سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

لماذا نحتاج لاقتصاد مجتمعي؟!

آلدار خليل –

شهد العالم أزمات اقتصادية شتى؛ هزت أركان العالم من أزمة الائتمان التي بدأت في لندن ثم أوروبا 1772 وصولاً للكساد الكبير 1929 ـ 1939 في أمريكا، ثم أزمة أسعار النفط في السبعينيات ثم الأزمة الآسيوية 1997 والركود الاقتصادي 2007 ـ  2008؛ ناهيكم عن حجم الأزمات الأخرى التي تلت كل هذه الأزمات على الصعد المختلفة. المعالجة التي تمت بها من أجل تجاوز كل ما تم ذكره لم تتبنَّ خيار الحفاظ أو تطوير المجتمع اقتصادياً بحيث باتت الخيارات هي “النجاة” لكل الأنظمة التي طالتها هذه الأزمات.
أزمة كورونا اليوم لا تقل عن جميع تلك المراحل وهي ساهمت في تعطيل جوانب كثيرة وعامة. وحال المعالجة لهذه الأزمة بذات الطرق الكلاسيكية؛ فإنه حكماً لا يوجد أي رادع لمنع ظهورها أياً كانت من المسميات التي تم التطرق لها من الأزمات مستقبلاً! إذاً السؤال؛ كيف يمكن تجاوز التأثير أو منع التأثر؟
بعيداً عن تعقيدات الأزمات المذكورة وفي الخط العام لا شك بأن غياب الاقتصاد المجتمعي القائم على إدارة المجتمع لذاته اقتصادياً هو أبرز وأهم الأسباب التي تؤدي من جهة لكل هذه الأزمات، بحكم أن العلاقات والتعامل والشكل الاقتصادي يكون خارج دائرة أية اعتبار أو أهمية للمجتمع حتى بات المجتمع ذاته سوقاً للتصريف وبالتالي بات بدل من أن يكون صاحب قوة الاقتصاد وعماده تحول لسلعةً يُراد منها الاستفادة وخير مثال جميع مظاهر الاحتكار العالمية بما فيها القطاع الصحي.
في سوريا والتي يعتبر شمال وشرق سوريا جزء منها هناك حصار وتتأثر المناطق كافة ببعضها البعض؛ عملية الفصل غير ممكنة. العقوبات الاقتصادية ثم الحصار ثم أزمة كورونا وصولاً لدخول قانون عقوبات قيصر في حيز التنفيذ؛ هذه كلها ضغوطات تبرهن فشل الحلول الاقتصادية التقليدية وبالتالي بات المجتمع هو الطرف الأكثر تضرراً في هذه المعادلة.
حكماً لا حل سوى باعتماد الاقتصاد المجتمعي أساساً في المواجهة؛ القائم على تأمين المواد الأساسية عبر البيئة المحلية في ظل توفر الشروط والإمكانات اللازمة لإنتاجها وهنا نظام الإدارة الذاتية والخيرات المتوفرة عاملان مهمان في تطوير هذه الناحية. حتى يمكن سد الحاجة لبعض المواد وتبادلها مع ما هو غير ممكن وغير متوفر لتكون العملية صحيحة بشكل تام عبر جعل مبادئ الاقتصاد المجتمعي هي الأساس في تأمين الحاجات التموينية على وجه الخصوص.
الكومين وعبر نظام التعاونيات يمكن أن يكون نموذجاً نوعياً في تطوير الاقتصاد المجتمعي عبر البدء بزراعة وإنتاج المواد المعروفة في منطقتنا وكذلك عبر التعاون والقيام بتأمين مستلزماتها من الجهات الإدارية المسؤولة. عملياً الآليات التي لها علاقة في إنجاح هذا التوجه هي موجودة ولا بد لمختلف أبناء شعبنا العمل في المشاركة بما يضمن بناء مجتمع قوي له إرادة قوية وقدرة على دعم نفسه ذاتياً وتقليص خيارات حاجته للآخرين دائماً عبر الاستمرار في التقدم والتطور خاصة على الصعيد الاقتصادي؛ كونه الأساس في تحديد الخيارات الأخرى.