روناهي/ منبج ـ بعد الأضرار الجسيمة التي كان أبرزها؛ الأمراض والأوبئة ولا سيما فيروس كورونا على المجتمع، بدت الحاجة الماسة للحكومات والأنظمة والإدارات للعودة إلى الطبيعة الأم أو البيئة على وجه التحديد؛ باعتبارها الحاضنة الأولى للحياة.
ولا ينظر إلى الشعوب بالمقياس الأيكولوجي على أنها متطورة ومتقدمة بجميع المجالات طبياً وصناعياً وزراعياً إذا لم يقابله اهتمام بيئي خالٍ من التلوث البيئي وإلا ستكون عندئذ هذه الشعوب مرمى للأزمات والأرزاء. لذلك؛ أولت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا البيئة اهتماماً كبيراً فأنشأت لهذا الغرض؛ الإدارة العامة للبيئة لشمال شرق سوريا، كما أنها قسم من هيئة الإدارات المحلية والبيئة في شمال سوريا وهي الجهاز التنظيمي الذي يتابع وينظم مديريات البيئة في هيئات ولجان الإدارة المحلية والبيئة في الإدارات الذاتية والمدنية. وبناء على ذلك، تأسست مديرية البيئة في مدينة منبج وريفها من أجل الإدارة العامة للبيئة لتحقيق الأهداف التي وجدت من أجلها وفقاً لقوانين الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. ولمزيد من التفاصيل؛ التقت صحيفتنا “روناهي” بالرئيس المشترك لمديرية البيئة في مدينة منبج وريفها صالح الحسين.
طموح لبناء مجتمع “أيكولوجي”
بدايةً، وحول أبرز مهام مديرية البيئة؛ حدثنا الرئيس المشترك لمديرية البيئة في مدينة منبج وريفها صالح الحسين عن ذلك بالقول: “بالطبع، إننا حين نتحدث عن البيئة، فمعنى ذلك، هنالك رغبة شديدة في العودة إلى علاقة الإنسان بالبيئة والاستفادة من مواردها بالشكل الأمثل. وبناءً على ذلك؛ تم تفعيل مديرية البيئة في منبج وريفها بقرار من المجلس التنفيذي ذو الرقم /942/ بتاريخ 13/1/2020م. ولعل من أهم المهام لدى مديرية البيئة؛ العمل على بناء مجتمع ديمقراطي بيئي “أيكولوجي” لخلق بيئة صحية سليمة. وتنمية الوعي البيئي بمختلف الوسائل للتعريف بأهمية الحفاظ على البيئة وسلامة وصحة مواردها وإصدار المطبوعات المتعلقة بالبيئة، إضافة إلى ذلك، العمل على زيادة المساحات الخضراء في مدينة منبج وريفها”.
الحسين أضاف: “نعمل على إعادة التوازن البيئي عن طريق وضع السياسة العامة لحماية البيئة وإعداد الاستراتيجية اللازمة لتطوير البيئة ووضع الخطط والبرامج اللازمة لتنفيذها. علاوة على ذلك، إرساء القواعد الأساسية لحماية البيئة والتقليل أو الحد من التلوث بالتنسيق مع الجهات المعنية. وإعداد خطط ودراسة المشاريع البيئية بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة ومتابعة تنفيذه. ومراقبة النشاطات ذات التأثير البيئي لدى الجهات العامة والخاصة للتحقق من مدى تقيدها بالمواصفات البيئية القياسية. ووضع التعليمات والشروط والمواصفات البيئية اللازمة للمشاريع الزراعية والصناعية والتجارية والإسكانية وغيرها وما يتعلق بها من خدمات للتقيد بها واعتمادها؛ كجزء أساسي من الشروط المسبقة للترخيص وتجديدها”.
لا ضِفاف ولا حدود للعمل
وعن أبرز أعمال مديرية البيئة في النصف الأول من العام 2020م، أشار الرئيس المشترك لمديرية البيئة في مدينة منبج وريفها؛ صالح الحسين عن ذلك قائلاً: “أصدرت مديرية البيئة في مدينة منبج وريفها تعميماً متضمن منع ري الأشجار المثمرة وسواها والخضراوات من مياه الصرف الصحي. وكانت قرية المنكوبة شهدت حالات كثيرة للفلاحين الذين يهرعون إلى ري محاصيلهم الزراعية بمياه الصرف الصحي، وهذا الأمر خطير للغاية؛ لما له من ضرر على الطبيعة والإنسان على حد سواء. وبناء على ذلك؛ تم تشكيل لجنة من مؤسسة الزراعة، إضافة إلى مديرية البيئة لأجل القيام بحملة توعية مركزة، مهمتها توضيح خطر سقاية الأشجار والخضراوات من مياه الصرف الصحي. كما قامت مديرية البيئة بتوزيع بروشورات إلى جانب تركيب لوحات طرقية في الشوارع والمنصفات تتضمن توعية المجتمع بضرورة الحرص على النظافة الشخصية والبيئية والحد من التلوث”.
الحسين قال: “لقد قامت مديرية البيئة في مدينة منبج بحملة تشجير؛ بدأت بتاريخ 1/5/2020م وكان الهدف منها؛ زراعة الحدائق والمنصفات في مدينة منبج وريفها. وبلغ عدد الغراس المزروعة 2131 غرسة موزعة على مدينة منبج وبلديات الأرياف. أما أنواع الأشجار المزروعة فهي؛ العفص، والصنوبر الثمري، والنخيل المروحي، والشماسي، والزيزفون. كما قامت مديرية البيئة؛ بالتنسيق مع مكتب البيئة في بلدية منبج خلال فترة الحظر من أجل إجراء عمليات تعقيم ضد مخاطر انتشار جائحة كورونا. أما العمل الضخم والذي يزال العمل عليه جارٍ، فهي متابعة حملة مكافحة اللاشمانيا التي كانت قد بدأت بتاريخ 3/6/2020م واستهدفت ريف مدينة منبج خاصة القرى الموبوءة. وبلغ عدد القرى التي أُجريت بها عمليات التعقيم حتى ساعة إعداد هذا التقرير 60 قرية بينما سجلت عدد الإصابات المشاهدة في هذه القرى 575 إصابة باللاشمانيا”.
سيطرة ثقافة الأنا؛ مرده غياب الثقافة البيئيّة
الرئيس المشترك لمديرية البيئة؛ صالح الحسين في حديثه عن أبرز العقبات التي يعانونها في عملهم؛ قال: “بالطبع، حين نتحدث عن ذلك، يتبادر للأذهان أن غالبية السكان لا يدركون أهمية البيئة ومواردها، ومدى ضرورة الحفاظ عليها، وهذا الأمر مرده إلى غياب الثقافة البيئية؛ نتيجة سيطرة ثقافة الأنا المنتشرة عند الغالبية والتي تعني بأي حال الاستفادة من موارد الطبيعة بشكل جائر وتسخيرها لحسابهم ومنفعتهم الشخصية على حساب الطبيعة ذاتها أو على حساب الآخرين من المجتمع، كتكسير الأشجار والتعدي على الحراج وغيرها. وهذا يعني أننا نعاني في مديرية البيئة من قلة تجاوب السكان مع الدعوات المطالبة بالحفاظ على الحزام الأخضر أو الحد من التلوث، وهذا الأمر نتيجة قلة الوعي ولترهل الثقافة البيئية في أذهاننا ونجد آثار هذه الظواهر من خلال رمي النفايات في الأماكن غير المخصصة أو في غير أوقاتها أو حرقها بشكل عشوائي”.
مجتمع بيئي بضمانة؛ اتباع الشروط البيئيّة
وحول أبرز الخطط المزمع تنفيذها خلال الفترة القادمة؛ أكد الرئيس المشترك لمديرية البيئة في مدينة منبج وريفها؛ صالح الحسين عن ذلك قائلاً: “هنالك عمل متواصل من قبل مديرية البيئة في مدينة منبج وريفها؛ للحث على اتباع الشروط البيئية في كل الأمور. وهذا يتطلب منا بذل عمل أكثر للحرص على البيئة في كل جوانبها. إذ؛ سنقوم خلال الفترة القادمة بمشروع تأهيل للحدائق العامة بشكل كامل ولا سيما أنها تمثل واجهة مثلى لارتياد السكان. كما تعمل مديرية البيئة على تأمين جهاز أوتوغلاف لتعقيم النفايات الطبية أو كبديل من الممكن تنفيذ محرقة للنفايات الطبية أيضاً. وكذلك نحن بصدد؛ العمل على تنفيذ مشروع حيوي لمجرور الصرف الصحي بين صرف منبج الرئيسي، وسوف ينفذ تحت الأرض؛ ابتداءً من قرية المنقوبة وانتهاء بقرية الذيابات بطول سبعة كيلو مترات. إلى جانب ذلك، هنالك مشروع قيد الدراسة وهو إقامة مطمر لمكب العون وتجهيزه بخلايا لطمر النفايات بعد أن يتم فرزها ضمن أنواع محددة. ومن ضمن المشاريع البارزة في الفترة القادمة إنشاء مشروع مشتل لمديرية البيئة بعدد تقريبي بحدود الـ 40 – 50 ألف غرسة منوعة”.
واختتم الرئيس المشترك لمديرية البيئة في مدينة منبج وريفها؛ صالح الحسين اللقاء بالقول: “هناك إدراك عالمي في زيادة الاهتمام العالمي بشؤون البيئة لا سيما في هذه الآونة. إذ؛ ساهمت وسائل الإعلام بشكل دائم في التركيز على إبراز الأمور المتعلقة بالبيئة، وينبغي في الفترة القادمة البحث عن الانتقال إلى وسط بيئي نظيف ومستدام؛ لأن الحفاظ على البيئة مسؤوليتنا جميعاً”.