سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

مصر واليونان… وفرض الإرادة في المتوسط

عاطف عبد الستار –

تشهد علاقات مصر واليونان الممتدة منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام زخماً وتطوراً عظيماً بتوقيع اتفاقية تعيين المنطقة الاقتصادية الخالصة وترسيم الحدود البحرية بين البلدين في شرق البحر المتوسط بعد سلسلة من المفاوضات منذ 2003 لأن ترسيم الحدود البحرية يكون بين الدول المتجاورة أو المتقابلة.
الاتفاق صفعة قوية لتركيا الطامعة في ثروات البحر المتوسط، ويمنعها من التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط، بموجب الاتفاقية، ستتصدى مصر واليونان للتحركات التركية غير المشروعة في مياه البحر المتوسط، وتفتح الطريق أمام مرحلة جديدة في التعاون الثنائي والإقليمي للاستفادة من ثروات شرق المتوسط ومواجهة الإرهاب، وتعظيم منتدى غاز شرق المتوسط.
الأهمية الكبرى لاتفاقية ترسيم الحدود بين مصر واليونان أنها تمثل “فرض الإرادة” وتلغى اتفاقية تركيا وحكومة الوفاق كونها تغطى بعض المناطق التي تشملها الاتفاقية وتستطيع أن تقول إنها ضربة معلم، ومنذ اليوم يتم القضاء على أحلام أردوغان في شرق المتوسط.
الاتفاقية تعطي لمصر كامل الحرية في التنقيب عن الثروات النفطية على حدودها البحرية بشكل قانوني وينهى الصراع حول الطاقة والغاز الطبيعي في شرق المتوسط، وتقضي على أطماع أردوغان بشكل قاطع، خصوصًا أطماعه في ثروات ليبيا، لأن اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر واليونان من ضمن الآثار التي ترتبها عدم وجود حدود مشتركة بين تركيا وليبيا، إنها نصر سياسي واقتصادي كبير لمصر ولشعبها وللرئيس السيسي وخط أحمر آخر لأردوغان وتأكيد أن مصر لها الكلمة العليا في المنطقة وإرادتها تمشي على الجميع.
وعلى الجانب الآخر، هزيمة كبيرة لأردوغان وقضاء على أطماعه في ثروات المنطقة وثروات المتوسط، وتسد أي ثغرات يحاول البلطجي أردوغان النفاذ منها، خلاف تركيا مع اليونان وقبرص بالأساس نظرا لقرب سواحل الدولتين من تركيا ويوجد نزاع حول جزر يونانية في بحر إيجة، بعد توقيع مصر وقبرص الاتفاق والذي أتاح لنا اكتشاف حقل ظهر، والشهر الماضي وقعت إيطاليا واليونان اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بينهما.
اتفاق مصر واليونان في غاية الأهمية خلال هذا التوقيت وهو يوم تاريخي كما وصفه وزير الخارجية اليوناني، وهي اتفاقية وفق القانون الدولي، بعكس ما وقعه أردوغان والسراج من اتفاق غير قانوني وغير شرعي، مصر واليونان ستقومان بالتنقيب عن الثروات في البحر المتوسط، وسيتم مواجهة أي بلطجة تركية في المناطق الخاصة بهذه الاتفاقية.
لقد تم اتخاذ إجراءات الترسيم القانوني لحدود المناطق الاقتصادية الخالصة لكل من مصر وقبرص واليونان وإيطاليا وسلمت للأمم المتحدة، وقد أصبحت واقعا قانونيا يخرق عين تركيا التي لم توقع على قانون البحار حتى هذه اللحظة ومن ثم ليس لها الحق في التعليق على اتفاقية هي أساسا لم توقع عليها، ومن ثم سيظل القرد العثمانلى في حالة إنكار وصياح دون أي نتيجة لأنه ببساطة لن يستطيع أن يقترب عمليا من المناطق الاقتصادية للدول الأربعة.
بعد ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان وقبرص، مصر ستحصد مميزات جديدة من الاتحاد الأوروبي، كتسهيل الفيزا المفتوحة وتخفيض الجمارك وزيادة حجم الاستثمارات، وتفتح الاتفاقية الباب لاكتشافات جديدة وتفتح وطرح مزايدات جديدة أمام الشركات العالمية للتنقيب، ومد أنابيب الغاز تجاه أوروبا، مما يمهد لمصر أن تكون مركز طاقة إقليمياً وليس تركياً… سلاماً على مصر.