عندما لا يستطيع البعض فرض إرادتهم بالقوة، فإنهم يلجؤون إلى طرق وضيعة جداً، وكذلك هي طرق أردوغان، فهو عندما أيقن إنه لا يستطيع إفشال مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية، فأصبح يلجأ إلى استهداف المصادر الحيوية والبنية التحتية في روج آفا، مستهدفاً بذلك إرادة الشعب وتعلّقه بأرضه، فالعدو التركي يسعى باستهدافه إلى إيجاد تلك الثغرة التي ينفذ منها إلى هدم وتفكيك شعوب المنطقة، فاستهداف البنية التحتية: تهديد لإرادة الشعوب وأداة للابتزاز السياسي والعسكري .
يُعتبر استهداف البنية التحتية من الأساليب الشائعة في النزاعات والحروب، وغالبًا ما يُستخدم كسلاح استراتيجي لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية. البنية التحتية، التي تشمل المنشآت الحيوية مثل محطات الكهرباء، المياه، منشآت النفط، وهي ليست مجرد أصول مادية؛ بل تُمثل شريان الحياة للشعوب، وعند ضربها لا يتوقف الأمر عند حد التأثير المادي بل يمتد ليشمل تأثيرًا أعمق وأخطر واستهداف إرادة الشعب.
الأبعاد السياسية والعسكرية لاستهداف البنية التحتية
في أي صراع، تسعى الأطراف المتنازعة إلى تحقيق التفوق العسكري والسياسي. إحدى الوسائل التي تُستخدم لتحقيق ذلك هي ضرب البنية التحتية، ليس فقط لتعطيل القدرات العسكرية والاقتصادية للخصم، بل أيضًا لفرض ضغط نفسي على السكان المدنيين. عندما تتعطل الكهرباء، تُحرم المدن من الإضاءة والتدفئة، وتتعطل وسائل الاتصالات، ويفقد الأفراد شعورهم بالأمان. هذا الضغط المتزايد يؤدي في كثير من الأحيان إلى زعزعة إرادة الشعب في المقاومة والصمود، وهو ما يعوّل عليه من يقومون بهذه الاستراتيجية.
استهداف الإرادة الشعبية.. ضربة مزدوجة
استهداف البنية التحتية لا يقتصر فقط على تعطيل الخدمات الأساسية، بل يهدف بشكلٍ مباشر إلى إضعاف الإرادة الجماعية للشعوب، فإرادة الشعوب تُعتبر حجر الزاوية في أي صراع، إذ تعتمد أي مقاومة أو صمود على قدرة السكان على التحمّل والبقاء. عندما تتفاقم الأزمات الإنسانية بسبب تدمير البنية التحتية، يتحول التحدي اليومي من مجرد مقاومة العدو إلى معركة للبقاء.
يتحول الاستهداف إلى سلاح سياسي بامتياز، حيث يُجبر السكان على مواجهة خيارات صعبة: إما الاستمرار في المقاومة رغم المعاناة، أو قبول التنازلات السياسية لتخفيف الضغط. ومن هنا، يتم استخدام استهداف البنية التحتية كأداة لفرض حلول سياسية قد لا تكون مقبولة في الظروف العادية. في كثير من الحالات، تكون هذه الحلول مدفوعة من أطراف دولية، تسعى لتحقيق مصالحها على حساب إرادة الشعوب.
استهداف البنية التحتية يتجاوز كونه مجرد ضربات عسكرية، ليصبح هجومًا مباشرًا على إرادة الشعوب ووسيلة للابتزاز السياسي والعسكري. هذا النوع من الاستهداف يخلّف تأثيرات مُدمّرة على المدى البعيد، ليس فقط على المستوى المادي، بل على المستوى النفسي والسياسي، لكننا كشعب روج آفا صمدنا خلال الثورة وواجهنا جميع الحروب وسوف نبقى صامدين، سوف نبقى على عهدنا لشهدائنا ولأرضنا .