No Result
View All Result
المشاهدات 0
سوزان علي –
سعت الأنظمة الاستبدادية وعلى مرّ التاريخ ولا سيما على مدار القرن الماضي بتفاقم الأزمات في الشرق الأوسط وذلك من خلال الدول القومية وأنظمتها؛ بدعم تلك الأنظمة في إمحاق الشعوب الأخرى لإطالة عمرها وتحقيق مصالحها في المنطقة والاستيلاء على خيراتها.
قاومت المجتمعات أمام سياسة هذه الأنظمة وبدا الصراع بين طرفي نزاع متمثلاً بالنظام الرأسمالي والآخر الفكر الديمقراطي المجتمعي، وصمدت هذه المجتمعات وحافظت على قيمها التي انتقلت إليها عبر الذاكرة المجتمعية، وتشبثت بثقافتها، غير مستسلمة لكل تلك السياسات التي غدت كالأمواج تقذف الشعوب إلى قاع البحر وفي مقدمتها النظام الرأسمالي الذي هو ليس نظاماً مجتمعياً، بل هو نظام خارج عن إطار المجتمعات يسعى إلى فرض سيطرته عليها عبر الرأسمال وتحقيق الربح والمنفعة. ولتحقيق غاياتها تلك؛ تسعى وبالوسائل كافة إلى تطبيق سياستها وفرض هيمنتها على المجتمعات؛ على عكس العصرانية الديمقراطية، فهي ثقافة مجتمعية أصيلة، نابعة من المجتمع الطبيعي وحافظت على قيمها ومتنت أواصر الأخوة والمحبة والتسامح بين الشعوب.
وتسعى الأنظمة الاستبدادية إلى تغيير سياستها بين الفينة والأخرى، فبعد رسمها حدوداً للدول ومنحها طابع القومية؛ باتت تريد تقسيم الدول القومية إلى دويلات في سعي منها لرسم الشرق الأوسط الجديد وتغيير بعض حكام ورؤساء الدول القومية واستبدالهم بآخرين مع الحفاظ على الأنظمة نفسها، في حين يسعى الفكر الديمقراطي إلى بناء الشرق الأوسط الديمقراطي عبر اتخاذ الشعوب أساساً لها والانطلاق من الكومينات والمجالس المحلية نحو الإدارة الذاتية الديمقراطية في حلّ مشكلات المجتمع وتنفيذ مشاريعها والنهوض بها، كما ويسعى إلى تحرير المجتمع من الفكر الاستبدادي والذهنية الذكورية والتخلص من القيود المجتمعية التي تحدّ من طاقات وإبداع أفراد المجتمع، وحل المشكلات.
وتكمن أزمات ومشكلات مجتمعات الشرق الأوسط في الفقر، البطالة، التلوث البيئي، التضخم السكاني، الحروب، الإبادة، الهجمات، والصراعات المستمرة، وعبودية العائلة وفي مقدمتها عبودية المرأة، والعادات والتقاليد البالية التي تستنزف طاقات المجتمع. ويكمن حل هذه الأزمات في تطبيق الفكر الديمقراطي الحر، خارج إطار حدود الدول القومية من خلال إدارة الشعوب لمناطقهم عبر الإدارات الذاتية الديمقراطية والإدارات اللامركزية، وفقاً للعصرانية الديمقراطية أو فكر الأمة الديمقراطية المحتضن للشعوب كافة، والحض على ثقافة الشعوب (الثقافة المجتمعية) في العيش المشترك وأخوة الشعوب والعدالة الاجتماعية والتعاون والوصول إلى الاقتصاد المجتمعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وإدارة المرأة للمجتمع والسعي لحريتها.
إن تطبيق فكر وفلسفة الأمة الديمقراطية جدير بخلاص شعوب ومجتمعات الشرق الأوسط من أزماتها المتفاقمة، وتحررها من العبودية والظلم، والانطلاق نحو مجتمع آخر؛ أكثر طبيعية وانفتاحاً.
No Result
View All Result