سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

مجلس الشعب السوري… قائمة الظل وظل القائمة

رفيق إبراهيم –

في التاسع عشر من تموز جرت انتخابات ما سمي بمجلس الشعب في سوريا، في ظل غياب أكثر من نصف سكان سوريا عن المشاركة فيها، وأيضاً هناك ما يقارب نصف مساحة سوريا لا يمكن إجراء الانتخابات فيها، فالشمال السوري ومناطق الإدارة الذاتية لم تجرِ فيها الانتخابات سوى في مدينتي الحسكة وقامشلو، وفي أماكن محدودة ضمن المربعين الأمنيين فقط، وحتى في تلك المراكز كان الإقبال خجولاً جداً، وفرضت القوائم الفائزة سلفاً كما جرت العادة دائماً، وأيضاً مناطق الاحتلال التركي كعفرين وسري كانيه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض) وجرابلس والباب وإدلب وغيرها.
وقدر نسبة المقترعين بثلاثين بالمئة، وهذه نسبة ضئيلة لا تخول شرعية هذه الانتخابات، وفي النهاية كان الفوز الحتمي لقوائم ما تسمى بالجبهة الوطنية التقدمية وقائمة الظل المحسوبة على النظام، وما يثير الجدل أن الكثير من الأسماء باتت تتكرر لأكثر من دورتين أو ثلاث وبخاصة في الحسكة، وهذا ما يترك إشارات استفهام كثيرة، حول الطريقة التي تجري فيها انتخابات مجلس الشعب السوري، وحتى الرئاسي. والسوريون باتوا يعلمون ماهية هذه الانتخابات ونتائجها سلفاً، ما لا يترك مجالاً للشك بأنها انتخابات شكلية غايتها بيان بأن الحكومة لا تزال موجودة على رأس عملها، وأنها تتمتع بالصلاحيات الكاملة في إقرار ما تريد، وأن الديمقراطية موجودة وها هي الانتخابات تجري على قدم وساق من دون أية منغصات.
لا أعلم عن أية انتخابات وعن أية ديمقراطية تتحدث الحكومة السورية في ظل ما جرى في هذه الانتخابات، التي لا يمكن تسميتها إلا باللعبة وفرض للأمر الواقع، فبعد مرور حوالي العشر سنوات على الأزمة السورية لا زال النظام السوري يتبجح بشرعيته، ويهدد ويتهم أصحاب المشروع الديمقراطي وأخوة الشعوب الذين حافظوا على وحدة الأراضي السورية بأن لا شرعية لهم، وهم من قدموا الآلاف من الشهداء في سبيل تحرير الأرض والإنسان، هذا بشهادة العالم أجمع. ومن يريد العمل من أجل الديمقراطية وشعوب المنطقة، عليه أن يأخذ بعين الاعتبار موافقة شعبه وتقبل المشاريع الديمقراطية التي يمكن الاعتماد عليها لتكون الأساس لسوريا المستقبل، ومشروع الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا من المشاريع الهامة والحديثة، التي يمكن الاعتماد عليها لبناء سوريا الحديثة على أسس ديمقراطية، تحفظ الحقوق للجميع بغض النظر عن اللغة واللون والدِّين، فأين الحكومة السورية من كل ذلك؟
وكان الأَولى بحكومة دمشق أن تكون أكثر حرصاً على مسار هذه الانتخابات وتغير من النمط المعتمد عليه منذ عقود من الزمن، في عملية روتينية معروفة نتائجها قبل أن تبدأ عملية الاقتراع، والآن وبعد مرور ما يقارب العشر سنوات من عمر الأزمة السورية، لا زال النظام السوري متمسك بتلك العقلية التي تهمش الآخرين ولا تشاركهم في عملية اختيار نوابهم في مجلس الشعب، الذي يُعتبر السلطة التشريعية في البلاد، ولا في المجالات الأخرى، لذا من الضروري أن تكون نتائج هذه الانتخابات مرفوضة قطعاً لدى الإدارة الذاتية وشعوبها، لأنها لا تمثل إلا حزب البعث الحاكم ومشروعه الإقصائي لجميع شعوب شمال وشرق سوريا بخاصة، وسوريا بشكل عام.