بيَّن كتاب ومحامون، أنَّ شعوب المنطقة، وبشكل خاص الشعب الكردي كانت تعاني من الإقصاء والتهميش والظلم، للحكم الدكتاتوري للأنظمة الحاكمة، وأكَّدوا أنه عقب ثورة التاسع عشر من تموز، وتطبيق مبدأ الأمة الديمقراطية، تكرَّس لدى شعوب المنطقة مفهوم أخوة الشعوب والعيش المشترك، وتم تطبيقه على أرض الواقع وما نعيشه في إقليم شمال وشرق سوريا خير دليل.
استعادت شعوب المنطقة الأصلية ثقافاتها القديمة، في ثقافة الأمة الديمقراطية في العيش المشترك، في ظل ثورة روج آفا والإدارة الذاتية الديمقراطية، التي تبنت فكر القائد عبد الله أوجلان، الذي رأت فيه خلاصها وحريتها.
السعي لطمس الهوية الكردية
وبهذا الصدد تحدث الكاتب “دجوار أحمد آغا” لصحيفتنا: “الكرد هم من الشعوب الأصلية في المنطقة، وهم موجودون منذ آلاف السنين فيها، والتاريخ القديم لم يكن فيه تناحر أو اقتتال بين شعوب المنطقة، ولكن الأنظمة الحاكمة؛ كانت تحاول إحداث صراعات بينها، والتي كانت تسعى لطمس هوية القوميات، وبشكل خاص الهوية الكردية”.
وأشار إلى، أنَّ “ما تمَّ إثباته في ثورة روج آفا، هو العيش المشترك والتكاتف بين الشعوب الموجودة على الأرض، ونلمس الألفة والمحبة بين الشعوب بعد تطبيق مبدأ الأمة الديمقراطية، وهو أكبر دليل على نهوض الشعوب من واقع سيء يسوده الظلم والذل، إلى واقع مفعم بالكرامة والحرية والتساوي بين طبقات المجتمع دون تمييز، فالكل سواسية في الحقوق والواجبات”.
وأكَّد: “نظرية الأمة الديمقراطية، هي التي جمعت أطياف المجتمع السوري في إقليم شمال وشرق سوريا، فقبل ثورة روج آفا، كان هناك إنكار ورفض لحقوق الشعوب الأخرى في سوريا، وبشكل خاص كانت هنالك عقلية تعتمد على الإنكار وتغيير أسماء الأشخاص والمناطق، وكان هناك تغيير ديمغرافي في المناطق الكردية، لكن بعد الثورة تغير كل شيء، بالاعتماد على مفهوم الأمة الديمقراطية، واتخاذ العيش المشترك سبيلا بين الشعوب، وأساس للبناء عليه، حيث حمى مكتسباتهم، التي تحققت بفضل دماء الآلاف من الشهداء”.
وبيَّن أحمد آغا: إنَّ “المشكلة الأساسية تكمن في أنَّ الدول القومية، التي قامت على أساس قومي كالدولة التركية والفارسية، بالإضافة إلى سوريا والعراق، بنيت على أساس فكر شوفوني وعنصري، يرفض القبول بالشعب الكردي الأصيل في هذه المنطقة، إلا أنَّ فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان، يدعوان إلى الحوار والحل السلمي للقضية الكردية في أجزاء كردستان الأربع، دون المساس بحدود تلك الدول، حيث تطالب بالعيش ضمن تلك الدول ولكن بشرط أن تتوفر فيها الديمقراطية والحقوق والعيش المشترك بين الشعوب وتحقيق اللامركزية”.
وشدد: إنَّ “القضية الكردية من القضايا الرئيسية في الشرق الأوسط، إلى جانب القضية الفلسطينية، التي يجب حلها سياسياً وسلميا، والجميع يعلم أن حل القضية الكردية، سيكون الأساس لحل القضايا العالقة في الشرق الأوسط؛ لأن القضية الكردية تتوزع على أربع دول، وحل القضية الكردية يكمن في إطار تطبيق مبداً الأمة الديمقراطية، والعيش المشترك بين شعوب المنطقة، والدليل على ذلك قول القائد عبد الله أوجلان: “لا ندعو لتغيير الحدود أو تغيير الدول، فلتبقى تلك الحدود، ولتكن حدود محبة وحدود سلام وحدود تبادل ثقافات بين الشعوب، وليست حدود أسلاك شائكة ودمار وجدار العار وغيرها من المسائل التي تفكر بها الأنظمة الرأسمالية، وتحاصر هذه الشعوب من خلال هذه الحدود التي تفرضها عليها”.
الأمة الديمقراطي حل واقعي
ومن جانبه، قال عضو اتحاد المحامين في مقاطعة الجزيرة، المحامي “محمد أمين نعيمي”، إنَّ ما أبدعه القائد عبد الله أوجلان في الفكر والفلسفة، يشكل حالة استثنائية من منظور ديمقراطي بحت، ومن منظور الحرية الحقيقية البحتة، وليس مجرد كلام أو اجترار، هذه الفلسفة تطرح الحرية والديمقراطية، والعيش المشترك وأخوة الشعوب”.
وتابع: “الشعوب الأصلية في المنطقة هي التي تتعرض للاضطهاد من الدول القومية، التي تنادي بالعلم الواحد، واللغة الواحدة، فتعمل على طمس وإنكار الهويات الأخرى، وبالدرجة الأولى ما تسمى بالدولة التركية التي تعمل على هذه النظرية المجسدة في الميثاق الملي عام 1920، والقائمة على تذويب من هم خارج القومية والهوية التركية، وهم لا يقبلون بغير التركي أن يكون حاكماً ومتسلطاً”.
ولفت نعيمي، إلى موازنة هذه القضايا مع القوانين الدولية، وكشف، أن “المقاربة التركية للقضايا العالقة في تركيا، تعدُّ خرقاً صريحاً للقوانين الدولية، وهذه السياسة مرفوضة مطلقاً، لأنها تفتقد أبسط المفاهيم الديمقراطية ، ولا تنسجم البتة مع القانون الدولي، وخاصةً ما ورد في القانون الدولي بحق تقرير المصير، وما أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2000 بالقرار 2000 فيما يخص الشعوب الأصلية، حيث أن هذه الشعوب كلها محرومة من حق الحرية وممارسة ثقافتها، والتحدث باللغة الأم، وما يخص الهوية القومية بمفهومها الإيجابي”.
وقال عضو اتحاد المحامين في مقاطعة الجزيرة محمد أمين نعيمي، في ختام حديثه: “حل قضية أي شعب هي مسألة حرية وحقوق وديمقراطية، وقبول الاعتراف بحقة في العيش الكريم، وليست مجرد انتقاء أو اختبار، بل إنها مسألة حقوق حسب ما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية”.