التدخين، هو آفة العصر وأحد مسببات التدهور الصحي، فهو المسبب الرئيسي للإصابة بالعديد من الأمراض الخطيرة، وأهمها السرطانات بأنواعها والأزمات القلبية الخطيرة، فهو الموت البطيء لرواده.
إن الإنسان في صباه وشبابه يقبل على الحياة وكله آمال تتدفق بمستقبل زاهر وتطلعات متفائلة، ولكن يصدم البعض بواقعه الذي كان يرسم له، فيحاول أن يروح عن نفسه، أو يخفف من غضبه فيتجه إلى التدخين الذي من شأنه أن يخفف الملل، ويحسن التركيز والأداء كما يقول المدخنون فعجباً لهذا الضرر، الذي يتقصد البشر شراءه.
الإدمان على التدخين
فهناك الكثير من المتضررين بهذا السم القاتل النادمين على إدمانهم هذه العادة السيئة المدمرة وفي الصدد، التقت صحيفتنا “روناهي” أحد الأشخاص المدمنين، والذي يدفع ثمن شربه لهذا السم القاتل الكثير من صحته، “رشيد السليمان” من أهالي قرية باب الحديد التابعة لمدينة قامشلو والبالغ من العمر 68 سنة، والذي حدثنا: “كنت في مقتبل العمر عندما استنشقت أول سيجارة من يد أحد أصحابي بقصد التسلية والمتعة، ومع مرور الأيام أدمنت على شربه فأصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتي”.
وتابع: “وقد تزوجت ورزقت بأطفال وكنت أعيش بسعادة وهدوء، وفي أحد الليالي من عام 2003 شعرت بألم شديد في ساقي وذهبت إلى الطبيب وأخبرني بأنه تعب وتشنجات، ولكن للأسف لم يتوقف الألم بل كان يزداد بشكل مروع ومخيف، فكنت لا أستطيع النوم وكنت أضرب رأسي بجدران البيت من شدة الألم، وحينها قررت عائلتي أخذي إلى مدينة دمشق لأتعالج”.
وأضاف: “ذهبت أنا وأخي إلى مشفى البيروني التخصصي، حيث طلبوا منا عدة تحاليل، وبقينا في دمشق مدة أسبوع ننتظر ظهور نتائج التحاليل، طلب الطبيب المعالج بلقاء أخي على انفراد، حيث خرج أخي بعد لقاء الطبيب، والحزن يملأ ملامحه، وحينها شكيت بأني مصاب بمرض خطير، وعندما أخبرني أخي بأنني مصاب بالسرطان في الدم نتيجة التدخين، كأن جبل من الهموم نزل على ظهري”.
وأكمل السليمان حديثه: “وهنا بدأت رحلة العلاج المؤلمة والتي استمرت 21 عاماً، رحلة من اليأس والألم، حيث جعلتني أدفع كل ما جنيته من تعب خلال هذه السنوات الطويلة من الكد ثمن لهذا السم القاتل، دفعت دموع أطفالي وزوجتي وأهلي خوفاً على فراقي، دفعت صحتي وعافيتي ثمن لهذا الإدمان”.
وأضاف: “فكنت تارة أضعف وتضعف قواي، فيظهر على جسمي بقع دموية حمراء وانحباس في البول، وارتفاع في درجة حرارة جسمي، وسرعان ما أثور وأغضب، ونقص في الشهية وتعب وإرهاق”.
ونوه السليمان، أنه كان يأخذ الجرعات مرتين بالشهر في مشفى البيروني لعدم توفر الأدوية هنا، ونتيجة لعدم تحسنه وتدهور حالته، نقلوه إلى مشفى المواساة في مدينة دمشق ليكمل علاجه، وهناك تحسنت حالته قليلاً بعد الإقلاع عن التدخين الذي كان يعيش في حرب مع نفسه حتى استطاع تركه، وبسبب قوة إرادته تغلب على إدمانه للتدخين، وترك هذا السم القاتل للأبد، وتأسف على كل لحظة ذهبت من عمره وهو يدخن.
أضرار التدخين
والتدخين لا تتوقف أضراره على هذا فحسب، بل تؤثر على الجلد فيسبب جفافاً وتشققات حول الشفتين، وتصبغات اليدين والوجه، كما يؤدي إلى إعاقة في سرعة التئام الجروح، والشيخوخة المبكرة، فقد قدرت منظمة الصحة العالمية /WHO/ ما يقارب وفاة أربعة ملايين شخص سنوياً في العالم، بسبب التدخين، كما وله أضرار كثيرة على المرأة الحامل، ويسبب انخفاض الوزن عند الولادة، والولادة قبل الأوان، والتدخين أثناء الحمل يمكن أن يتسبب في مخاطر صحية للطفل طويلة الأجل، حيث يمكن أن يتسبب في إصابة الطفل بنزلات البرد، ومشاكل الرئة، وصعوبات التعلم .
أشكال التدخين
وللتدخين أشكال عدة، فبالإضافة للدخان المعروف والمنتشر بشكل كبير بين الناس، هناك “الأرجيلة والسجائر الإلكترونية” أيضاً، حيث أن نفحة واحدة من الأرجيلة تعادل 70 سيجارة، وكل نفس جديد من السجائر يحتوي على سبعة آلاف مادة كيميائية 250 منها ضارة، و60 منها مواد مسرطنة، وأولها القطران، وهو مادة سوداء صمغية تغطي الأسنان واللثة مما يضر ميناء الأسنان ويؤدي إلى التسوس.
فكل إنسان طبيب نفسه، فعلى من عرف الخطر الابتعاد عنه، وعن رفاق السوء الذين هم أحد الأسباب الرئيسية للإدمان على التدخين، ففي الإرادة والصبر والتقرب من الله عز وجل قوة، يجب التغلب على هذا السم؛ لأنه من المحرمات بسبب ضرره على الصحة والوضع الاقتصادي.