في عام 1972م، قدم الباحث ماريو سالفيني Marjo Salvini بالتعاون مع جامعة برلين مشروعاً من أجل الكشف عن النصوص الكتابية الحورية المنتشرة ضمن سلسلة من المواقع المتواجدة ضمن الحدود الإدارية القديمة للملكة الحورية- الميتانية في سوريا والعراق, وكانت مدينة كخت (تل بري) إحدى المواقع المدرجة ضمن ذلك المشروع باعتبارها من المدن الحورية- الميتانية التي كانت تدعى كخت كما أثبتتها أبحاث جورج دوسان في عام 1961م.
ورد اسم كخت في نصوص من العصر الآشوري الوسيط بين أسماء المدن السبع التي احتلها أدد نيراري الأول (1304- 1272 ق.م), كذلك ورد ذكرها في نصوص ماري (تل الحرير) إلى جانب ذكر اسم معبدها (معبد إله الطقس تيشوب) خلال القرن الثامن عشر ق.م, المعبد الذي ظل موجوداً حتى العهد الحوري- الميتاني والذي كان قد أودعت فيه نسخة من الاتفاقية الدولية التي أبرمت بين كل من الملك الميتاني شاتيوازا والملك الحثي شوبيليو ليوما وهو نفسه المعبد الذي احتفل الملك شلمنصر الأول بإعادة بنائه إلى جانب بنائه للعديد من المعابد الأخرى في بلاد الرافدين.
كما ورد ذكر اسمها على لوحين كتابيين اكتشفا ضمن القصر الآشوري الذي شيده الملك توكولتي نينورتا 890-884 ق.م في كخت وهما محفوظان الآن في متحف حلب.
كانت كخت إحدى أهم المدن الواقعة ضمن مثلث الخابور (الحوض الذي يشكل مجرى الخابور الأعلى وروافده جغجغ ووداي الرد) التي ورد ذكرها في المصادر المسمارية البابلية باسم إيدا ماراز والذي كان جزءاً رئيسياً من مملكة ميتاني في منتصف الألف الثاني ق.م وكانت تتبعها خلال العصر البابلي القديم أربع مدن منها مدينة شاكيني وإيدانو نيلبيسنو وكالاهوبرا وجميعها تقع في محيط كخت ويبدو أنها كانت تجاور بلاد آبوم التي كانت عاصمتها مدينة شخنا (تل ليلان) خلال الربع الأول من الألف الثاني ق.م.
بالعودة لإله الطقس تيشوب نجد أنه أحد الآلهة الحورية الذي تمكن من تسلم السلطة بعد أطاحته بوالده كمربي عبر مؤامرة شاركه فيها بعض الآلهة الحورية الأخرى, وقد ارتفع شأنه أكثر خلال القرنيين الخامس عشر والرابع عشر ق.م, وكانت له معابد في مدن كبيرة عدة منها يمخد (حلب) وآلالاخ (تل عطشانة) وكم أو كميا (مناطق زاخو) وخاتوشا ( بوكازكوي في الأناضول).
صوّر تيشوب على عربة حربية ذات أربع عجلات يجرها الثوران شريش وخريش (النهار والليل) وهو يحمل في يده سلاح الصاعقة أو المطرقة أو الرأس المزدوج أو الصولجان.
أما بخصوص كخت (تل بري) فإنها تقع جنوب مدينة قامشلو بنحو 30كم وتتألف من تلة يصل ارتفاعها إلى نحو 32م وتشكل مساحتها مع المدينة المنخفضة نحو 34 هكتار, ونقبت فيها بعثة إيطالية بإدارة باولو إيمليو بيكوريلا صاحب المقولة المشهورة “تلال الجزيرة أغنى من بترولها” وهو الذي فقد حياته وهو يعمل بداخل إحدى حفرياتها.