يتسبب انخفاض منسوب السدود المائية في شمالي سوريا جراء تقليل كميات المياه المتدفقة عبر نهر الفرات من تركيا إلى الأراضي السورية بأضرار بالغة، هذه الأيام، على مشاريع الري في الرقة، ما يجبر المزارعين على استخدام محركات لضخ المياه إلى أراضيهم، الأمر الذي يزيد من تكاليف زراعتهم.
يجد مزارعون في ريف الرقة أنفسهم مجبرين على تحمل تكاليف إضافية خشية التعرض لخسارة مواسمهم التي دفعوا مصاريف زراعتها وسقايتها حتى الآن، وحول تأثير انقطاع مياه الري في الرقة أشار العديد من المزارعين لوكالة نورث برس إلى الأضرار التي لحقت بهم نتيجة ذلك.
“لم تَصِلنا مياه الري منذ بداية الموسم”
حيث قال خليل العثمان الحمود (٦٧ عاماً)، وهو مزارع من قرية الحكومية، /20/ كم شمال الرقة، إنه اضطر إلى استعمال المحركات لسقاية قرابة /100/ دونم من القطن بسبب انقطاع مياه الري، وتابع: “لم تصلنا مياه الري منذ بداية الموسم ولا نعلم ما السبب؟ مرة يقولون إن منسوب نهر الفرات قد انخفض ومرة يقولون إن عدم توفر الكهرباء يمنع تشغيل محطات الري، وكل هذه الأمور تسبب الضرر لنا نحن المزارعين”.
وأضاف أن تكلفة ري كل /٣٠/ دونماً لمرة واحدة تبلغ /٨٤/ ألف ليرة سورية، إذ أنه يشتري برميل المازوت بـ /42/ ألف ليرة، وأردف: “وهذا كثير جداً، فالقطن يحتاج إلى ري كل عشرة أيام”.
ويرى ” خليل العثمان الحمود” أن من واجب مكتب الري في مجلس الرقة المدني تأمين مياه الري للمزارعين، وإن لم يتوفر ذلك “يترتب على المكتب على الأقل تأمين ترخيص المازوت في المحطات”.
“لا يتوفر ري ثابت في حقولنا”
ومن جانبه، قال أحمد الكدرو (٥١ عاماً)، وهو مزارع من قرية “الحكومية” ولديه قطعة أرض مزروعة بالذرة الصفراء: “لا يتوفر ري ثابت في حقولنا، لانخفاض منسوب المياه في المحطات وعدم انتظام تشغيلها بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء”.
وأضاف: “اشتريت محركاً يعمل على الديزل لري الحقل لأن الري النظامي قد ينقطع في أي لحظة مسبباً لي كارثة، نظراً للتكاليف التي تكبدتها حتى الآن”.
لم يزرع أرضه هذا الموسم بسبب نقص المياه
ولم يزرع محمد العلي الخطاب (62 عاماً)، من مزرعة ميسلون التي تبعد /15/ كم شمال مدينة الرقة، أرضه هذا الموسم بسبب نقص المياه في المواسم السابقة، “لم أستطع المغامرة بزراعة الأرض خشية انقطاع المياه وسط الموسم، وبالتالي تكبد خسارة لا تعوض”.
ويعيل “الخطاب” عائلة كبيرة مكونة من /28/ فرداً، ولا يوجد لديه أي مصدرٍ آخر للرزق أرضه التي تبلغ /30/ دونماً، حيث نوه بالقول: “لو كنت أمتلك القدرة لحفرت بئراً ورويت أرضي ولكن هذا المشروع مكلف جداً”.
صعوبة تشغيل مضخة المياه بسبب انقطاع الكهرباء
وقال في سياق الموضوع المسؤول في مكتب الري بالرقة شيخ نبي خليل، لـ “نورث برس”، إن مساحة أراضي الزراعات المروية في الرقة تبلغ /٨٨/ ألف هكتار، وتوجد /23/ محطة لضخ المياه، لكنهم يواجهون صعوبة في تشغيلها بسبب انقطاع الكهرباء بشكلٍ متكرر عقب انخفاض منسوب المياه في سد الفرات، الأمر الذي انعكس سلباً على مشاريع الري.
وأضاف “الخليل” أن انخفاض “منسوب الفرات” تسبب أيضاً بنقص كمية المياه اللازمة لضخها في قنوات الري، وتابع: “كان من المفترض أن تضخ المحطات /٩٥/ متر مكعب من المياه في الثانية الواحدة في مثل هذا الوقت، ولكن انخفاض المياه دفع إلى تخفيض نسبة الضخ إلى /٧٥/ متر مكعب وهي كمية قليلة”.
مضيفاً بأنه يتم ضخ المياه نهاراً إلى الريف الغربي وليلاً إلى الريف الشرقي، ويؤكد بالقول: “نعمل حالياً على سحب المياه من المخزون الرئيسي للبحيرة، لكن هذا الأمر يشكل خطراً على السد”.
“انخفاض المياه قد يؤدي إلى تصحّر المنطقة”
وحذّر المسؤول في مكتب الري بالرقة شيخ نبي الخليل من أن انخفاض المياه قد يؤدي إلى تصحّر المنطقة وانهيارها اقتصادياً كونها تعتمد في المقام الأول على الزراعة التي تعتبر مصدر الغذاء الرئيسي للسكان، بحسب قوله.
وكانت الإدارة العامة للسدود في شمال شرقي سوريا قد أعلنت أواخر حزيران/ يونيو الماضي، عن خفض ساعات التغذية الكهربائية، بسبب انخفاض منسوب مياه سدي الفرات وتشرين بسبب قطع تركيا للمياه.
وقال في خضم هذا الموضوع رئيس غرفة العمليات في سد تشرين، المهندس جهاد بيرم، في وقتٍ سابق لـ “نورث برس”، إن الوارد المائي عبر نهر الفرات لا يتعدى /200/ متر مكعب من المياه، رغم أن الاتفاقات تنص على أن يكون الوارد المائي /500/ متر مكعب في الثانية.
وتنص اتفاقية أبرمت بين سوريا وتركيا عام 1987 على تعهد الجانب التركي بتوفير تدفق المياه بمعدل /500/ متر مكعب في الثانية إلى الأراضي السورية.