سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

ماذا سيحدث لو كان كوننا مختلفاً؟

الكون هذا المكان الصامت الذي نعيش فيه. كم أدهش وحيَّر وشغل الأذهان، كم طُرحت الأسئلة حول جماله الغامض المتسع اللامتناهي. كمحيطٍ مجهولٍ عمقُه، مجهولٍ منتهاه، تبحر فيه أعدادٌ هائلةٌ من النجوم والمجرات العظيمة. منها تلك الصامتة الخرساء التي لا تحدثنا عن ذاتها ولكنها ترسل إلينا رسلها الضوئية لتسرد لنا خفاياها، تاركةً إيانا في ذهولٍ عظيم لما تحمله من أسرار قد تناغمت فيما بينها، وعنوّنت ذاتها بـ “الكون المعجز”.
قاد ذلك الجمال الكثير الكثير من المتأملين لتفسيره، فكان من الأساطير ما كان. تلك الأساطير الذي دحضها العلمُ الصحيحُ الذي هو بين يديك في هذا العصر، المبنيُ على دراساتٍ جمةٍ حتى أصبحتْ مُسلْماتٍ يؤمن بها الجميع. كشكلِ الأرض وحركتِها، موقعِها في المجموعة الشمسية البالغِ الدقة، وغيرِها من الحقائق التي أصبحت منطقيةً بديهيةً لك. وهنا لن نسرد هذه الحقائق في هذا المقال، بل سنأخذك بعيداً عنها قليلاً. وكأن عقارب الساعة قد شرعت في الدوران من اليمين إلى اليسار!
ماذا سيحدث لو لم تكن الأرض في موقعها الحالي المسمى بالمنطقة المعتدلة.
وهي منطقةٌ مداريةٌ من المجموعة الشمسية ليست بحارةٍ جداً وليست باردةً جداً. فإن تَغيّر المكان قليلاً ستتجمد المياه الموجودة عليها أو ستتبخر كلياً.
وماذا سيحدث لو كان قُطر الأرض ضعف ما هو عليه الآن؟!
ستزيد كتلة كوكب الأرض على ما هي عليه الآن ثمانيةَ أضعافٍ، ونتيجةً لذلك فإن قوة الجاذبية الأرضية ستتضاعف.  وإذا تضاعف مقدار الجاذبية الأرضية وقمت بالصعود على الميزان لقياس وزنك فلن تكون القراءة مفرحة بالنسبة إليك، لأن وزنك سيزداد إلى الضعف. ليس هذا فحسب، بل إنك إن حاولت المشي فستجد صعوبة كبيرة جداً وكأنك تحمل شخصاً آخر يزن وزنك السابق على ظهرك، بل حتى عظام الساقين ستصبح اسمك لتدعم هذه الزيادة في الوزن. ولا يقتصر ذلك عليك فحسب، بل حتى الأشجار ستتأثر بهذه الزيادة، فلن تكون بارتفاعها الحالي وإنما ستصبح أقل ارتفاعاً عن السابق.
وماذا سيحدث لو توقفت الأرض عن الدوران حول نفسها ؟!
سيزول انبعاج الارض الموجود على طول خط الاستواء إذا توقفت الارض عن الدوران حول نفسها. ونتيجةٍ لهذا الزوال، فإن مياه المحيطات سوف تنسكب باتجاه القطبين محدثة فياضاناتٍ غامرةً. ليس ذلك فحسب، بل إن اليوم الواحد من الشروق إلى الغروب سيكون بطول عامٍ كاملٍ، أيّ سنقضي ستة أشهر نهاراً تحت أشعة الشمس وستة أشهر في الظلام ليلاً، بل حتى المجال المغناطيسي للأرض سيزول ونتيجةً لذلك ستتعرض الأرض للرياح الشمسية العاتية.
وماذا عن القمر؟! ماذا سيحدث لو لم يكن هناك قمرٌ؟!
بعيداً عن تأثير القمر الشاعري ليلاً، إن أهم تأثير يجريه القمر على الأرض هو في مسألة المد والجزر، فالقمر يبتعد عن الأرض كل عام بمقدار 3.82 سم. ولكي يتم الحفاظ على نفس مقدار العزم الزاوي بين الأرض والقمر، فإن فترة دوران الأرض حول نفسها تتباطأ بمقدارٍ ضئيلٍ حوالي 0.002 ثانيةٍ في القرن. فالأرض في السابق كانت تكمل دورةً واحدةً كاملةً حول نفسها خلال 8-6 ساعات فقط. وبسبب وجود القمر وتأثيره طالت فترة الدوران وأصبحت كما هي عليه الآن 24 ساعةً. فلو لم يكن هناك قمرٌ فإن هذا يعني أن الارض ستدور حول محورها كل 6-8 ساعاتٍ. أيّ أن عدد أيام السنة سيكون من 1100-1400 يومٍ، وستبلغ سرعتها ثلاثة أضعاف سرعتها الحالية.
أما الشمس، فماذا سيحدث لو اختفت أسبوعاً واحداً؟!
سيتحول كوكب الارض إلى مكانٍ مظلمٍ شديد البرودة نتيجةً لذلك. وستصبح الأرض عائمةً ومعرضةً للاصطدام ببقية الكواكب والأجرام السماوية الأخرى. فالأرض تدور حول نفسها وتدور حول الشمس وينتج عن ذلك الدوران قوة جذبٍ هائلةٍ مركزيةٍ، وستنعدم قوة الجذب هذه باختفاء الشمس. وستتأثر أيضاً عملية تعاقب الليل والنهار. بل حتى النباتات ستتأثر، فاختفائها يعني توقف عملية البناء الضوئي، مما يعني موت النباتات ومن ثم موت الحيوانات آكلات الأعشاب، وبالتالي ستموت الحيوانات آكلات اللحوم أيضاً وانتهاء الحياة كما نعرفها على الأرض.