كوباني أنشودة المقاومة في مواجهة الاحتلال
تحقيق/ فيروشاه أحمد –
باتت كوباني أنشودة مطر في صيف حار، أنزلت حممها على رؤوس كل المهزومين الذين حاولوا تدنيس حواف ثقافتها وتاريخها الذي انبثق من فجر التاريخ، من مهد أعظم الحضارات الإنسانية.
في البدء كانت ثقافة المجد، وللمجد أوجه عدة، أسهلها عشق الشهادة، كي تشرق آلاف الشموس وتضيئ أطراف ميزوبوتاميا نوراً لكل الشعوب والمكونات، لا يمكن هزيمة تاريخ عمره بمساحة عمر كل الكون، أمام أجندات تعيش حالة الشرنقة المتهالكة، شعوب تعيش النهوض والارتقاء، تعلن تحدياً لمرتزقة تحارب بالوكالة، لا تحمل في أدمغتها سوى القتل من أجل القتل، في حين يرفع راية الحياة بشراً بلون الحرية، لهذا لا يمكن أن يصعد سلم المجد من لملم نفسه من أشلاء السلطة والهيمنة، أمام من أوجد نفسه بثقافته من تاريخٍ بدأ منه وينتهي إليه.
أي أكذوبة ترسمها راياتهم السود وهي لم تتلون بعد بأبجدية الإنسان، رايات ممزقة وبالية، فقط تحمل هياكل عظمية وكأنها بقايا ثقافة الوحوش الضارية، أي أكذوبة يقرؤونها في كتبهم الصفراء، بأن الملائكة تنصرهم في وأد البنات.
ثقافة الانتصار
في بداية الأزمة السورية 2011م لم يقف الكرد موقف المتفرج، لأنهم جزءٌ رئيس من هذا المشهد، وكل المتصارعين يتطلعون بأن يكون لهم موطئ قدم سياسي أو اقتصادي في المنطقة، ولأن الكرد تاريخ وثقافة، عملوا منذ البداية على حماية مناطقهم من كل تدخل أجنبي سواء الدول الإقليمية أو الدولية أو من الشتات الذين لفظتهم كل الثقافات، والذين شكلوا لأنفسهم آليات وأدوات للقتل والسبي والدمار، من خلال الدعم المادي واللوجستي من رعايا الإرهاب في العالم وبخاصة الدولة التركية، فكانت انكساراتهم متتالية في مناطق روج آفا وبقية مناطق الشمال السوري، فمن سريه كانيه كان خذلانهم الأول، ففي نهاية عام 2012م وبعد أن احتدمت المعارك في أغلب المناطق السورية، استقدمت تركيا مرتزقة من سجونها وبقية الأصقاع وزجتهم في معارك بالوكالة في مدينة سري كانيه (رأس العين)، وتمثلت هذه العناصر بمرتزقة من جبهة النصرة وداعش اللذين حاولا أن يسيطرا على هذه المدينة لم لها من موقع استراتيجي، لكن لم تكتمل أجنداتهم، بل سقطوا من أول مشهدٍ بطولي لمقاتلي وحدات حماية الشعب، الذين لقنوهم دروساً في الانتماء والبطولة، في حين دبت الفوضى والانشقاق والإحباط في صفوفهم.
ففي بدايات 2012م باتت هذه المدينة محررة من رجس القتلة وكانت هذه أولى الصفعات على وجه أردوغان الذي زود المرتزقة بأبشع أدوات القتل، كل هذا الانكسار لتركيا في سياساتها جاءت من خلال اختيارها خطاً مستقيماً عدائياً تجاه الكرد، ولم تأت هذه السياسة صدفةً، بل هو موروثٌ ثقافيٌ وتاريخي عدائي لا طائل منه.