كما يبدو أن لهيب نار مشروع الشرق الأوسط الجديد أصبح يجتاح المنطقة بعد طوفان الأقصى ٧ أكتوبر، وما حصل في غزة مكان البداية والقادم أعظم، بدليل انتقال اللهب إلى لبنان الذي سيكون مصيره أكثر مأساوية من غزة، هذا إذا بقي شيء اسمه لبنان على خريطة المنطقة، وبذلك دخلت المنطقة منعطفاً تاريخياً جديداً وبالأخص دول ما تُسمى بقوى الأزمات، ومن ضمنها سوريا لأن إسرائیل تريد سوريا دولة لا حول ولا قوة لها، بدليل ما تتعرض له سوريا من حرب كونية من ١٢ عاماً هذا يعني إن من يعتقد بأن المنطقة ستنعم بالأمن والاستقرار واهم؛ لأن كتلة اللهب ستكبر كما كتلة الثلج عندما تتدحرج، وسوف تنتقل لبقية الدول وما يحصل الآن ما هو سوى بداية المخاض أما الولادة ستكون عسيرة، وقد تطول السنوات وتكون مليئة بالمآسي والويلات؛ لأن الحداثة الرأسمالية تحولت إلى غول لا يرحم نتيجة تضارب المصالح فيما بينها وظهور الصين كمنافس للجميع وازدیاد سكان العالم وقلة موارد الأرض بسبب تغير المناخ، والتي باتت عاجزة عن إشباع أفواه ٧ مليار من البشر وظهور دول تنافس أمريكا والغرب على الصعيدين الإقليمي والعالمي، طبقاً للأنظمة القائمة في المنطقة تتحمل قسطاً مما حصل وما سوف يحصل مستقبلاً؛ لأنها لو حاولت حل مشاكلها الداخلية بالحوار الديمقراطي وقبول الآخر لاستطاعت تخفيف سيناريو الحداثة الرأسمالية المتمثل بالشرق الأوسط الجديد في المهد، واعتبار اتفاقية سايكس بيكو سبب كل ما حصل ويحصل في المنطقة من أزمات، ومع ذلك أقول في المنعطفات التاريخية المصيرية والظرف الذي نعيشه والذي اختلط فيه الحابل بالنابل كما يُقال يجب أن لا يسيطر علينا البؤس ونشعر بالإحباط بل علينا تجاوز المخاطر من خلال جعل مصلحة الوطن فوق كافة الاعتبارات الأخرى لأننا كلنا سوريين وأن يقوم النظام بإصدار عفو عام شامل والدعوة إلى عقد مؤتمر حوار وطني عاجل يضم كافة شعوب سوريا لوضع حل سريع للأزمة التي تعاني منها منذ أكثر من ١٣ عاماً وتقوية الجبهة الداخلية بحيث تصبح سوريا كلها يداً واحدة وقلباً واحداً كما في ثورة ١٩٢٥ والإعلان عن ولادة سوريا لا مركزية تعددية) وإلا ستصبح شعباً بلا أرض لا سمح الله؛ لأن ما يُخطط للمنطقة وسوريا خطير كما أسلفنا وعلينا أن نُدرك خطورة المرحلة ونضع كافة خلافاتنا جانباً قبل أن يقع الفأس في الرأس والندم على ما ارتكبناه جميعاً بجمع وطننا وأن نُردد ما قاله الشهيد البطل يوسف العظمة في معركة ميسلون “هيهات من المذلة”. في الختام لابد من أن نتعرف على موقف الحليف الروسي لأن سوريا أصبحت تتعرض لهجمات من قبل إسرائيل وتضرب أهدافاً في العمق السوري وكما يبدو أن روسيا مرتاحة لما يحصل لأن أمريكا والغرب منهمكين فيما يحصل بين إسرائيل وبقية الأطراف وبالأخص محور المقاومة وطبعاً هذا يصب في مصلحة روسيا في حربها ضد أوكرانيا انطلاقاً من المثل الشعبي “ميت أم تبكي ولا أمي”، طبعاً هذا هو ديدن السياسة المصلحة ولا شيء آخر، أما المسائل الإنسانية فهي آخر ما يتناوله الساسة، هذا إذا تناولوها حقاً، وما على الشعوب سوى الاعتماد على نفسها انطلاقاً من المثل: “ماحك جلدك غير ظفرك”.