مؤخرا وفي السنوات العشر، التي مضت؛ دخلت إلى مناطقنا سيارات كثر، وخاصة الحديثة منها، وهذا أمر جعل السير سهلا وفي متناول الجميع، لكن الشيء السيئ في ذلك، هو ترك المراهقين من الشباب، الذين لا يحملون إجازة ورخص قيادة، قيادة السيارات في الشوارع بسرعة كبيرة ومتهورة، وهذا شكل ظاهرة سلبية في المجتمع، فكثرت المآسي والحوادث المرورية، التي أودت بحياة الكثير منهم، ومن المارة خصوصا دون مراعاة القوانين المرورية النافذة.
إن شرطة المرور، التي تنتشر في الشوارع والطرقات، تكون لضبط أنظمة المرور النافذة، والحفاظ على أرواح القاطنين، ويأتي التثقيف الإعلامي مهما لذلك، وهذا الأمران، الشرطة والثقافة الإعلامية، هما سببان رئيسان للحد من الحوادث المرورية، وتحقيق السلامة، التي تعود بالنفع على المواطنين والسائقين بشكل خاص، فلا بد من ضرورة المراقبة المرورية و ضبط سرعة القيادة في الشوارع الرئيسية والفرعية، والالتزام باللائحات المرورية أثناء القيادة، ولكن الإهمال واللامبالاة من الأهل، وترك المراهقين أمام القيادة المتهورة للسيارات؛ يجعل الأمر أكثر تعقيداً على رجال الأمن في الحفاظ على الأرواح التي تهدر من خلال القيادة غير المسؤولة من الشباب الطائش، وكثير منهم يقودون دون إجازة أو رخصة مرورية، ودون سن الثامنة عشرة، التي لا يقرها قانون المرور في قيادة المركبات عموما.
قيادة المراهقين السيارات دون رخص
أصبحت هذه الظاهرة، تشكل خطراً كبيراً على المواطن، حيث إن معظم حوادث السيارات الآن أصبحت نتيجة القيادة الرعناء، والسرعة المتهورة، التي يتبعها هؤلاء المراهقون، والتي تسفر في الغالب عن حوادث جسيمة يذهب ضحيتها رجال ونساء، وشباب وأطفال أيضاً.
وفي الصدد أكد الدكتور “رزكار خليل“، أن الحوادث المرورية أصبحت تمثل هاجساً وقلقا لأفراد المجتمع، وأصبحت واحدة من أهم المشكلات، التي تستنزف الموارد المادية والطاقات البشرية، إضافةً، إلى المشاكل الاجتماعية والنفسية والخسائر المادية الضخمة.
وأوضح: “لا يستطيع المراهق التحكم في إيقاف سيارته عند مواجهة خطر يداهمه، أو تفادي الاصطدام بسيارة أمامه، أو عابر يعبر الطريق أمامه، بسبب بطء الاستجابة عند مواجهة المثيرات، التي تظهر أمامه أثناء قيادته السيارة، وعدم تقدير المسافات بينه وبين السيارات التي أمامه، أو العوائق التي تعترض طريقه، وعدم التركيز في القيادة والتفكير في أمور أخرى أثناء قيادته السيارة، وعدم تقدير العواقب والاكتراث بما يدور حوله”.
ويشعر خليل بالحزن لدى سماعه أنباء الحوادث المرورية، التي يروح ضحيتها سائقو السيارات من المراهقين الراغبين في خوض تجربة القيادة وتقليد البالغين، ما يؤدي إلى فقدانهم حياتهم وفجيعة عائلاتهم، وإن كان يتعاطف مع مصابها، إلا أنه يحملها مسؤولية قيادة أطفالهم السيارات، الأمر الذي كثيرا ما يؤدي إلى حوادث شاهد بعضها بنفسه، بسبب عمليات التفحيط “الانتحارية” التي يروح ضحيتها المراهقون، ومن يركبون إلى جوارهم من أصدقائهم.
وبرهن الدكتور “رزكار خليل”، على كلامه، من خلال الإحصاءات، التي تصدر عن المشافي العامة “لأنه يعمل في إحداها”، أن الفئة العمرية من 11 وحتى 20 عاماً، تعد من بين أكثر ضحايا الحوادث المرورية.
تكاتف الجميع
وتصدياً لهذه الظاهرة، طالبت المحامية “بهار محمود“، جميع أفراد المجتمع الوقوف بشكل جماعي للحد من ظاهرة قيادة صغار السن للمركبات، حيث الرقابة المرورية والأنظمة الأمنية تقدم خدماتها كاملة من أجل سلامة الأهالي، إلا أن الجميع يتحمل مسؤولية هذه الظاهرة من أنظمة وإعلام ومدارس وأسر.
ونوهت، بأنه لا بد من تكاتف الجميع لكي يتم اجتثاثها، فقائد المركبة يحتاج إلى الاستجابات الحركية السريعة، حتى يستطيع التحكم بوقوف السيارة في الوقت المناسب، ولكن لا يمكن تخيل كيف سيتصرف هذا المراهق عندما ينتابه انفعال الخوف ويتمثل في الفزع الشديد عند مواجهة المواقف الصعبة.
حملات مكثفة
كما شدد الإعلامي “سليمان الطويل“، في السياق ذاته، على أهمية الحملات التوعوية والإرشادية ونشرها عبر وسائل الإعلام، بما في ذلك إلقاء محاضرات في المدارس حتى يضطلع البيت والمدرسة بدورهما الوقائي حماية لأرواح هؤلاء الأبناء وتوعيتهم بخطورة المجازفة في قيادة المركبة دون ترخيص، خاصة، وأنهم ما زالوا صغاراً، ولم يبلغوا السن التي تؤهلهم للحصول على رخص القيادة.
وأشار، إلى أن الأمر لا يقتصر على أرواح هؤلاء الأطفال الذين يقودون المركبات وإنما يطال الآخرين.
المسؤول عن تفاقم هذه الظاهرة
ونبه الإداري في إحدى المدارس “أيمن زيدان“، إلى خطورة سماح الآباء لأبنائهم من صغار السن في قيادة المركبات دون الحصول على رخصة قيادة، لما يسببه ذلك في وقوع حوادث مؤسفة، مشيراً إلى أن الآباء والأمهات عليهم مراقبة أبنائهم وعدم السماح لهم بذلك، حيث حمّلهما مسؤولية الإهمال وعدم إدراك أبعاد هذه المخالفة، التي تشكل خطراً كبيراً على حياة الابن ومن يرافقه، وعلى مستخدمي الطريق من سائقين ومشاة.
وأكد، بأن الدور الأساسي يقع على الأسرة، وأنهم في كثير من الأحيان قيادتهم ليست للحاجة، ولكنَّ هي نوع من التقليد، وهذا له تأثيره على البيت الأسري وعلى مستواه التعليمي حين يتعلق بقيادة المركبة.
تهور وتهاون
إن استهتار وهوس المراهقين والشباب الذين يستخدمون السيارات باستهتار شديد وبلا مبالاة في غير الأهداف، التي وجدت من أجلها، فقد أصبحت السيارة عند هؤلاء مجالاً للفت الانتباه وللاستعراض والتحدي.
وفي الصدد، قال سائق سيارة عمومي “حازم اليوسف“، إنه عادة يتعرض للهو صغار السن الذين يقودون السيارات بشكل غوغائي، وأشار، إلى أن هؤلاء المراهقين يعتقدون أنهم بقيادتهم هذه سيلفتون أنظار الجميع إليهم، ولكن ينتهي الأمر غالباً بشكل مأساوي.
كما إنه يشاهد على الطريق مهازل كثيرة يرتكبها صغار السن، الذين يقودون السيارات خاصة على الطرق السريعة بشكل خطير جداً، ويقول: إن معظم هؤلاء المراهقين أثناء قيادتهم يستمعون إلى أغانٍ بصوت عال جداً؛ ما يثير انفعالهم أثناء القيادة، الأمر، الذي يدفعهم إلى زيادة سرعة السيارة بشكل يصعب فيه السيطرة على عجلة القيادة وإيقاف السيارة.
مخاطر قيادة السيارة في عمر المراهقة
فالكثير من حوادث السيارات يمكن أن يكون سببها السرعة الزائدة، أو عدم احترام إشارات السير، أو حتى قيادة مراهق متهور.
حيث قال مدير ومالك مدرسة “الحسكة” لتعليم قيادة السيارات، أحمد صالح المحشوش: “خلال عمر المراهقة، يتعلم الشاب والشابة مبدأ المسؤولية، ولكن هذا لا يعني أن كل مراهق يمكنه أن يتمتع بروح المسؤولية كشخص راشد، لذا، فالسماح لشاب لم يتخط عمر الرشد بقيادة السيارة خطوة خطيرة له ولأهله وللمجتمع أيضاً، لذلك، تعدُّ قيادة السيارة مخالفة قانونية، نظراً لعدم أهليته بالقيام بهذا الأمر”.
وتابع: “وهناك الكثير من المخاطر، التي يمكن أن تؤدي إلى مأساة إذا تم السماح للمراهق بالقيادة، ومنها “عدم الشعور بالمسؤولية خلال القيادة”، فلا ينتبه لأبسط التفاصيل عند القيادة، وذلك يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على سلامة المراهق والأشخاص والسيارات من حوله”.
واختتم مدير مدرسة “الحسكة” لتعليم قيادة السيارات “، أحمد صالح المحشوش: “وكذلك عدم المسؤولية تجاه ما يقوم به المراهق خلال القيادة، والتهور والسرعة، لأن خلال مرحلة المراهقة، لا يبحث الشاب سوى الشعور بالحرية و”بقدرة التحكم”، ولكن خلال القيادة، يمكن أن يفلت زمام الأمور ما يؤدي إلى مشهد درامي”.
فبعض المراهقين يميلون للتباهي أمام أقرانهم، حيث يمكن أن يقوم المراهق ببعض السلوكيات الخطرة خلال القيادة، فاللهو خلال القيادة هو من الأسباب الرئيسة في حوادث السير عند المراهق، الذي يمكن أن يقوم بعمل آخر خلال القيادة التي تتطلب تركيزاً كاملاً، وأهم أشكال اللهو، هو استعمال الموبايل خلال القيادة، أو كتابة الرسائل القصيرة، وغيرها من الأمور التي تعيق التركيز خلال القيادة.
كما أن التدخين من الأسباب، التي تعيق عملية القيادة بنجاح، ويمكن أن تؤدي إلى مخاطر حوادث السير، فعدم الاعتناء بالسيارة، ونسيان المعاينة الدورية لها كفحص الفرامل وزيت المحرك، وغيرهما، من الأمور الأساسية لميكانيك سليم للسيارة، يمكن أن يؤدي إلى أعطال، وبالتالي إلى مشاكل خطيرة خلال القيادة.