سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

ماذا لو…؟

أمل محمد_

 كثيرٌ منا يتساءل عن أمورٍ ماذا لو لم تحدث، ويتعمق في عقله الباطن عمَّ سيحدث حين يكون الأمر القائم مجرد وهم؟ هذه الهواجس تخطر في بال البشر بشكل عام، إن سمحنا لأنفسنا في التفكير بمثل هذه العقلية، فهنالك العديد من التفسيرات، التي يجب أن يوضع تحتها خطاً، أشياء لا نفقه بها، وأحداث جرت في مختلف بقاع الأرض، وحتى أمور شخصية، نتساءل ماذا كان سيحدث، لو لم تحدث؟
ماذا لو لم يكن الفقر موجودا ولا أساس له؟ لكانت السجون مغلقة للأبد، أو حتى لا وجود لها، فمن المعروف أن الفقر هو المسبب الرئيسي لمختلف الجرائم، الفقر الذي يدفع بصاحبه للتفكير خارج نطاق المنطق، حتى يجعل منه شخصاً متجرداً من المشاعر والقيم الإنسانية، نحن هنا لا نتهم الفقراء بأنهم السبب وراء الإجرام، ولكن دراسات عديدة بينت أن الفقر أحد أبرز عوامل الجريمة بمختلف جوانبها، لما كانت هناك أمعاء خاوية ترقد إلى فراشها، وألم الجوع يعتصر بها، ولم يكن ذاك الفقير، يمر بجانب ما يشتهي، وينظر إليه بحسرة تسبقها تنهدات قاتلة.
ماذا لو لم تكن هناك حروب؟ لكان العالم آمناً حراً، لا طغيان ولا شر بين أبنائه، لعزف أبناء القتلى، الذين لا وجود لهم اليوم أجمل سمفونية للسلام، لكانت هيروشيما قائمة، ولم تفح منها رائحة الموت، لكانت سوريا بلد الياسمين كما عهدناها، ولكانت الأسلحة، التي تزهق بها الأرواح مجرد خردة، لو لم تكن هنالك حروب، لعاد ذلك الجندي إلى حضن عائلته، يستقبله طفله، وهو يحبو على ركبتيه، لكانت تلك الثكلى تنعم بسعادة مع ولدها الشهيد، وما كانت تلك الجميلة ترتدي الأسود على مقتل زوجها.
ماذا لو لم تكن هناك حدود بين الدول؟ لكان العالم بلدًا واحدًا، لا فرق بين أبيض، وأسود، لكانت العنصرية مصطلحاً لا يفهمه الكثيرون، ولا وجود لجوازات السفر، ولا حتى السؤال المعهود، الذي يُسأل لصاحبه من أين أنت؟
ماذا لو عمَّ الحب بين البشر؟ لكنا نعيش بلا حسدٍ، ولا ضغينة، لكانت الأيادي على اختلافها تتشابك، وتتكاتف في السراء والضراء، حينها لن تغب الابتسامة على وجه أحد، والنوايا التي تُخفى عنا، لا تكون سوى نوايا خير وأمنيات بالسعادة للجميع.
ماذا لو لم يكن هنالك مرض؟ لكانت الأراضي، التي بُنيت عليها المستشفيات خضراء، ولم يكن هنالك مهنة تدعى الطب، لم تكن لتسمع أنين الوجع من جسد أحدهم، ولم يكن هناك مقابر يودع البشر فيها أحباءهم.
ماذا لو كان كل ما مررنا به من ألم كابوساً مُفزعاً ليس إلا؟ لكانت هذه العضلة، التي على يسار صدورنا خالية من ندباتها تضخ بالفرح، ولا يعتريها هم، لكانت وجوهنا ضاحكة مستبشرة، والرضا يشع من أعيننا.