جل آغا/ أمل محمد ـ المؤسسات النسوية هي أحد الأعمدة الرئيسية في الجهود المبذولة للتخفيف من العنف ضد المرأة، كما نوهت الإداريات في المؤسسات النسوية بمدينة جل أغا، ودورهن الأساسي في رفع قدرات النساء ومساعدتهن على اكتساب الثقة بأنفسهن للحد من العنف الممارس ضدهن. تعد ظاهرة العنف ضد المرأة ظاهرة عالمية وشائعة في المجتمعات والثقافات كافة، وهي من أكثر الانتهاكات شيوعاً في العالم، وقد فاقمت هذه الآفة في بيئات هامة، وبما في ذلك العائلة والعمل، حيث تعد هذه البيئات من أكثر البيئات التي تعزز ظاهرة العنف وتسمح لها بالتفاقم.
في إقليم شمال وشرق سوريا وبعد ثورة 19 تموز وجدت مؤسسات ولجان عدة تصون حقوق المرأة وتدافع عن مكانتها، في هذه المناطق، والتي تتبع النظام العشائري وتسيطر عليها بعض الأعراف والأحكام البالية، عانت المرأة من ويلات وممارسات قللت من شأنها ودورها في المجتمع، ومع بدء مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية الدخول حيز العمل وبالذات المؤسسات، التي تعي الشأن النسوي مثل مؤتمر ستار ودار المرأة، هذه المؤسسات كشفت الغطاء عن الواقع المرير التي كانت تعاني منه نساء المنطقة وبالعمل تمكنت وخلال سنوات من الجهد بصون كرامة المرأة والدفاع عنها وسن قوانين تحمي حقوقها.
أشكال متعددة للعنف
إقليم شمال وشرق سوريا من أكثر المناطق التي تناهض العنف ضد المرأة، ويعمل للحد من هذه الظاهرة، ومع اقتراب اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة تحدثت الإدارية في مؤتمر ستار بمدينة جل آغا “فدوى عبد الله”: “نستقبل في اليوم العديد من الحالات التي تعاني من ظاهرة العنف، ومدينة جل آغا حدثت فيها عدة حالات من العنف، وحسب الحالات التي نستقبلها، فإنَّ العائلة هي مصدر العنف سواءً الوالد أو الزوج، ظاهرة العنف لا يمكن أن نضعها ضمن إطار محدد فالعنف لا يكون فقط بالضرب، هناك أشكال من العنف ومنها الجسدي والنفسي والابتزاز، وزواج الحيار، وتزويج القاصرات، وحرمان الفتاة من حقها في الميراث، وحقها في إتمام دراستها، هنا يكمن دورنا، وهو توعية المرأة بمكانتها وحقوقها”.
وتضيف: “نقوم بدورات توعوية ومحاضرات تثقيفية بين الفترة والأخرى في مؤتمر ستار، كما نقوم بزيارات القرى والبلدات لتوسيع الشريحة المستفادة، ونعمل للقضاء على ظاهرة العنف بشكل كامل، ولكن مع الأسف حالات الانتحار موجودة، والضرب والتعنيف لا يزال قائماً، نأمل بأن تنتهي هذه الظاهرة، ليس فقط في مناطقنا إنما في العالم بأسره، المرأة هي محور المجتمع وأساسه في حال كان هذا المحور يتعرض للعنف، فإنَّ هذا المجتمع لا يقوم على أسس ثابتة”.
وعن تجربتها الشخصية مع ظاهرة العنف استرسلت فدوى حديثها: “تعرضت للعنف من عائلة والدي حينما زوجوني بعمر صغيرة، ولم يكن لي رأي في هذا الزواج، أنجبت أطفالي قبل بلوغي العشرين عاماً، عملت في مهام شاقة ومتعبة وفي نهاية المطاف تزوج زوجي بأخرى، وللطامة الكبرى زوَّج زوجي ابنتي وهي دون سن الزواج، لم أجرأ حينها الوقوف في وجهه ومنعه، أنا وابنتي ضحايا العنف والجهل واللا وعي، ولكن اليوم أدركت قيمة ذاتي ومن أكون؟ لذا أنا اليوم إدارية في مؤتمر ستار أحدث النساء عن قصتي وتجربتي”.
الدعم والمساعدة لإنهاء العنف
ومن جهتها حدثتنا عضوة دار المرأة في مدينة جل آغا “حفيفة أحمد” عن تجربتها الشخصية مع العنف: “أبلغ من العمر خمسين عاماً، وقبل ثورة روج آفا كانت المرأة تعيش حالة من التهميش لا يمكن وصفها، عدو المرأة هو ذاتها، وجهلها بدورها ومكانتها، كنت أعتقد بأن دوري يتمحور حول تربية الأطفال وإدارة شؤون المنزل فقط، كنت أتعرض للعنف بالضرب وحتى الإهانات ولكن كنت أردد دوماً سأتحمل من أجل صغاري”.
وتتابع الحديث: “مع بدء دار المرأة العمل في جل آغا، وكذلك مؤتمر ستار والتوعية التي قدماها لنا زادت ثقتي بنفسي، وأدركت أنني شخص فعال، ولديَّ دور ومهمة في المجتمع، اليوم أنا عضوة في دار المرأة أُحدث النساء اللواتي تأتي للدار والنساء اللواتي يتعرضنَّ للعنف عن تجربتي، نمنح الثقة للنسوة، ومن وحي التجربة أجد بأن المرأة تغيرت اليوم بنسبة كبيرة جداً عن ذي قبل، وزاد وعيها بمكانتها”.
هذا وكما تحدثت “شيرين محو” عن تجربتها الشخصية مع العنف: “مؤتمر ستار يدافع عن حقوقنا، ولكن العنف لا يزال موجوداً، تزوج زوجي بأخرى0 وحينما قررت رفض الموضوع، وتقديم شكوى رسمية بذلك تعرضت للعنف وللتهديد من حرماني من أطفالي، بعض الظروف أقوى منا”. كما هو الحال في كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة ابتداءً من 25 تشرين الثاني لغاية يوم العاشر من كانون الأول وسط عدة نشاطات وفعاليات.
هذا وتشير التقديرات أن 736 مليون امرأة من مختلف دول العالم وقعن ضحايا للعنف سواء النفسي أو الجسدي، وحتى الجنسي، وذلك حسب تقرير نشرته الأمم المتحدة على صفحتها في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة في عام 2023.