بينت الرئيسة المشتركة لحزب التغيير الديمقراطي الكردي، مزكين زيدان “أن الجرح السوري النازف، لن يكتب له الشفاء، إلا إذا تحاور السوريون مع بعضهم، دون الاستناد إلى أي طرف خارجي، وبعيدا عن أي أجندة دخيلة”، وأكدت: أن أي دستور لا يشارك في رسم معالمه، ممثلو الشعوب السورية، لن يساهم في أي تغيير مأمول، موضحة أن تركيا من خلال هجومها الواسع على باشور كردستان، وشمال وشرق سوريا تهدف النيل من إرادة الشعب الكردي، والشعوب التواقة للديمقراطية والحرية.
جاء ذلك في الحوار، الذي أجرته صحيفتنا معها، وإليكم نصَّ الحوار كاملا:
-خلّف الصراع الدائر على الجغرافية السورية، خلال عقد من الزمان واقعا مريرا، برأيكِ إلى متى ستستمر محنة السوريين، وهل من حلولٍ تلوح في الأفق؟
الحقيقة، التي لا تخفى على أي إنسان، أن سوريا منذ أكثر من عشر سنوات، تعيش أزمة حقيقية، وواقعا صعبا من أقصاه إلى أقصاه، والحل الوحيد فيما يتعلق بالأزمة السورية، يكمن في الجلوس، وفي التحاور وجها لوجه بين السوريين كافة، دون تدخل أي أطراف خارجية، فلا أحد يتأثر بجرح السوريين، غير السوريين أنفسهم، “فالجرح لا يؤلم إلا من به ألم”.
ولا شك أن الضالعين كلهم في الشأن السوري، يعدّون سوريا شطيرة، أو كعكة، يجب تقاسمها، والكل يريد أن يحصل على أكبر قطعة منها، وفي هذه الحالة ستستمر معاناة الشعوب السورية، وستستمر المقتلة السورية، إلا إذا وضعنا يدنا على جرحنا، وجلسنا حول طاولة حوار مستديرة، ورسمنا مع بعض خارطة للحل، يشارك فيها الجميع دون استثناء، ودون إقصاء لأي أحد، فسوريا لوحة فسيفساء، لا يمكن أن تكتمل بغياب قطعة، أو لون فسيفسائي.
-دعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا (غير بيدرسون) إلى اجتماع جديد للجنة الدستورية السورية، في نهاية شهر أيار الجاري، هل تتوقعون، أن ينجح المشاركون في ظل غياب تمثيل حقيقي للشعب السوري، في وضع دستور يلبي طموحات السوريين؟
ما يسعى إليه مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا (غير بيدرسون)، باعتقادي، لم ينجح، ولن يحقق أي هدف من أهدافه، ومثل هذه المبادرات الأممية عصية على الحل، وسط غياب أحد أهم الأطراف السورية، ولن تكون مخرجاته بالمستوى المطلوب، ولن يكون هناك أي نجاح يذكر، عندما يتم تغيب أي سوري على حساب آخر، فسوريا فيها شعوب عدة، وعندما يغيّب ممثلو أي شعب أصيل على الجغرافية السورية من المشاركة في صنع المستقبل السوري، فإن آمال السوريين المتطلعين إلى الحرية والديمقراطية، والتعددية ستتلاشى، وتتبخر.
-على الرغم من نداءات الحوار المتكررة، التي يوجهها مجلس سوريا الديمقراطية، والإدارة الذاتية لحكومة دمشق، إلا أن الأخيرة تصر على الحلول الأمنية، ولا تبدي أي رغبة في التحاور مع أي طرف سوري، لماذا هذا التمترس وراء الحلول الأمنية، التي أثبتت فشلها طيلة السنوات السابقة؟
خلال سنوات الأزمة، وإلى الآن وجهت الإدارة الذاتية عشرات النداءات لحكومة دمشق، من أجل الحوار والتفاوض، لوضع حد للأزمة السورية، إلا أنه لا حياة لمن تنادي، ومع الأسف الشديد، لا تبدي حكومة دمشق أي رغبة للتحاور، وأي رغبة للاستماع، لأي طرف بل تصر على أمر واحد، وهو السيطرة على كامل التراب السوري، وفرض الحلول الأمنية، والعودة بسوريا إلى ما قبل 2011، فهي ترى من خلال حلولها الأمنية ديمومة لها، وليس من مصلحتها التحاور، وبحث المشكلة السورية مع أي طرف، ونأمل أن تعي حكومة دمشق والسوريون كلهم، دون استثناء، أن المصلحة السورية العليا، تكمن في الحوار السوري – السوري، فالحوار وحده كفيل، بأن يضع حدا لجرح السوريين النازف.
-منذ أيام تتعرض مناطق الدفاع المشروع، وشمال سوريا، لهجمات من قبل الاحتلال التركي، وفق رؤيتك للمشهد على الأرض، ما الذي تخطط له تركيا من هجومها الواسع النطاق؟
تركيا على مر الزمان، لا تقبل أن يكون للكرد كيانٌ خاصٌّ بهم، ولا حتى بقعة صغيرة جدا، في أي مكان من العالم، فهي تستخدم قوتها كلها، لتنال من وحدتنا، ففي تفرقتنا، وعزلتنا عن بعضنا، وفي توسع خلافاتنا، وحدة لها دون أدنى شك، وكل خلاف كردي – كردي، يصب في مصلحتها، وهناك جهود حثيثة منها لجعل الأخوة أعداء، ومع الأسف الشديد وقع الكثير من الكرد في فخهم، وأصبحوا مساعدين لهم في احتلال أرضنا، ومن جانب أخر، تسعى تركيا بشتى الوسائل المتاحة، القضاء على القضية الكردية العادلة، والمشروعة، ودفنها في التراب.
إن ما تقوم به تركيا اليوم من عدوان على (باشور كردستان وروج آفا وشمال وشرق سوريا) يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية، ويستوجب على المجتمع الدولي محاسبتها، ومن ناحية أخرى، أن التدخل التركي السافر في باشور كردستان، والهجوم الوحشي، الذي تشنه برا وجوا على مناطق الدفاع المشروع، ما هو إلا خرق واضح لسيادة الدولة العراقية، إن استهداف المدنيين على طول حدود شمال وشرق سوريا في (زركان، وتل تمر، وعين عيسى، وكري سبي، وسري كانيه، وكوباني، وتل رفعت، وعفرين، ومنبج ) بالطائرات المسيرة، والمدفعية الثقيلة، الهدف منه النيل من إرادة الشعوب، التي آمنت بالحرية، والديمقراطية، والأخوة، والتعايش المشترك، وإعادة أمجاد السلطنة العثمانية الزائفة.
-في سياق متزامن مع التصعيد العسكري التركي على شمال وشرق سوريا، هناك مشروع طرحه أردوغان، يتعلق ببناء مستوطنات، لمليون ونصف لاجئ سوري، في المناطق المحتلة من سوريا، ما الهدف من هذا المشروع؟
إن مشروع أردوغان، المتمثل حول إعادة توطين مليون ونصف المليون لاجئ سوري في المناطق، التي تحتلها تركيا من سوريا، من خلال بناء وحدات سكنية استيطانية، بأموال قطرية، وكويتية، الهدف منه واضح وضوح الشمس، فالغاية تكمن في تغيير التركيبة الديمغرافية لسكان الشمال السوري، وبالأخص الكرد، (فعفرين، وسري كانيه، وكري سبي، وبقية المناطق الأخرى)، هي مناطق كردية، ومثل هذه الخطوة، إن تمت فإنها ستخلق مشاكل كثيرة، وفتنة لا تنتهي بين الشعوب، فمن يسعى أردوغان لجلبهم، لن يعودوا إلى بيوتهم، ومناطقهم، وإنما سيستوطنون في أرضٍ، ليست ملكا لهم، وهنا الطامة الكبرى، وهناك أمر آخر يحاول أردوغان الاستفادة منه في طرحه لهذا المشروع الاستيطاني، وهو كسب التأييد الشعبي التركي، قبل الخوض في الانتخابات الرئاسية التركية العام المقبل، وكذلك التغطية على الضائقة الاقتصادية، التي تعيشها تركيا في عهده.