الثورة السورية وما نتج منها من أزمة اللاجئين، واحدة من كبرى الأزمات الاجتماعية، والسياسية والإنسانية التي شهدها جيلنا. في وقت تتفاوت فيه التقارير في بيان عدد القتلى الفعلي الذين وقعوا في مرحلة الصراع، وعدم القدرة على تسجيل الوفيات بدقة، حيث أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان في آذار 2018م، إلى أنه 511 ألف شخص على الأقل قتلوا خلال الحرب في سورية منذ آذار 2011م.
إن الطبيعة المروعة للانحلال الأخلاقي في هذه الحرب لا يمكن قياسها ببساطة بعدد الوفيات. ولقياس آثار الحرب، لا بد من تفحص الآثار والعواقب على الأفراد الأحياء، الذين تحملوا الهول نفسه الذي تحمله حصيلة الموت.
تغيرت طبيعة حياة ملايين المدنيين السوريين فجأة تغيراً لا رجعة فيه، بوجود أكثر من 5.5 مليون سوري لاجئ في دول الجوار، إضافةً إلى 6 مليون آخرين نازحين داخلياً في البلد نفسه على مدار الحرب والهجرة الجماعية، حيث كانت هناك انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان وانتهاكات أخرى غير إنسانية يتعرّض لها الشعب السوري. أشار إليها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في حوار تفاعلي في أثناء لجنة التحقيق بشأن سورية بأن الاستهداف المنهجي للمدنيين وتقييد المساعدات الإنسانية والتعذيب والأعمال الوحشية والبربرية التي ارتكبتها الجماعات غير الحكومية، ومن ضمنها (داعش)، كذلك أظهرت بعض التقارير على قلتها- السمات النوعية (الجندرية) للصراع، وتحديداً تأثير الصراع في النساء.
منذ بداية الصراع، كان هناك تصاعد في العنف المحلي الجسدي ضد النساء، ما أدى إلى تصاعد في حالات الزواج المبكر، كان يهدف إلى الحماية من الاعتداء الجسدي، وكذلك الحماية من الاعتداء الجنسي إضافةً إلى كونه حلاً للمشكلة الاقتصادية، وأخيراً، ازداد الجنس من أجل البقاء وكذلك البغاء.
إن أخطر القضايا التي تواجه المرأة السورية سواءً في بلدها أم في الخارج – بحسب لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة- الاغتصاب الجماعي، والزواج القسري من الإرهابيين الأجانب، والقيود المفروضة على التعليم، وهذا كله لا يعني شيئاً مقابل ما تواجهه النساء اللواتي أعيد توطينهن بوصفهن لاجئات.
لذلك لا بد من البحث في أثر العنف الجنسي في الإناث اللاجئات في بلدانهم الأصلية، وكذلك في مجتمعات إعادة توطينهن. وأن يتم الوقوف على حالات للنساء السوريات اللاجئات في تركيا، وحالات الصراع والهجرة وتأثيرها في النساء.
ومن الواضح أن النساء السوريات يختبرن مرحلة جديدة من العنف نتيجة الثورة في بلدهن. عند الربط بين الصراع والعنف الجنسي، ومن المهم فهم الأسباب المتعددة التي تؤثر في كيفية تغيير طبيعة هذا التحرش، وما تحتاج إليه النساء في مرحلة من مراحل تجربتهن في الصراع والأشكال التي قد يتخذها. في وقت يكون من المفيد وجود عهود دولية، ومعايير اجتماعية وثقافية لمراعاة الضحايا. إن اضطهاد الضحايا لا يؤدي إلى إطالة الصمت الذي تشعر به النساء، ولا يجب أن يلتزمنَ السكوت من أجل المحافظة على الذات والمنزلة الاجتماعية. من الواضح أنه من أجل المضي قُدماً في سبيل تحقيق العدالة، يجب أن تستفيد النساء السوريات من العهود الدولية، لا أن تكون محض أرقام على صفحات التقارير التي تتناول الأزمة.