سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

قفزة الدفاع عن النفس ويقظة شعب

رجاء نواف المحمد_

عند الحديث عن قفزة ١٥آب، لابد من أن نتوقف على بعض النقاط الهامة في تلك المرحلة وخصوصاً بعد الفشل الذي لحق بثورة البرزاني عام ١٩٧٥، وكذلك فشل ثورة قاسملو في روجهلات كردستان، والانقلاب العسكري في تركيا في ١٢ أيلول عام ١٩٨٠ بقيادة كنعان آفرين وبأوامر مباشرة من شبكة الغلاديو لحلف الناتو وإعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفيّة في تركيا، وملاحقة كافة الشخصيات والرموز الثورية والأحزاب اليسارية، والتي كانت تُشكل خطراً على الناتو وحليفته تركيا ومن ضمنها كوادر حزب العمال الكردستاني بعد نشر أفكاره وأيديولوجيته بين الجماهير في المناطق الكردية وتأسيس الحزب عام ١٩٧٨من خلال مؤتمره الأول في آمد، حيث بات كل كوادر وقادة الحزب قيد الملاحقة والاعتقال، وكذلك مهاجمة المناصرين والمؤيدين لفكر الحزب وزجهم في السجون وبالأخص سجن آمد (دياربكر)، بعد أن قامت الدولة بتصفية وقتل الرموز الثورية والقيادية اليسارية مثل “دنيز كزميش وماهر جايان” في السبعينات، فحاولت كذلك تصفية وقتل الكوادر الكردية في سجن آمد عبر مختلف أنواع التعذيب والترهيب والقتل، إلى أن رفعت الجماهير صوتها من خلال السجون بمقولة “إننا شعب ولا يمكنكم تدميرنا وإسكات أصواتنا”، وكذلك مقولة الشهيد الخالد مظلوم دوغان “يجب أن يصل صوتنا للعالم” وكذلك مقولة الشهيد محمد خيري دورمش “لن تستطيعوا إنكار وجودنا” واستشهاد هؤلاء في السجون، فيما بعد عبر أسمى الشعارات وتجسيدها من خلال “المقاومة حياة” ولا سبيل غيرها، ومن خلال كل تلك النداءات كان لا بد من القيام بقفزة ١٥ آب والاستجابة لتلك النداءات الواردة من السجون وخلف القضبان؛ فكان لابد من استمرار المقاومة والقيام بهذه القفزة التي تمت بقيادة “عكيد” ورفاقه في شمزينان.
وكما يقول القائد عبد الله أوجلان: “إن التعبير الأكثر دقة لها هي أنها دفاع عن النفس وأنها يقظة أبناء شعب يريدون أن يقولوا اننا شعب لا تقتلوننا، فليس هناك عظمة ومجد إلا عبر تقديم التضحيات وعبر النضال الدؤوب وكذلك لا يأتي شيء من الفراغ ومن تلقاء نفسه، فقفزه ١٥ آب هي ردة الفعل تجاه كل سياسات الصهر والإبادة بحق الوجود والثقافة الكردية، فكان لا بد من إبعاد الخوف والعنف من قلب الشعب الكردي وإحيائه روحياً وفكرياً ومعنوياً وزرع روح المقاومة لديه”.
يمكننا أن نقول: إن قفزة ١٥ آب هي مرحلة الانبعاث والإحياء الكردي من جديد وبالتالي خلق شخصية جديدة لديه وخلق مجتمع جديد يقاتل من أجل وجوده وحريته وكرامته، ومن نتائجها تأسيس جيش الكريلا وقوات التحرير الشعبي وكذلك انضمام المرأة إلى الثورة والنضال والكفاح المسلح. لقد كانت قفزة 15 آب مرحلة مفصلية في تاريخ الحركة الثورية في كل أجزاء كردستان والتي امتد تأثيرها فيما بعد إلى ثورة ١٩ تموز عام ٢٠١٢ في شمال وشرق سوريا مستلهمة روحها من قفزة ١٥ آب.
وكما يقول القائد عبد الله أوجلان لا يمكن تقييم الحركة من الناحية العسكرية فقط بل كان الهدف منها الإعلان عن الهوية الكردية والوجودية للشعب الكردي، في وجه كل ممارسات الصهر والتتريك الممارس عليه.