اقترح أبناء شمال وشرق سوريا جملة من المشاريع؛ للحدّ من تأثير قانون قيصر الذي طُبّق اليوم كعقوبة اقتصادية على سوريا، وتتأثر بها مناطق شمال وشرق سوريا، وأشاروا إلى أن المنطقة زراعية وتستطيع الاعتماد على ذاتها وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
يدخل قانون قيصر للعقوبات على سوريا حيز التنفيذ اليوم، ولكن كيف يمكن تفادي تداعياته؟ أبناء شمال وشرق سوريا لديهم جملة مقترحات للإدارة الذاتية
ويطلق على قانون العقوبات الأمريكي اسم “قيصر” نسبة إلى مصور عسكري سابق في الشرطة العسكرية السورية يُعرف باسم مستعار هو “قيصر”، هرب من سوريا صيف عام 2013 حاملاً معه 55 ألف صورة مروّعة تظهر جثثاً تحمل آثار تعذيب، وذلك بحسب الإدارة الأمريكية
ويفرض القانون عقوبات على الرئيس السوري بشار الأسد والمؤسسة العسكرية والأمنية ومختلف مؤسسات الحكومة السورية من وزراء ونوّاب وغيرهم، إضافة إلى الأفراد والشركات الذين يموّلون الرئيس أو يقدّمون المساعدة له.
ويذكر المشروع روسيا وإيران بشكل مستمر، ويلوح بفرض عقوبات عليهما لدعمها الحكومة السورية، وينص بشكل واضح على أن العقوبات ستفرض كذلك على مسؤولين إيرانيين وروس ممن يدعمون الحكومة، وعلى الرغم من أن ممثل وزارة الخارجية الأمريكية في شمال وشرق سوريا، وليام روباك أشار في وقت سابق إلى أن القانون يستثني مناطق الإدارة الذاتية، إلا أن نائب الرئاسة المشتركة للإدارة الذاتية، بدران جيا كرد أشار إلى أن هذه الوعود نظرية، ولا يمكن الارتهان إليها في ظل الحصار المفروض على المنطقة.
وستكون هناك تبعات للقانون على مناطق شمال وشرق سوريا، لأنها تتعامل بالليرة السورية وتخضع للحصار من قبل جميع الأطراف ولا تصلها المساعدات الإنسانية المقدمة من الأمم المتحدة، لذلك تتجه أنظار الأهالي إلى الإدارة الذاتية وما ستفعله لتخفيف المعاناة عنهم.
وفي ظل الظروف التي تعيشها المنطقة، تتخذ الإدارة الذاتية من شبه الاستقلال الاقتصادي أساساً لها، فمضمون شبه الاستقلال الاقتصادي لا يتخذ من الرأسمالية الخاصة ولا من رأسمالية الدولة أساساً له، بل يعمل أساساً بموجب الصناعة الأيكولوجية والاقتصاد الكومونالي “التشاركي” باعتبارهما انعكاساً للديمقراطية على قطاع الاقتصاد.
افتتاح مشاريع مُصغّرة
وفي هذا السياق افتتحت الإدارة ودعمت افتتاح العديد من الجمعيات التعاونية بناء على الموارد المتاحة في المنطقة. وانجذاب الأهالي للمشاركة في الجمعيات التعاونية، وبخاصة الزراعية، حيث هناك العشرات من الجمعيات التعاونية في شمال وشرق سوريا أغلبها زراعية نظراً لطبيعة المنطقة، إلا إن بعضها فشلت لقلة خبرة الأهالي في إدارة الجمعيات.
المواطنة عائشة محمد إحدى المشاركات في جمعية زراعية بمدينة ديرك في إقليم الجزيرة، شاركت في جمعية زراعية لزراعة القمح مع 50 مشتركة في منطقة ديرك.
واشتكت عائشة من غلاء الأسعار، وقالت لوكالة أنباء هاوار إن الجمعية لم تتمكن من تدبير أمورها في ظل غلاء الأسعار وشراء المستلزمات بالدولار وارتفاع سعر صرفه مقابل الليرة السورية، ولكنها على الرغم من ذلك تؤكد أن “المشاركة في الجمعيات يخفف من العبء على الأهالي”.
وطالبت عائشة محمد، تفعيل الجمعيات وتطويرها، ومشاركة كافة الأهالي فيها عبر الكومينات ليستطيعوا تدبير أمورهم المعيشية، ولفتت أن هذا يقع على عاتق إدارة الجمعيات.
منطقة زراعية لها القدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي
وتشتهر مناطق شمال وشرق سوريا بتوفر مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، تزرع فيها محاصيل الحبوب والبقول والخضروات والنباتات الطبية والعطرية والمحاصيل الاستراتيجية مثل القطن والشوندر السكري.
وفي حال استغلال المساحات المزروعة بشكل مثالي، فإنها ستغني المنطقة عن استيراد العديد من المواد، وتساعد في تحقيق الاكتفاء الذاتي بالمنطقة، بحسب ما تؤكده المواطنة كولي حسن من قرية حمزة بك في مدينة ديرك.
وتشير كولي، إلى أن المنطقة وبحسب الإمكانات المتوفرة تستطيع زيادة عدد الأفران نظراً لتوفر القمح، وتستطيع افتتاح معامل صناعة زيت الذرة، بالإضافة إلى معامل صناعة المواد الغذائية المختلفة لوفرة المحاصيل، وتطوير قطاع الثروة الحيوانية بتفعيل معامل الألبان والأجبان. وتؤكد كولي حسن، أن زيادة المشاريع ضمن المنطقة سيؤثر إيجابياً في اقتصاد المنطقة، ويغنيها عن استيراد بعض المواد من الخارج.
شكاوي واقتراحات
ويشتكي الأهالي، وخاصة أصحاب الدخل المحدود الذين يعتمدون على القوة العضلية في العمل، من غلاء الأسعار، وقلة فرص العمل.
المواطن علاء ضاهر حسن من ناحية الدرباسية في مقاطعة الحسكة يقول: “الشعب يعاني من غلاء الأسعار وتأزم الوضع الاقتصادي، لذا نقترح إنشاء معامل للمواد الغذائية يشارك فيها المواطنين على شكل جمعيات تعاونية توفر فرص عمل أيضاً”. كما اقترح زيادة المساحات المزروعة بمحاصيل الخضار والفواكه، وهذا ما سيساعد في توفير احتياجات المنطقة من مختلف المواد.
أما نسرين علي من ناحية الدرباسية، فطالبت الإدارة بتأمين فرص العمل للأهالي، وذلك عبر تفعيل الجمعيات التعاونية وخاصة الخاصة بالمرأة ضمن الكومينات.
وفي مدينة كوباني بإقليم الفرات، اشتكى المواطن عزت محمد من غلاء الأسعار وزيادة العبء على الأهالي وخاصة الفقراء وأصحاب الدخل المحدود.
وقال عزت إنهم يستطيعون الاستفادة بشكل أفضل من الأراضي الزراعية، وتطوير مشاريع الري؛ للتمكن من زراعة كافة الخضروات الموسمية، ولكنه أشار إلى أنهم يعانون من قلة المياه التي يجب توفرها لزراعة الخضار.
أما المواطن رزكار طالب من مدينة كوباني، فيقول: “إن كل شيء غالٍ، وبات العامل العادي جليس المنزل لتوقف الأعمال الحرة في ظل الغلاء”، وطالب بتأمين المياه والمحروقات للأراضي الزراعية لتحويلها من بعلية إلى مروية يمكن الاستفادة منها بدرجة أكبر في زراعة المحاصيل المتنوعة.
الإدارة الذاتية تُقدم الدعم للجمعيات الزراعية
وفي رده على مطالب الشعب، قال الرئيس المشترك لهيئة الزراعة والاقتصاد سلمان بارودو: “لدينا جمعيات فلاحية تعاونية، يتم ترخيص أراضي هذه الجمعيات من أجل استلام مستلزمات الزراعة كالبذار والأسمدة، ويتم توفير كافة المواد الزراعية للفلاحين بما يخفف عبء المصاريف عليهم، كما الجمعيات التعاونية الأخرى”.
وأشار إلى أن هناك تسهيلات ودعم من الإدارة الذاتية للمشتركين في الجمعيات، وخاصة الجمعيات الزراعية، ولكن في ظل الظروف الحالية التي تعيشها المنطقة، يصعب عليها تفعيل مشاريع تعاونية بشكل أوسع.