No Result
View All Result
المشاهدات 2
حسام اسماعيل –
مع استمرار حالة عقم الحوار الخارجيّة يبدو أنّ كلمة الفصل في الأزمة السوريّة هي للميدان فقط، فمع انقلاب الصورة في الميدان، يحاول النظام السوريّ ومن ورائه الرُوس استخدام أعتى أنواع الأسلحة المُتطورة والحديثة لاستعادة السيطرة على البلدات والمدن والريف في المناطق التي تمّ تصنيفها وفق أستانه بمناطق خفض التصعيد، هذه الأسلحة التي لم تبقِ ولم تذر في المناطق التي نالها نصيبٌ من القصف الجوّي والبرّي المُدمّر، فإذا كانت فرنسا قد اتبعت إبان احتلالها الجزائر( سياسة الأرض المحروقة)، فالروس والنظام السوريّ استخدموا سياسة الضربات القاضية، ضد بقايا مسلحي المُعارضة السوريّة والمجاميع الإرهابيّة على العموم، حتى لا يبقى أمامها إلا تسوية الأوضاع أو الترحيل إلى الشمال. وقد صَرح بوتين ومسؤولون عسكريون أكثر من مرّة على وسائل الإعلام بذلك، بأنَّ الحرب السوريّة أو الميدان السوري فُرصة جيدة لتجربة الأسلحة الذكيَّة والمتطورة التي عملَ على تطويرها الجيش الروسيّ، وأنَّ الساحة السوريّة ميدان جيّد لتدريب العسكر الروس، وتجربة كلّ السياسات التكتيكيَّة والعسكريَّة على العموم لإخضاع الخصوم، من خلال اتباع سياسة (خفض التصعيد) والتفاوض مع أطراف المعارضة ولكن ضمن الشروط الروسيّة (سياسة الإذعان) التي تهدف إلى إخضاعهم بالترغيب وبالترهيب، والتي أعطت لجيش النظام السوريّ الفرصة لإعادة لملمة صفُوفه، وغضِّ الطرف عن التصرفات التي تَقوم بها روسيا والنظام السوريّ من انتهاكات للقوانين الدوليَّة وحقوق الإنسان، وهي بالتأكيد تُستخدم كسيفٍ مُسلط على الدُول الضعيفة، التي لا حول لها ولا قوة، كلما أرادت قوى الهيمنة العالميَّة التدخل بشؤونها، بالتالي وبالرجوع إلى الموضوع الأساسيّ، روسيا منذ البداية كانت مُتمسِّكة بالنظام السوري، ودائماً تتذرَّع بتواجدها العسكري في سوريا للحفاظ على الحكومة الشرعيَّة في سوريا على حسب زعمها، ولكن من المعروف أنَّ روسيا بقيادة رئيسها الطموح فلاديمير بوتين تُحاول أن تُعيد مكانتها وعظمتها بين الدول الكبرى صاحبة التأثير والنفوذ في العالم، إذاً هي العودة لاستعادة دور الدولة العظمى بموازاة الولايات المتحدة الأمريكيّة عبر البوابة السوريّة، وكان هذا الأمر واضحاً في الشكل والمضمون في اللقاء الذي جمع بين الرئيسين ترامب وبوتين (قمة هلسنكي) خلال هذا الأسبوع.
عودة روسيا إلى العالميّة يشكّل هدفاً رئيساً لها، وبخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتيّ في بداية التسعينات، وتحوّلها من أحد الأقطاب المؤثّرة في العالم إلى دولة أشبه ما تكون بدولة إقليميّة، ولتحقيق ذلك بدأت بتثبيت وجودها حيث مصالحها، والتدخّل في كلّ الملفات الساخنة في العالم، وباعتبار الأزمة السوريّة تشكّل محور الصراع الدوليّ والإقليمي فقد كان تدخلها نوعيّاً، بالإضافة إلى عدد من الأزمات الأخرى في شبه جزيرة القرم والملف النوويّ الإيراني والأزمة في اليمن. ومع اعتناق الروس لهذه العقيدة الضربات القاسية وإنهاء العدو، وتاريخ القيصريّة الروسيّة حافل بالحروب ومحاولات التمدُّد والسيطرة، اليوم تحاول أن تُثبّت وجودها في سوريا وتفرض التسويات. وبالمقابل ففي شمال سوريا تخطو القوى الديمقراطيَّة خطوات ثابتة باتجاه الحلّ الشامل للأزمة، وتَتَّبع سياسة الانفتاح وقبول الحِوار مع كلّ الأطراف السوريَّة. دون أن يكون هنالك شُروط مُسبقة، فتمَّت الدعوة إلى مؤتمر الحوار السوريّ ــ السوري ومن جميع المحافظات السوريّة، إذ لا ينبغي أن ننتظر من القوى الأجنبيّة أن تجد لنا الحلول نحن من نصنع الحلول. بالاستناد إلى لغة ِالحوار التي بدأتها القوى الديمقراطيّة الموجودة على الأرض السوريّة، هذا المسار هو المعوّل عليه لإخراج سوريا من أزمتها، وليس بالاتكال على القوى الأخرى التي تنظر إلى سوريا كفريسة سهلة، كإيران وتركيا وغيرها من الدول الأخرى، فالمسؤولون الإسرائيليون يُصرّحون بالقول: إنَّ التقدّم العسكريّ للنظام السوريّ في الجنوب لا يُشكِّل تهديداً لها، والسبب التزامها باتفاقية فصل القوات 1974م ولذلك فهم مطمئنون على ما يبدو للتواجد العسكريّ للنظام، ولكنهم يُبدون تخوّفهم فقط من الفصائل الإيرانيّة المتواجدة هناك والمتحالفة مع النظام، ويحاولون إبعادهم عن حدود إسرائيل، وعلى هذا الأساس قام الطيران الإسرائيليّ بقصف المواقع العسكريّة السوريّة أكثر من مرة، وأعلنت دمشق على لسان مسؤوليها أنَّها تحتفظ بحقِّ الردِّ، والخاسر الأكبر من هذا الأمر المدنيون السوريون الذين ذاقوا الأمرين بسبب القصف الهمجيّ الروسيّ الذي يتمُّ بتواطؤٍ دوليّ، فهم الذين يتعرَّضون للقتل وتدمير بيوتهم فوق رؤوسهم، ولا أحد يستجيب وكلّ السبل تقطَّعت بهم، والآلاف منهم عالقون على الحدود الأردنيّة يفترشون الأرض ويلتحفون السماء بعد رفض الحكومة الأردنّية السماح لهم بالعبور إلى الأردن، والنظام ماضٍ بهذه السياسة لاستعادة السيطرة على كلِّ ما فقده خلال سنوات الأزمة، فهل تستمر عقليّة الإخضاع بالقوة العسكريّة وتجاهُل بقية الأساليب؟ وإلى متى تتغلَّب سياسة الإخضاع بالقوة العسكريّة على لغة الحوار الوطنيّ…؟!! فقد آن الأوان لدقِّ أجراسِ العودة للاجئين والمهجرين، ولتتحد الإرادة تجاه عدوٍ واحد هو الإرهاب وإخراج قوات الاحتلال التركي، والانطلاق بعملية الإعمار بتوقير البيئة له.
No Result
View All Result