سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

كيف نقرأ الحدث؟

رامان آزاد –

من أهم مشكلاتنا الفكريّة صعوبةُ قراءةُ الحدثِ بالشكلِ الصحيح، وفي معظمِ الحالاتِ نعتمدُ قوالبَ “دوغمائيات” ثابتة نقيسُ عليها الحادثةَ، ولعلنا نستندُ للعاطفة أكثر من المنطقِ، والماضي أكثر من الحاضر، وتنحصرُ ردودُ أفعالنا تجاه الحوادثِ بالشعاراتِ والتعميم والقول: التاريخُ يكرر نفسه.
القراءة السليمة للحدثِ سبيلُ اتخاذِ القرارِ السليمِ وقد نرتبك حيال حادثٍ معين وننتظر دلائل أخرى أو تقييم آخرين لنستنتجَ أبعادَه، ونتكلُّ على قراءاتٍ مجتزأةٍ ونتجاهلَ نقاطاً مهمةٍ، وأما المتحزّبون فينتظرون صدورَ بياناتٍ رسميّةٍ من مرجعياتهم الحزبيّة ويتبنونها مباشرةً وهذا أمرٌ طبيعيّ.
بعض الأحداث مواقف مجانية
المقصودُ هنا الثقافة العامة لقراءةِ الحدث لدى المواطنِ عندما يتعلقُ الأمر بالشأن العامِ أو المصير والوجود. ومنذ بداية الأزمة السوريّة يمكنُ ملاحظةُ أنّ قرارَ كلِّ شخصٍ يرتبطُ بقراءته الخاصة السطحيّة والضيقة، ووفقاً لذلك هاجر البعضُ وبقي الآخر، وغالباً ما اضطر الباقون للنزوح من مكانٍ لآخر بعد استنفادِ الزمن، ولكن دون قراءة كاملةٍ الحدث، بل لمجرّدِ النجاة.
قراءةُ الحدث لها علاقة وثيقةٌ بمستوى اطلاعنا العام، لنتمكنَ من ربطِ الأحداثِ ببعضها، واستنتاج مآلاته، ولو على سبيل الافتراض، وأما بقاءُ المرءِ عاجزاً عن قراءةِ الواقع فهو دليلُ قصور وشكلٌ من الأمية، فيما خلط الأوراق في السياسة فهو للتعمية ومنعِ القراءةِ السليمةِ للحدثِ، فالتهديد التركيّ عبر الحدود بعد احتلال عفرين جاء لصرف الانتباه عنها، وإشغال مراكز القرار الدوليّ بالموقف التركيّ وإعطائه مزيداً من الضمانات وبالتالي هو ابتزازٌ صرفٌ، تستفيد موسكو من عوائده مباشرة فيما يُحرج الأمريكيّ، إذ يخيّره بين علاقاته التكتيكيّة والاستراتيجية، وبذلك أقدمت واشنطن على منح تركيا موقفاً سياسيّاً مجانياً بالإعلانِ عن جوائز لمن يُدلي بمعلوماتٍ عن أماكنِ وجود القادةِ الثلاثِة (قره يلان، بايك وكالكان) ولينشغل الجميع بالخبر. والسؤال الجدّي عن قيمةِ هذا الخبر، وهل ينفصل عن سياق أحداث المنطقة، وما الهدف السياسيّ المراد تحقيقه؟ وهل القادة الثلاثة أصبحوا في خطر اعتباراً من الإعلان؟ وهل هم من نزلاء الفنادق ويسافرون عبر العالم ليتمَّ تعقبهم؟ أليسوا قادة ميدانيون والكلّ يعرف بمكان وجودهم؟ ونسأل أيضاً ماذا حدث بعد أسر القائد عبد الله أوجلان وتعرّضِ قادةِ حزب الشعوبِ الديمقراطيّةِ للاعتقالِ, هل تمّت تصفيةُ القضيةِ؟ لعلنا زدنا قناعةُ بأنّ قضيةُ يدفعُ قادتُها ثمنَها غالياً ويدافعُ عنها أبناؤها بالغالي والنفيسِ ستستمرُّ رغمَ كلِّ الظروفِ.
القضيةُ أنّهم يتوقعون أسلوبَ تفكيرنا وسلوكنا ويدفعوننا عن القضية، وما يعملون عليه هو محاولةُ تصفيةِ وإنهائها عبر اختزالها وإثارة المشاعر وتصويرها على أنّها تتعلق بشخصياتٍ وليست قضية تاريخيّة لشعب له حق الحياة والوجود، ولعلهم توقعوا خروج المظاهرات وصدور بيانات التنديد وانحسار الحديث عن جوهر القضية.
الكلّ براغماتيّ بمواقفه، وقد يستغرب بعضنا تناقض موقف واشنطن الداعمة لقسد وإعلانها المتصل بالقادة، وقد يعتبره ازدواجيّة بالمعايير، ومؤكد أنّ ذلك صحيح، فواشنطن لا تتبنّى القضية الكرديّة ولا الحلّ الديمقراطيّ في سوريا، بل مصالحها وهم يقولون ذلك علناً، وقد يذهب البعض للقول إنّ الموقف الأمريكيّ أراد فصل العلاقة بين PKK  و PYD ولكن الواقع هو محاولة أمريكيّة لاحتواءِ موقف أنقرة، وعلينا التوقف لدى سياسة أنقرة فهي تقرُّ من حيث لا تريد بوحدة القضية، ولو أنّها آمنت بانفصالها لاتخذت سياسةً مغايرةُ في سوريا وقبلت بنتائجِ استفتاءِ باشور، إذ لا فرقَ لدى أنقرة بين الكرد داخل حدودها وخارجها، وهي تعارضُ أيّ إنجاز تحرريّ ديمقراطيّ وعلى هذا الأساسِ أوجدت مصطلحي الكرد الجيدين والسيئين.
خلال التواصل مع الأهل المهجّرين للاطمئنان عليهم كانت أولى الشكاوى حول الإعلام، فموضوع المخيمات مهمٌ جداً وقد تحدثوا عن محاولاتِ جهاتٍ لتهميش هذه المسألة وتمييعها وإنهائها تحت شعارات إنسانيّة، والمفارقة غيابُ الإحساس الإنسانيّ خلال العدوان والقصف وحضوره في المخيمات، والصحيح أنّ المخيمات تؤكّد حالة الصمود والتمسك بالأرض والثوابت، وقال من تواصلنا معهم: “لم نبقَ هنا لنُنسى، نحن نؤدّي واجبنا الوطنيّ في المخيمات وعلى الإعلام ألا يتجاهلنا”.
وطنيّة مجانيّة وجلبة من غير داعٍ
من جملة الأمثلة التي يجب التصدّي لها في سياقِ خطابنا لمجتمعنا، تداول البعض عن معرفةٍ أو جهلٍ الحديثَ حول مبررِ استمرارِ محاربةِ الإرهاب في آخر جيوبه شرق الفرات، وأنّ الحملةَ يجبُ أن تتوقفَ بعد الاحتلالِ التركيّ لعفرين، والحديث نتيجة للتأثر بما تضخّه ماكينة الإعلام التركيّ. فأنقرة تصرُّ على توصيفِ قسد من مكوّنٍ واحدٍ هم الكردِ، فهذا التوصيف يخدمُ هدفها بإسقاط التوصيف الوطنيّ عن كاملِ المشروع الديمقراطيّ وأنّه يحافظُ على وحدة الأراضي السوريّة والسيادة الوطنيّة، وأنّ مشاركة الكرد فيها تأتي في سياقِ الشراكةِ الوطنيّةِ باعتبارهم مكوناً وطنيّاً سوريّاً أصيلاً، وتتجاهلُ عمداً حقيقةً أنَّها أضحت قوةً عسكريّة وطنيّة من كلِّ المكوّناتِ السوريّة، وأنّ المكوّن العربيّ يشكّل الغالبيّة فيه، بعد انضمامِ الشبابِ العرب من المناطق التي ذاقت مرارةَ الإرهابِ، إلى صفوف هذه القوات أملاً بتحرير مناطقهم وتطهيرها من الإرهابِ، ويجب ألا نخذلهم بوقف العمليات.
إنّ وقفَ العملياتِ يمنحُ الإرهابَ فرضةً مجانيةً لإعادةِ ترتيبِ صفوفه واستعادة أنفاسه بعدما أصبحت معدودة، وبذلك تنقذ أنقرة شركاءها الإرهابيين، فالتباكي على الإرهاب في إدلب ماثل للعيان. وما التهديد التركيّ بعملية شرق الفرات والقصف والقنص عبر الحدود إلا للمشاغلة والضغط لإيقاف العملية. وكلّ معركة ضد الإرهاب يكون العامل التركيّ حاضراً فيها.
لكنِّ ذلك لا يعني تجاهل عفرين وواقع الاحتلالِ والإرهاب فيها، بل إنّ تحرير كاملِ مناطق شرق الفرات سيكون رافعة التحرير لسائر المناطقِ والمسألة تتعلق بطبيعةِ العمل العسكريّ فله خصوصياته وأولوياته، جهة ثانيةٍ بالعمل الدوليّ والإقليميّ وجملة الاتفاقات ومجملِ الحِراكِ السياسيّ الدوليّ. ولو سألنا لو توقفتِ حملةُ شرق الفرات؛ هل بالوسع فتح المعارك في عفرين تلقائياً وتحريرها؟ والجواب هنا بالنفي، إذاً لِمَ هذه الوطنيّة المجانية والجلبةِ من غير داعٍ؟
كيف تواجه عدوك العقائديّ؟
خلال الأيام الأخيرة ضجّت مواقع التواصل الاجتماعيّ بمواقف متضاربة إزاء مناسبة المولد النبويّ، فكانت ما بين التبريك والاحتفال مقابل الرفض والاستنكار، ووصلت إلى حدِّ تبادل الاتهام بالتخوين والتخلف والتكفير. ربما لا يسع البعض أن يدركَ أن الحروبَ نفسها لا تُنهي العقائدَ الدينيّة، والعكس هو الصحيح، أي إحياء العمل الدينيّ لشنِّ الحروب واستمرارها، ولا يمكن لأفكار شخصيّة أن تغير واقعاً عقائديّاً يمتد لقرونٍ طويلةٍ، والتاريخ شاهد على حروبٍ كبيرةٍ بين أطرافٍ إسلاميّة رفعت الشعارات ذاتها واحتكمت إلى الكتاب نفسه، ولكنها اختلفت في المرجعيّة. ولنعلم أنّ حربَ الثلاثين عاماً في أوروبا كانت دينيّة وكانت الكنيسة الكاثوليكيّة طرفاً فيها، انتهت إلى صلح وستفاليا 1648 ولكنها لم تضع حداً للبروتستانت، بل ظهرت من بعدها دولٌ بروتستانتيّة ومئات المذاهب المسيحيّة وكذلك أحزابٌ سياسيّة مسيحيّة لها وزنها حتى اليوم.
 وما يستوقفنا هو مواقف صدرت من أشخاص يُعدّون من المثقفين وآخرين من مؤيدي الإدارة الذاتيّة والمشروع الديمقراطيّ ولا نريد توصيفهم حزبيّاً ونقع في خطأ تعميم هذه المواقف، وبالمجمل عكستِ المواقفُ حالة اضطرابٍ وعدم انسجامٍ إن تكن فوضى فكريّة لدى البعض، وفهماً مشوّهاً لمعنى الحرية الشخصيّة والاعتقاد، والنيل من هذه الحرية بالتهجم المتعمد. فالمناسبةُ في حدها الأدنى تراثٌ مجتمعيّ ولعلَّ الناسَ تحتفل به من قبيل العادات والتقاليد كحال الكثير من المناسبات، عدا النظر إليه من قبيل الاعتقاد والتقديس. وهذا محلُّ قصورٍ واضحٍ في وحدة الرأي العام المجتمعيّ تجاه قضية ليست طارئة، وهذا مجال عمل الإعلام والنشاط التوعويّ ودورات التدريب.
الاجتزاء والتعميم هما من المشاكل الثقافيّة لدينا، أي الوقوف على جزئيّة لقضية ثم تعميمُ النتائج، وهذا يخالف جوهر الديمقراطيّة الحقيقيّة والتي تضمن حرية الرأي والتوجّهات حتى للمكونات الأقل عدداً، فيما الديمقراطيّة الشكليّة تلجأ للتصويت والرجحان العدديّ وابتلاع ما تبقى.
تعيش سوريا للسنة الثامنة حرباً عالميّةً بالوكالة عن إراداتِ دوليّةٍ وإقليميّةٍ بعناوين مذهبيّة وطائفيّةٍ ويجسّد المرتزقة دور أداة التنفيذ وهو تماماً ما بشّر به بريجنسكي مستشار الأمن القوميّ الأمريكيّ السابق في كتابه “رقعة الشطرنج الكبرى” وقضية الجهاديّة التي بدأت في أفغانستان لمحاربة ما سُمّي الإلحاد الشيوعيّ، ومن ثم كان التكاثر وتعددُ الراياتِ والتوجّهات والمضمون واحد هو الإرهاب. وحقيقة حرب اليوم أنّها مركبة من عدة مستويات (إعلاميّ وثقافيّ، سياسيّ وعسكريّ في الميدان).
الحديث هنا عن الحربِ الإعلاميّة والاختراق الثقافيّ وما دمنا نردّدُ القولَ إنّ منطقتنا مهدُ الحضارات والثقافات والأديان، فهذا هو الجواب المختصر عن سؤال هل يمثل مرتزقة داعش والنصرة وسواهما كلَّ الإسلام زماناً ومكاناً؟
من المعلوم أنّ الدينَ هو السلاحُ العقائديّ الأمضى الذي يحارب به الإرهابُ ويُكسِبُ قتاله بُعداً مقدّساً ويستقطبُ المرتزقة بغسيلِ أدمغتهم فيعِدُهم بجنةٍ عبر سفكِ الدماء، والقولُ إنّ المرتزقة يمثلون الإسلامَ كله يثبّتُ السلاحَ العقائديّ بأيديهم وسننحهم شعور المظلوميّة إذ يحاربهم العالم كله، فيما المطلوبُ نزعُ هذا السلاح وإظهارُ حقيقةِ أنّهم فرقةٌ مارقةٌ عن الدينِ متمردةٌ على القيمِ الإنسانيّةِ والفطرةِ السليمةِ وأنّهم أعداءُ الحياة.
إنّ تعميمَ فكرة “الدعشنة” واعتبار كلِّ من توجّه للقبلة فصلّى داعشيّاً على مدى 14 قرناً ونيف ينطوي على تعميمٍ مبالغٍ فيه ويسيءُ لثقافتنا، فالمساجدُ نجدها في قرانا وبلداتنا، ونفتخر بقامات نضاليّة باسقة كانوا رجال دين (الشيخ سعيد بيران، سيد رضا، قاضي محمد، وصولاً للشيخ معشوق الخزنويّ)، وإلا فما معنى كلمتي الشيخ والملا التي نتداولها؟
مشكلتنا ليست مع الأديان كحالةِ اعتقادٍ، وإنّما بمغادرةِ الدين للمساجدِ مثلاً في حالة تطرفٍ واكتساحِ المجتمع والسياسة وممارسة القتل بتهم التكفير، وهذا جوهرُ الجهودِ التي انصبّت مؤخراً حول الإسلامِ الديمقراطيّ وإعادة الاعتبارِ للدينِ بما يلائم روحَ العصر ويُبعدُه عن التشددِ الإرهابيّ الوهابيّ أو الإخوانيّ الطورانيّ.
ولأنّ كلَّ فعلٍ لا ينفصلُ عن السياقِ العام للأحداثِ فالسؤالُ يطرحُ نفسه لِمَ تأتي الطروحات المتناقضة ويُثارُ ا جدلٌ كهذا في هذا التوقيتِ؟ ألا يكسبُ أردوغان مزيداً من الأصواتِ في صناديق الاقتراعِ على حسابِ الكردِ المتدينين ويُوهمهم أنّ مستقبلهم بخطرٍ فيما لو فازتِ الأحزابُ العلمانيّةُ أو التوجّهاتُ اليساريّة، وأنّ العلمانيّة تساوي الإلحادَ؟ وبالمقابل يقوم كثيرون منا بتثبيتِ تلك الادعاءاتِ بأفكارٍ لا تتناسب مع الواقعِ الثقافيّ في باقي المناطقِ السوريّة وتتناقضُ مع مشروعِ الحلِّ السياسيّ، فيما نحن أحوجُ لترميمِ بنيةِ المجتمعِ وتوحيده ولا يمكنُ النظرُ إلى حالةِ الجدلِ هذه ببراءةٍ وحُسن نية.
واقعاً نحن في معركة كبيرةٍ على مختلفِ الصُّعدِ والمطلوبُ تعددُ أساليبِ المواجهةِ وعدمُ الخلطِ بين الدينِ والقوميّةِ والفرزُ بينهما ضروريّ. إذ؛ ليس أحدهما بديلاً للآخر، والسبيل هو بتفعيلِ الوطنيّةِ السوريّةِ أي أنَّ سوريا بلدٌ تتعدد فيه الأعراقُ والأديانُ وتشكّل هويةً وطنيّةً واحدةً، وبالتالي فالقضية ليست تبشيراً دَعَويّاً، بل نزعَ فتيلِ الأزمةِ الثقافيّةِ من أجل مزيدٍ من التحصينِ المجتمعيّ، إذ لا قيمة لثورةٍ ما لم تكن ثقافيّةً بالمقامِ الأولِ تحرّرُ معانيَ المصطلحاتِ من الانحرافِ فالسلاح يقتلُ بصرفِ النظر عن عقيدةِ ضاغطِ الزناد، وهذه هي حقيقة الإرهاب.
سطحيّة في فهم الحدث
خبر افتتاح مكتب قنصلي أو قنصلية تابعة لوزارة الخارجية والمغتربين بمدينة الحسكة تمَّ تداوله على أنّه إقرارٌ نهائيّ بالواقعِ الراهنِ والإدارة الذاتيّة، وهنا ثمّة مبالغة بالتحليلِ لأنّ المكاتب القنصليّة ليس من شأنها أن تؤدّي هذه المهمة، فهي تمثيل حكوميّ إداريّ من جهةٍ واحدة وليست تبادلاً، وبالتالي لا تُعدُّ دليلاً كافياً للإقرارِ بمندرجاتِ المشروعِ الديمقراطيّ والإدارةِ الذاتيّة، بل هو إقرارٌ بالوضع الراهن لجهة بُعدِ المسافةِ والتواصلِ، علماً أنّ مكتباً من هذا النوع موجود في مدينة حلب قبل الأزمة ومهمته تصديقُ الوثائقِ الرسميّةِ وتسهيل الإجراءِ الإداريّ، وبالتالي كان التعاطي مع هذا الخبر في شكلٍ من السطحيّة.
من المصطلحاتِ التي قد لا نعيرها الاهتمام الكافي مصطلح “التسويق السياسيّ” وهو يتطلبُ تضافر كلِّ الجهودِ لإيصال فكرة المشروع السياسيّ وشرح أبعاده وإزالة الغموضِ والالتباسِ حوله من أجلِ فهمٍ مشتركٍ للحدثِ، وهذا بالنسبة لنا ميدان معركة كبيرةٍ، لدحضِ المزاعمِ والافتراءاتِ حول مزاعم التقسيمِ والانفصالِ، عدا اتهامات كثيرة تصبُّ في مصلحة شرعنة العدوان التركيّ والتدخّلِ في شمال سوريا، ويسدِّ سبلَ الحلِّ السياسيّ والحوارِ الوطنيّ. وبكلِّ الأحوال التاريخ لا يعيدُ نفسه فهو تدفقٌ لا ينقطع، ولعل الأحداث تتشابهُ لدرجةٍ كبيرة إلا أنّها لا تتطابقُ، وفي كلِّ مرحلةٍ هناك فرصةٌ للتصحيح وتغيير المسار، وإن لم تُقتنص الفرصة يتمّ تدويرُ القضايا للجيل التالي.