يُعدّ التهاب السحايا عدوى نادرة تصيب الأغشية الرقيقة التي تغطي الدماغ والنخاع الشوكي وتُعرف بالسحايا، ويمكن أن يؤثر التهاب السحايا في الأفراد من جميع المراحل العمرية، إلّا أنّه أكثر انتشاراً بين الأشخاص الذين يعيشون في أماكن مكتظة ومزدحمة، وكذلك المراهقين، وطلاب الجامعات، وطلاب المدارس الداخلية، ويمكن أن تسبب بعض أنواع التهاب السحايا العديد من المضاعفات مثل: (الصدمة أو انخفاض ضغط الدم)، إضافة إلى المشاكل العصبية مثل: (فقدان السمع، وضعف البصر، والتشنجات، وصعوبات التعلم)، كما قد تؤثر بعض أنواع التهاب السحايا في القلب، والكلى، والغدة الكظرية، ومن الجدير بالذكر أنّ تلقي العلاج الصحيح بشكل سريع يمكن أن يساعد على التعافي بشكل كامل من الإصابة.
أنواع مرض السحايا
يُقسم مرض السحايا إلى أنواع عديدة، وهي كما يلي:
ـ التهاب السحايا البكتيري: يمكن أن يكون التهاب السحايا الناجم عن البكتيريا قاتلاً، ولذا فإنّه يتطلب عناية طبيّة فورية، إذ يمكن أن يحدث الموت في أقل من بضع ساعات، إلّا أنّ معظم المرضى يتعافون من التهاب السحايا، وقد يسبب هذا النوع من الالتهاب الإعاقات الدائمة مثل: (تلف الدماغ، وفقدان السمع، وصعوبات التعلم)، وقد تنتج هذه العدوى عن عدة أنواع من البكتيريا ومن بينها بكتيريا العقديَّة الرِّئويَّة، والمجموعة ب العقدية، والنَّيسريَّة السِّحائية، والمُستَدمية النَّزليَّة، واللِّيستريَّة المُسْتوحدة.
ـ التهاب السحايا الفيروسي: وهو أكثر أنواع التهاب السحايا شيوعاً، وفي الغالب تكون أعراضه ومضاعفاته أقل حدة من التهاب السحايا البكتيري، كما أنّ معظم المصابين يتعافون بشكل تلقائي دون الحاجة إلى علاج، ويُعدّ الأطفال الذين تقل أعمارهم عن شهر واحد، والأشخاص الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات خطيرة نتيجة التهاب السحايا الفيروسي، وتُعدّ الفيروسات المعوية السبب الأكثر شيوعاً لالتهاب السحايا الفيروسي، وخاصة في أواخر الربيع وحتى بداية الخريف، وتتضمن الفيروسات الأخرى التي يمكن أن تسبب التهاب السحايا الفيروسي:( فيروس النكاف، وفيروسات الهربس بما في ذلك: فيروسات الهربس البسيط، والفيروسُ النطاقي الحماقيّ الذي يسبب جدري الماء والحزام الناري، وفيروس الحصبة، وفيروس الإنفلونزا، والفيروسات المنقولة بالمفصليات مثل: فيروس غرب النيل، وفيروس التهابُ السَّحايا، والمشيميَّات اللِّمفاوي).
ـ التهاب السحايا الفطري: يُعدّ هذا النوع من التهاب السحايا نادر الحدوث وينتج عادة عن انتشار الفطريات عبر الدم إلى الحبل الشوكي، ويُعدّ الأشخاص الذين يعانون من ضعف جهاز المناعة مثل: (مرضى فيروس نقص المناعة البشرية أو السرطان) أكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من السحايا، ويُعدّ السبب الأكثر شيوعاً لالتهاب السحايا الفطري لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي هو فطر المُستخفِيَة.
ـ التهاب السحايا الطفيلي: يمكن أن تسبب الطفيليات التهاب السحايا أو تؤثر في الدماغ أو الجهاز العصبي بطرق أخرى، وبشكل عام يُعدّ التهاب السحايا الطفيلي أقل شيوعاً من التهاب السحايا الفيروسي والبكتري.
ـ التهاب السحايا الأميبي: يُعدّ التهاب السحايا والدماغ الأميبي الأولي عدوى نادرة ومدمرة تصيب الدماغ، وتسببها النِّيجلريَّة الدَّجاجيَّة، وهي أميبة مجهرية حرة تعيش في المياه الدافئة والتربة.
ـ التهاب السحايا غير المعدي: يمكن أن تنتج الإصابة بالتهاب السحايا عن السرطانات، أو الذئبة الحمامية الجهازية، أو تناول بعض الأدوية، أو التعرض لإصابة في الرأس، أو الخضوع لجراحة في الدماغ.
أعراض مرض السحايا
تختلف أعراض التهاب السحايا باختلاف نوع السحايا وعمر المصاب، ومنها ما يلي:
ـ أعراض التهاب السحايا الفيروسي: تضم أعراض التهاب السحايا الفيروسي عند الرضع قلة الشهية، والتهيج، والنعاس، والخمول، والحمى، بينما يمكن أن يسبب التهاب السحايا الفيروسي لدى البالغين: (الصداع، والحمى، وتصلب الرقبة، والنوبات التشنجية، والحساسية للضوء الساطع، والنعاس، والخمول، والتقيؤ، والغثيان، وقلة الشهية).
ـ أعراض التهاب السحايا الفطري: وتضم الغثيان، والقيء، والحساسية للضوء، والحمى، وصداع الرأس، والتشوش الذهني.
ـ أعراض التهاب السحايا البكتيري: تضم الأعراض المبكرة لالتهاب السحايا البكتيري لدى البالغين التقيؤ، والغثيان، والحمى، والصداع وتصلب الرقبة، والألم العضلي، والحساسية للضوء، والتشوش الذهني، وبرودة اليدين أو القدمين، والجلد المرقش، والطفح الجلدي، أما الأعراض المتأخرة فتتضمن النوبات التشنجية والغيبوبة، أما الأعراض لدى الرضع فتضم: (سرعة التنفس، ورفض الرضاعة والطعام، وسرعة الانفعال، والبكاء بشكل مفرط، أو البكاء بأنين عالي النبرة، والتصلب، وعدم مرونة الجسم).
الوقاية من مرض السحايا
يمكن أن تنتشر البكتيريا أو الفيروسات الشائعة التي يمكن أن تسبب التهاب السحايا من خلال: السعال، أو العطس، أو التقبيل، أو مشاركة أواني الأكل، أو فرشاة الأسنان، أو السجائر، ويمكن أن يساعد اتباع النصائح الآتية في منع التهاب السحايا:
ـ غسل اليدين: يساعد غسل اليدين بعناية على منع انتشار الجراثيم، ويُنصح بتعليم الأطفال ضرورة غسل أيديهم عدة مرات يومياً، وخاصة قبل الأكل، وبعد استخدام المرحاض، وعند قضاء بعض الوقت في مكان عام مزدحم.
ـ ممارسة النظافة الجيدة: ينبغي تجنب مشاركة المشروبات، أو الأطعمة، أو أواني الأكل، أو بلسم الشفا،ه أو فرشاة الأسنان مع أي شخص آخر.
ـ المحافظة على الصحة: يمكن أن يساعد أخذ قسط كاف من الراحة، وممارسة الرياضة بانتظام، وتناول طعام صحي غني بالفواكه، والخضروات الطازجة، والحبوب الكاملة على تحسين وظيفة جهاز المناعة ومقاومة الأمراض.
ـ تغطية الفم: تنبغي تغطية الفم والأنف عند السعال أو العطس.
ـ الاعتناء بالطعام للحامل: ينبغي على الحامل أن تتأكد من طهو الطعام جيداً، وخاصة اللحوم بحيث تصل إلى درجة حرارة 74 درجة مئوية أثناء الطهو، وذلك لتقليل خطر الإصابة بالليستريات، كما ينبغي تجنب تناول الجبن المصنوع من الحليب غير المبستر.
ـ التطعيم: يمكن الوقاية من بعض أشكال التهاب السحايا البكتيري والفيروسي بالحصول على العديد من التطعيمات مثل: (تطعيم المستدمية النزلية من النوع ب، وتطعيم المكورات الرئوية، وتطعيم المكورات الرئوية متعددة السكاريد)، وتطعيم المكورات السحائية).
علاج مرض السحايا
يتم علاج جميع حالات السحايا في المستشفى لأنّ مرض السحايا يمكن أن يسبب مشاكل خطيرة تتطلب مراقبة دقيقة، وتتضمن العلاجات المستخدمة في علاج التهاب السحايا البكتيري:
ـ المضادات الحيوية التي تُعطى مباشرة في الوريد، والسوائل التي تُعطى مباشرة في الوريد لمنع الجفاف، والأكسجين من خلال قناع الوجه لمن يعانون من صعوبات في التنفس، والأدوية الستيرويدية للمساعدة على تقليل التورم حول الدماغ.
ـ أما علاج التهاب السحايا الفيروسي فإنّه يختفي بشكل تلقائي دون التسبب في أي مشاكل خطيرة، حيث يشعر معظم الناس بتحسن في غضون 7-10 أيام، وخلال تلك الفترة ينبغي على المصاب التزام الراحة، وتناول مسكنات الألم لتقليل الصداع أو الآلام العضلية، وتناول دواء مضاد للتقيؤ.