No Result
View All Result
المشاهدات 0
فوزة اليوسف –
تصادف هذه الأيام الذكرى الخامسة عشر لانتفاضة 12 آذار في قامشلو، وقد كانت أول حراك شعبي بزخم كبير قبل أحداث 2011 . كانت انتفاضة شعبية بكل ما للكلمة من معنى، وتعبير صارخ عن عدم قبول الكرد لحالة التضييق والإنكار والقمع على هويتهم و كيانهم.
ما تعرض له الشبان الكُرد في ملعب قامشلو الذي يحمل اليوم اسم ملعب 12 آذار، كان تجسيداً واختزالاً لجميع سياسات النظام القمعية التي كانت تُمارس بشكل ممنهج على الكُرد.
بالطبع لم تنجح الانتفاضة، وقد كان ذلك مفهوماً لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية. ولكن؛ عدم نجاحها لا يعني أنها لم تكن محقة، بل كانت محقة كل الحق، فالأسباب التي دفعت الشباب الكردي إلى الخروج بقامشلو في 12 آذار هي نفسها التي دفعت أهالي درعا إلى الخروج في عام 15 آذار 2011 ، و التي يمكن تلخيصها في غياب الديمقراطية والمساواة والعدالة. لذلك؛ يمكن القول بأن انتفاضة 12 آذار كانت المخاض الذي أدى إلى ولادة انتفاضة أهالي درعا ومن ثم انتفاضة الشعب السوري برمته في عام 2011.
كان الكُرد في سوريا محرومين من أبسط الحقوق، حتى أن لعب كرة القدم بهويتهم كان يُعد من الكبائر. سياسة كم الأفواه والقمع الممنهج من خلال أجهزة الاستخبارات سيئة الصيت؛ جعلت الشعب الكردي قنبلة مُعدّة للانفجار وكان أن هذه القنبلة قد انفجرت بالفعل في 12 آذار .
قطعاً لا يمكن تفسير ما حدث في 12 آذار على أنه توتر ناجم عن لعبة كرة القدم بين فريقي الجهاد والفتوة من دير الزور، وأي تفسير بهذا المعنى هو تفسير قاصر وربما تحريف تاريخي متعمد، فما جرى في تلك المباراة كان شكلاً من أشكال السياسة القمعية الممنهجة التي كانت تمارس على المنطقة، لقد كان مفروضاً على الكرد في سوريا ليس فقط أن يخسروا تلك المباراة، بل كل مباريات حياتهم؛ كونهم شعب بلا هوية وبلا وطن .
تُرِك الكرد لوحدهم في ذلك الحين دون تضامن أو مؤازرة من أحد، فقد تم التعامل مع القضية على أنها فقط قضية الكرد ولا تخص أحدا غيرهم وبالتالي عليم أن يتحملوا تبعاتها أيضاً لوحدهم إلا أن تلك المقاربة كانت خاطئة؛ ذلك أن حالة انعدام الديمقراطية والعدالة الاجتماعية كانت قضية كل السوريين، ليست فقط قضية الكرد.
ترك الكرد لوحدهم يواجهون كل صنوف القمع والقتل حتى وصل عدد الشهداء إلى أكثر من خمسين شهيد وآلاف المعتقلين من الشبان الكرد. وبعد حوالي عشر سنوات من انتفاضة قامشلو وبدء الحراك السوري من درعا عام 2011 تحولت كل المدن السورية إلى قامشلو 2004؛ ما يعني أن قامشلو كانت على صواب عندما انتفضت.
بعد 15 سنة، و تحديدا بالأمس، قرأت إعلاناً يقول بأن فريق دير الزور وفريق قامشلو؛ سيقيمان مباراة ودية في الملعب نفسه الذي انطلقت منه شرارة انتفاضة قامشلو عام 2004 وذلك بتاريخ 12 آذار 2019. لقد عظمت في داخلي أولئك الذين فكروا في هذه المبادرة، فهي تعد أقوى ردّ على مجزرة قامشلو وأن سياسة «فرّق تسدّ» هي التي تجعلنا أعداء وتخلق بيننا النزاعات وليس أي شيء آخر وباتت لدينا قضية مشتركة، بين الكرد والعرب و باقي المكونات ضد الحكومة السورية وهي قضية تغيير النظام القمعي الذي بات يخنقنا جميعاً. لذلك؛ من الخطأ الفادح والجنون إخراج الصراع من سياقه الطبيعي؛ كونه بين شعوب ومكونات مقموعة ونظام لا يراعي فيهم الحق إلى صراع بين الشعوب. والجدير بالذكر أن أبناء قامشلو ودير الزور قاوموا وقاتلوا سويا ضد القوى الظلامية، وإعلان انتصارهم المشترك في هذه المباراة التاريخية هو فقط رهن أيام معدودة.
واضح جداً بأن دماء شهداء 12 آذار لم تذهب سدىً وأن ما يتم إنجازه اليوم هو تتويج لتضحياتهم وفي الوقت نفسه هو انتقام لهم. ولكن؛ بهوية وأسلوب جديدين.
No Result
View All Result