أشارت الرئيسة المشتركة لهيئة الشؤون الاجتماعية والكادحين في الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا، مريم الابراهيم، أن الإدارة الذاتية حققت الكثير من الإنجازات والمكتسبات على الرغم من الهجمات والحصار، اللذين تتعرض لهما وبشكل مستمر، وأكدت، أنه بتكاتف شعوب المنطقة؛ استطاعت الوقوف في وجه المخططات، التي تُحاك ضدها، وأوضحت، أن كل ما تحقق اليوم هو بالتطبيق العملي لمبدأ الأمة الديمقراطية، الذي يعتمد على فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان.
ستة أعوام من الجد والعمل
صادف السادس من أيلول الجاري، الذكرى السنوية السادسة لإعلان تأسيس الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، في العام 2018، هذه الإدارة، التي استطاعت توحيد مكونات وشعوب إقليم شمال وشرق سوريا، ضمن مقاطعاتها السبع في هيكلية، وإطار تنسيقي واحد، وحمت شعوب الإقليم من خطر الإبادة والمجازر، التي تتعرض لها، على يد المجموعات المرتزقة من جبهة النصرة وداعش بالإضافة للاحتلال التركي ومرتزقته، الذي يواصل عدوانه على الإقليم.
وبتحرير مناطق شاسعة من إقليم شمال وشرق سوريا، تشكّلت أربع إدارات مدنية جديدة، بالإضافة إلى الإدارات الذاتية الثلاث، التي كانت موجودة الجزيرة، وكوباني، وعفرين، فوصلت في العام 2024 للإعلان عن التقسيمات الإدارية المتضمنة سبع مقاطعات؛ اندرجت في ظلها المدن والبلدات، والقرى في عموم إقليم شمال وشرق سوريا.
هذه المقاطعات السبع بُنيت على حوامل وطنية ومجتمعية، واضعةً نُصب أعينها السعي للحل الشامل والكامل لسوريا، حيث باتت الإدارة الذاتية النموذج الأمثل لحل القضايا العالقة في سوريا والمنطقة؛ لأنها أسِّست على أسس ومبادئ الأمة الديمقراطية في التعايش المشترك وأخوة الشعوب، والتنوع الثقافي، والاعتراف بالآخر ومشاركة الجميع في إدارة المنطقة دون تمييز، اعتماداً على إرادة المجتمع في إدارة نفسه بنفسه، وتحقيق مطالبه واحتياجاته مع الحفاظ على الحدود السياسية للجغرافية السورية.
وقد كان أبرز أسباب الإعلان عن الإدارة الذاتية، الحاجة الماسة لتوحيد الجهود والطاقات، في إطار هيكلية جديدة بعد تحرير المنطقة من داعش، وبذل الجهود في سبيل تقديم الخدمات لشعوب المنطقة، والدفاع عنها ضد الأخطار المحدقة بها.
الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا، تواجه اليوم العديد من التحديات على المستويات كافة، المتمثلة بالهجمات المباشرة التي تتعرض لها من دولة الاحتلال التركي، ومن الحرب الخاصة التي تحيكها العديد من الأطراف لإفشال هذه التجربة، والتي أثبتت يوماً بعد يوم بأنها الحل الأمثل لإنهاء الصراع والحرب الدائرة في سوريا.
نجاح الإدارة الذاتية منطلق من تكاتف شعوبها
وفي السياق؛ التقت صحيفتنا مريم الإبراهيم؛ الرئيسة المشتركة لهيئة الشؤون الاجتماعية والكادحين، في الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا: “إن “مشروع الإدارة الذاتية ومنذ التأسيس؛ استطاع تحقيق الكثير من الإنجازات، والدليل الأوضح على ذلك هو تمازج الشعوب والمكونات مع بعضها، لتكون خلية واحدة من النشاط والعمل، والمكاسب التي تحققت خير دليل على الجهود المضاعفة، التي بذلت رغم الصعوبات التي واجهتها، وكان من أكبر إنجازاتها صياغة العقد الاجتماعي في الآونة الأخيرة، والمصادقة عليه من ممثلي الشعوب كافة، ونحن اليوم في مرحلة التطبيق العملي لهذا العقد”.
وأضافت: إن “هناك الكثير من الدلائل على نجاح الإدارة الذاتية في مشروعها الديمقراطي، ونحن في هيئة الشؤون الاجتماعية والكادحين، فقد حققنا العديد من المشاريع في هذا الصدد، وخاصة مع وجود هذا الكم الكبير من المخيمات في إقليم شمال وشرق سوريا، وعدم قيام المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاههم، حيث يقطن هذه المخيمات الكثير من العوائل في الداخل السوري، إضافة إلى النازحين والمهجرين قسراً من المدن المحتلة مثل: عفرين، وسري كانيه، وكري سبي، والإدارة الذاتية تتكفل بتقديم كل ما أمكن من رعاية وحماية، في ظل غيات المؤسسات والمنظمات الإنسانية بتقديم العون والمساعدة لهم”.
ولفتت: “في الحقيقة الإدارة الذاتية نجحت إلى حد كبير في تحقيق كل ما هو ممكن، وهي اليوم تنال ثقة الشعوب في المنطقة، وهذا هو هدف الإدارة الذاتية، وشعوب المنطقة ألفت الإدارة الذاتية في تحقيق طموحاتها، ولولا الهجمات والحصار المفروض على مناطق الإدارة الذاتية، لقدمت أكثر من ذلك بكثير”.
وعن المعوقات، التي لازالت تواجه مشروع الإدارة الذاتية، أشارت مريم إلى، أن “محاربة دولة الاحتلال التركي هذا المشروع يمثل العائق الأكبر في تحقيق التقدم التي تريده، فهي حتى الآن تهاجم وتستهدف المدنيين والعسكريين، والبنى التحتية في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، وتقدم الدعم لمرتزقة داعش وتستخدمها لضرب المشروع الديمقراطي للإدارة الذاتية، وتحتل مدنناً من شمال وشرق سوريا وعفرين، وتقوم بقطع المياه عن أهلنا في الحسكة وأريافها، وعلى مدار العام تقطع مياه نهر الفرات عن المنطقة، ذلك كله من أجل إفشال تجربة هذه الإدارة”.
ونوهت مريم، إلى “إن دولة الاحتلال التركي، بالإضافة إلى بعض الدول الإقليمية الأخرى، تعمل على التنسيق المتواصل مع بعضها، ومع خلايا مرتزقة داعش، لشن الهجمات على إقليم شمال وشرق سوريا، كما تعمل هذه الدول بالتنسيق كذلك مع حكومة دمشق على محاولة دق إسفين بين شعوب المنطقة ومحاولة بث الفتن لضرب الأمن والاستقرار، كما حدث في مقاطعة دير الزور مؤخراً”.
نسف المشروع غاية المحتل التركي
وأردفت: “جميعنا يعلم، أن الدولة التركية ومرتزقة داعش؛ يهدفان لنسف هذا المشروع الديمقراطي، ولا نستطيع الفصل بينهما، ورأينا عندما تم القضاء على داعش جغرافياً في آخر معاقله بالباغوز، من قوات سوريا الديمقراطية، كيف باشرت الفاشية التركية الهجوم على عفرين انتقاما لخسارة ربيبتها داعش، ومن ثم احتلت سري كانيه، وكري سبي”.
وحول ثقة شعوب المنطقة بمشروع الإدارة الذاتية، قالت مريم: إن “هذا المشروع بني بسواعد شعوب إقليم شمال وشرق سوريا، لذا فإن هذه الشعوب تثق بمشروعها، لما يتمتع به من انفتاح فكري، وسياسي، واقتصادي، وأبناء المنطقة متمسكون بالوقوف خلف الإدارة الذاتية، ويرون فيها خلاصهم وأملهم”.
وأكدت: “هناك العديد من الأطراف تحارب مشروع الإدارة الذاتية، وبكل الوسائل الممكنة، وعلى الرغم من الإمكانات المحدودة، فقد صمدت أمام التحديات التي واجهتها، واستطاعت تقديم كل ما أمكن لشعوبها، وعلى رأس الأطراف، التي تحاربها دولة الاحتلال التركي، وحكومة دمشق، وإن شعوب المنطقة تدرك حجم الصعوبات، التي تواجه الإدارة الذاتية، لذلك قررت الوقوف إلى جانبها مهما كانت التكاليف، واختارت الصمود والمقاومة في وجه المخططات، التي تستهدف النيل منها”.
وتابعت: إن “مفتاح حل الأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من 13 عاماً، يتمثل بتعميم مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية على الأراضي السورية، لتكون الأساس للحلول الممكنة، وأيضاً تبني اللامركزية والعمل على تحقيقه، في إطار سوريا موحدة”.
وبخصوص رأي السوريين خارج مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، بمشروع الإدارة الذاتية، أشارت مريم: “لما لمسوه من خلال اللقاءات المستمرة مع السوريين خارج مناطق الإدارة الذاتية، فقد عبروا عن رغبتهم الكبيرة في تطبيق هذا المشروع في مناطقهم؛ وحراك السويداء خير دليل على ذلك”.
واستطردت: “السوريون في كل مكان يشيدون بمشروع الإدارة الذاتية، من خلال التواصل معهم، وأيضاً من خلال ما نراه على وسائل التواصل الافتراضي، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن السوريين في الداخل والخارج أيضاً، باتوا مؤمنين بأن نموذج الإدارة الذاتية الديمقراطية وتطبيق اللامركزية في سوريا، هما الحل الأمثل لحل معاناتهم، وأن الحوار بين السوريين كفيل بالمضي قدماً لحل الأزمة السورية، وينظرون إلى أن العالم إذا ما أراد حل الصراع في سوريا، عليه الاعتماد على تجربة الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا”.
وفي ختام حديثها؛ هنأت الرئيسة المشتركة لهيئة الشؤون الاجتماعية والكادحين، في الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، مريم الإبراهيم، شعوب إقليم شمال وشرق سوريا بمناسبة الذكرى السادسة للإعلان عن الإدارة الذاتية الديمقراطية، متمنية أن يتم تعميم هذه التجربة على الأراضي السورية كافة، ليكون الأساس لإنهاء معاناة السوريين منذ ثلاثة عشر عاماً.