية؛ بهدف السيطرة على المزيد من المناطق فيها، رداً على توسع سيطرة تركيا والقوات الحليفة لها في ليبيا، ونيتها البدء بعملية السيطرة على مدينة سرت، ما يجعل الحسابات التركية ـ الروسية في إدلب ومناطق شرق سوريا عموماً، تدخل في حزمة واحدة مع الملف الليبي ومعركة سرت خصوصاً.
ـ هناك مطالبات من المجتمع الكردي باستكمال الحوار الكردي ـ الكردي، كيف تقرؤون سبب تأخّر البدء بالمرحلة الثانية من الحوار؟
في جميع الأحوال على الطرفين الإسراع في ترجمة مطالب الشعب الكردي باستكمال الحوار الكردي – الكردي من أجل التوصل إلى تشكيل مرجعية كردية شاملة، لقطع الطريق أمام جميع المحاولات الرامية، سواء من قبل تركيا، لاحتلال باقي مناطق شمال وشرق سوريا التي تديرها الإدارة الذاتية، وتشريد سكانها وتغيير ديمغرافيتها في نسخة جديدة مطابقة لما حدث قبل ذلك في عفرين وسري كانيه/ رأس العين وكري سبي/ تل أبيض أو من قبل الحكومة السورية لإخضاعها لسيطرتها وإرجاع الأوضاع فيها إلى ما كانت عليه قبل عام 2011، وذلك بحجج منها: عدم تمثيلها لجميع ممثلي الشعب الكردي وشعوب المنطقة.
ـ كيف ترون مستقبل شمال وشرق سوريا، في ظل تعنّت الحكومة السورية، وتكالب الدولة التركية المحتلة على المنطقة؟
منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قرار الولايات المتحدة الأمريكية انسحاب قواتها من سوريا إبان العدوان التركي على مناطق شمال شرق سوريا، في التاسع من تشرين الأول 2019، والمنطقة تشهد حالة تنافس وصراع غير مسبوق من أجل المزيد من السيطرة وتوسيع النفوذ فيها، حيث زاد من حدتها تراجع الولايات المتحدة عن قرار الانسحاب من المنطقة وبدئها بتسيير دورياتها بكثافة فيها، والذي أدى للتصادم مع الدوريات الروسية الساعية بدورها لتوسيع نفوذها وسيطرتها؛ ما عُدَّ بمثابة قرار لترميم خطأ قرار الانسحاب وكسب ثقة حلفائها وشركائها في المنطقة لتفادي فرض روسيا والنظام السوري وإيران أجنداتها في المنطقة، إضافة إلى أن رعاية الولايات المتحدة الأمريكية للحوار الكردي ـ الكردي، واهتمامها بنجاحه، يؤشر لوجود مشروع في المنطقة يساهم في استقرارها وتعايش شعوبها وصيانة أمنها وسلامها، بمنع عودة النظام إليها أو احتلالها من قبل الاحتلال التركي ومرتزقته وتهجير وتشريد أهلها وجلب الغرباء إليها؛ من أجل تغيير ديمغرافيتها السكانية، كما حدث في المناطق التي سبقتها.