سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

“كورونا” وهشاشة الرأسمالية

بدران الحُسيني –

بين فكَّي كمَّاشةِ “كورونا” تحتضر القارة الأوربية العجوز بنظامها الصحي ومعها الأنظمة الرأسمالية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية القائمة في الأٍساس المُطلق على دعامة رئيسية وهي الحَجْرُ على العقول، ونواة التفكير البشري لتصويبه نحو مسارات محددة حسب خطط مرسومة في غُرف مظلمة تسيطر عليها ديناصورات الثروة وحِيتان المال بعيداً عن حقوق الإنسان والحرص على الأرواح؛ رغم التبجح الظاهر بهذا الشِّعار المُزَّيف.
فلا الأنظمة الرأسمالية تهمها مصائر الشعوب ولا القارة الأوربية العجوز التابع الذليل للرأسمالية لديها الاستعداد بالتفرد في قراراتها ومقارباتها تجاه المعادلات القديمة أو الجديدة الناشئة في العالم، وهذا ما يتقاطع مع القرائن والمعطيات التي فرضتها على البشرية “جائحة كورونا” وتشي بأن كل ما كانت تُنادي به ليست إلّا بالونات تخدير وحبوب هلوسة لشعوبها ناهيك بشعوب الشرق الأوسط وصراعاته المعقدة والشائكة.
وفي الحسابات القائمة وتحديداً تلك المتعلقة بالتفشي السريع والجنوني لهذا الوباء “كورونا” بعد السيطرة عليه في الصين تتكشف يوماً بعد آخر مدى هشاشة الأنظمة الرأسمالية ومن يدور في فلكها وينقاد وراءها، وتوضحت خطورة العلاقة بينها وبين الشعوب وخصوصاً فيما يتعلق بإجراءاتها الصحيَّة الهُلامية لمجابهة هذا الفيروس الذي تتضارب النظريات فيه؛ فمنها ما تؤكد بأنه مختلق بل ترجحها، وأخرى تقول بأنه نسخة مُنقَّحة من فيروس الإنفلونزا الطبيعي طوَّر نفسه بطفرة جينية، ويبرهنون ذلك بالخسائر الفادحة التي لحقت الأنظمة الرأسمالية.
والأسئلة التي تطرح نفسها بإلحاح اليوم هي: كيف تفشَّى هذا الفيروس بهذه الوتيرة السريعة في العالم؟؟! ولماذا لم يتم السيطرة عليه في بؤرة محددة مثله مثل باقي الفيروسات السابقة؟؟، ومتى أكتُشف تحديداً ولم يُعلن عنه؟ ولماذا؟؟ وهل ستُستثمَر هذه الجائحة التي قد تقضي على فئة عمرية معينة بكاملها وخصوصاً في الدول ذات الأنظمة الرأسمالية في السياسة لممارسة الضغوطات الدولية بين القوى العظمى الناشئة والمتهالكة؟؟ الجواب على هذه الأسئلة وغيرها برسم الأيام والشهور المقبلة عندما تنقشع الغبار عن هذا الاشتباك المَرَضي الحاصل في العالم ويُسدلَ السِّتارُ عليه.
بكل الحالات فإن كورنا اليوم يشكل خطورة تتهدد العالم سواء أكان مُختلَقاً أو طبيعياً، وبين هذا وذاك وحيث تتقاطع الأدلة فأنه يمكن القول إلى حد الجزم واليقين بأن كورونا وَضَعَ مستقبلَ منظومة القوى الرأسمالية على المحك، والأهم من هذا أن تشكيل نظامٍ عالمي جديد يفرض نفسه بقوة بعد انقضاء هذه الجائحة يكون فيه نظام ديمقراطي، شكَّل فيما سبق خطورة على الرأسمالية وتابعيها هو السائد وتحديداً في الشرق الأوسط المصنوع بأقلامها فوق جماجم الشعوب وحقوقها، وخصوصاً بعد هذه التباينات والمفارقات بين شعارات تلك الأنظمة والحقائق الملموسة على الأرض.