No Result
View All Result
المشاهدات 1
فرهاد شامي ـ وكالة هاوار
مر على احتلال الدولة التركية لعفرين خمسة أشهر وتزداد يومياً الممارسات اللاإنسانية والانتهاكات التي يرتكبها جيش الاحتلال التركي ومرتزقته بحق عفرين بحيث لم يسلم شيء من تلك الانتهاكات فلم يبق في عفرين إنسان أو بيت أو شجرة أو مكان تاريخي إلا ونال نصيبه من تلك الانتهاكات والممارسات. وقد يكون من الغريب أنه لم يطلق عليها حتى الآن أية تسمية ولعل التسمية الصحيحة أنها مجازر إبادة، فحين يتم تهجير مئات الآلاف بسبب انتمائهم الإثني ومن بقي منهم على أرضهم معرضون لمخاطر القتل والاعتقال والخطف والنهب وكل أشكال التهديدات فقط لأنهم كرد فهذا يعتبر، حتى في القوانين الدولية، إبادة.
عندما يتم حرق الغابات واقتلاع الأشجار من جذورها وبيع الأراضي أو تأجيرها دون موافقة أصحابها الكرد إلى المرتزقة فهذا يسمى إبادة. حين يتم تدمير المواقع التاريخية والأثرية مثل عين دارا، وتُنهب مواقع أخرى مثل براد وقلعة النبي هوري التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، وتُدنّس المزارات المقدسة التي تعتبر قبلة للأهالي لأنها تجسد التاريخ الكردي فهذه إبادة، عندما تُحوَّل المدارس إلى معتقلات يعذب فيها الأطفال والنساء والرجال، وما بقي منها يتم منع تعليم اللغة الكردية فيها وفرض التعلم باللغة التركية تسمى هذه الممارسات إبادة، عندما يتم تغيير أسماء الأحياء والقرى والتي أطلقت عليها منذ مئات السنين فقط لأنها كردية وإطلاق أسماء تركية عليها ماذا يمكن أن نسمي ذلك غير إبادة؟!
عندما يكون الخروج من المنزل ممنوعاً ويكون آلاف المجرمين بانتظارك لاقتناصك بحيث لا يكون بإمكانك معرفة في أية لحظة يمكن أن تتعرض للقتل أو الخطف أو السرقة وتعيش في خوف دائم وتبحث عن طريق للهروب من أرض الآباء والأجداد لأنك كردي أليس ذلك إبادة؟!
نعم إنها إبادة وفق القانون الدولي وصمت الرأي العام تجاه هذه الممارسات يعتبر إبادة أيضاً. في عام 1990م إبان مجازر الإبادة في يوغوسلافيا ومجازر رواندا تم تعريف الإبادة على المستوى الدولي بأنها: “الممارسات اللاإنسانية التي تقوم على تهجير مواطني دولة قسراً على أساس التمييز الإثني والمذهبي والديني والقومي وكذلك ممارسات الخطف والقتل والنهب من قبل مجموعة ضد مجموعة أخرى لأسباب إثنية”. يا ترى بماذا تختلف الممارسات التي ترتكب في عفرين اليوم عن الممارسات التي ارتكبت في يوغسلافيا؟! هل همجية الدولة التركية في عفرين أقل من الممارسات الهمجية التي ارتكبت في يوغسلافيا ورواندا؟! هل معاناة أهالي عفرين من المجازر التي ارتكبت في عفرين وما زالت ترتكب أقل من معاناة شعب يوغسلافيا؟!
لأن الشعب الكردي شعب عريق؛ فإن الهدف الأساسي من مجازر الإبادة هذه هو القضاء على تاريخ يعود لآلاف السنين وإبادة الشعب الكردي جسدياً وتاريخياً. وكل التهديدات التي يوجهها الاحتلال لشعب عفرين تتمحور حول هذا الهدف. اليوم وعلى الرغم من وجود اتفاقات عسكرية بين القوى الدولية ولكن عندما يتعلق الأمر بهجمات الدولة التركية يلتزم الجميع الصمت وفي الحقيقة هذا الصمت تجاه إنهاء شعب وتاريخ يعود لآلاف السنين يعتبر موافقة على الهجمات.
إذا كانت كل هذه الانتهاكات ترتكب اليوم في عفرين ويتعرض الشعب الكردي للإبادة الجسدية والتاريخية والاجتماعية بدون شك؛ فإن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق القوى الدولية التي تدعي أنها تريد تحقيق الأمن في سوريا. روسيا التي دخلت في خلافات مع تركيا حتى أن تلك الخلافات تطورت أحياناً إلى مواجهات عنيفة ولكن عندما يتعلق الأمر بالكرد وبخاصة عفرين فإنها تتخلى عن المبادئ والقوانين كافة، كما أن الدولة التركية باعت كرامتها عندما لجأت إلى روسيا وتذللت لها، وبإصرارها على مواقفها جرت الشعب التركي إلى أزمة لا يستطيع الخروج منها.
الآن القوى التي غضت البصر عن هجمات تركيا وانتهاكاتها في شمال سوريا وبخاصة عفرين هي نفسها من دفعت تركيا نحو أزمة اقتصادية وانعكس هذا الأمر على الرأي العام. عفرين محتلة اليوم والمرتزقة التابعون لدولة الاحتلال التركي يشنون الهجمات ويمارسون الانتهاكات فيها بحق أهالي عفرين وفق ذهنيتهم القذرة. عندما يحصل تفجير في المناطق التي تقع تحت حماية وحدات حماية الشعب والمرأة تضج وسائل الإعلام بالأصوات المهاجمة والمنتقدة ولكن عندما يتعلق الأمر بعفرين وما يرتكب فيها من انتهاكات ومجازر تستهدف شعبها ومجتمعها وتاريخها يلتزم الجميع الصمت.
من اللافت للانتباه أنه عندما يرتكب جيش الاحتلال التركي ومرتزقته الجرائم في عفرين فإنهم يقومون بتصويرها وتوثيقها ونشرها بأنفسهم ولكن الجميع يغض الطرف عنها ويخفون ذلك تحت ستار إثارة مواضيع مختلفة لأن من يُقتل ويُنهب وطنهم هم الكرد وكأن الانتماء للكرد جريمة يمنع فيها حتى التألم والتحسر على حالهم ومعاناتهم. يا ترى ألهذه الدرجة لا يجرؤ أحد على النظر إلى معاناة وآلام الكرد؟!
يا ترى لماذا لا تنفذ القوانين الدولية عندما يتعلق الأمر بعفرين؟ أم أن عفرين من البعد بحيث لا يمكن إرسال هيئة من منظمات حقوق الإنسان إليها لتستمع إلى الشجر والحجر قبل البشر ليرووا لها ما جرى لهم. ما زال الاحتلال التركي يحتفظ بجرائم كثيرة في جعبته ولا يمكن التكهن بما سيفعله غير الذي فعل حتى الآن لأن الدولة التركية صاحبة ثقافة الإبادة منذ مئات السنين.
No Result
View All Result