سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

محمد عارف جزراوي صوت الفن الأصيل 1912- 1986

اعداد آرين شنكالي –

يُعدُّ الفنان والمطرب القدير محمد عارف جزراوي من أحد دعائم الفن الكردي والموسيقا الكردية الأصيلة؛ لما أضافه من أغاني شعبية ومواويل طربية، وبات اليوم يعد مدرسة بحد ذاتها، ويترنم بأغانيه الناس في أرجاء كردستان والعالم.
ولد مُحمد عارف جزرواي في مدينة (جزيرة بوطان) في عام 1912م.مدينة الأدب والشعر التي يعود إليها نسب “ملاي جزيري” وهو من عائلة وطنية متواضعة توفي والده (محمد كريم) في الحرب العالمية الثانية، أما والدته فهي (عدلة رشيد) المغنية المعروفة في زمانها، والتي علمته القصص والملاحم الكردية وتتلمذ على يديها.
عمل جزراوي في أعمال شاقة وهو لايزال يافعاً لتأمين قوت عيشه بعد فقدان والدهم، وبعد انهيار العثمانية وتأسيس الجمهورية التركية عام 1923م. ساءت أحوال الشعب الكردي وتعرض لحملات الإبادة والاعتقال، وبعد ثورة الشيخ سعيد عام 1925 م. طاله الاعتقال وزُجَّ به في سجن آمد، بتهمة تهريب السلاح من جنوب كردستان إلى تركيا لصالح ثورة الشيخ سعيد، وأطلق سراحه بعد أربعة أعوام قضاها في السجن، بموجب عفو، وعاد إلى بلده (جزيرة بوطان) من جديد.
هاجر محمد عارف جزراوي من مدينته إلى الجنوب “باشور” وظهرت مواهبه في حب الفن والغناء وهو مازال صغيراً، كان يرافقها إلى الموالد والمناسبات الدينية حينما كانت تلقي القصائد الدينية واﻷغاني التراثية، فتعلم منها الكثير، وتنقل بين عدة مدن كردية في باشور ومنها زاخو والموصل حيث مارس مع أخيه مهنة الختانة، وكان في تجواله كثير الاهتمام بالفن والغناء الفلكلوري وحفظ عشرات الأغاني وتعلم ألحانها من خلال الاحتفالات الصغيرة عند ختانة الأولاد. الفولكلورية وحفظها عن ظهر قلب، وفي دهوك تعرف على شريكة حياته (نازدار) التي تزوجها عام 1933 م.
حُب جزراوي وعشقه للغناء دفعه للبحث عن الفنانين الكرد الكبار والتقى العديد منهم وكانت له علاقات وثيقة بهم أمثال (كاويس آغا – Kawî Axa) و(مريم خان- Meryem Xan ) و (ألماس خان- Elmas xan).
كانت “ألماس خان” أول فنانة يُسَجل صوتها على أسطوانات عام 1926م، وبينما سجل محمد عارف أول أسطوانة برفقة مريم خان عام 1934م. وكان للقسم الكردي في إذاعة بغداد الفضل في وصول أصوات العديد من المطربين لعشاقهم بعد انطلاقه في بغداد عام 1939م. إلى أن فتح القسم الكردي في إذاعة بغداد وحدثت ثورة الغناء الكردي آنذاك، ولا سيما بعد افتتح قسم الإذاعة الكردية في بغداد عام 1939م، كذلك وثقت وسجلت وأرشفت الأعمال الكثيرة لفنانين كرد.
سجل (محمد عارف جزراوي) قرابة 14 أسطوانة في القسم الكردي بإذاعة بغداد واشتهر بها وذاع صيته، وتعرف على كبار الفنانين الكرد هناك، أمثال (طاهر توفيق) و(علي مردان)، وعلى فنانين عراقيين أمثال “ياس خضر وحسين نعمة” وغيرهم، وسجل العديد من الأغاني المشتركة معهم، وكان لجزراوي حضوره المميز في جميع المناسبات الوطنية والقومية، وتنوعت أغانيه بين الوطنية والغزلية والنشيد الديني، وعمل منذ عام 1949 بشكل رسمي في إذاعة بغداد وسجل أكثر من 300 أغنية كردية، حتى تقاعد عن العمل سنة 1974م.
شغل جزراوي منصب رئيس قسم الموسيقى في المديرية العامة للثقافة والفنون بدهوك لفترة وجيزة، لكنه غادر منصبه ومحبيه إلى دار البقاء في 17/12/1986م. بعد أن عانى من مرض السكري والعمى لعدة سنوات ودفن في مقبرة (شاخكي) بدهوك.