كان والدي قبل أن يترك الحقل ينفض حذاءه لكي يبقى تراب الحقل في الحقل. وعندما ذهبت إلى خالي في كرمه وأردت أن أُقبّل يديه قال: “يا بني قبل أن تقبل يدي أريد أن تكسر هذا الحجر”، لبّيت طلبه وزرع مكان الحجر حبة لوز، أصبحت فيما بعد شجرة كبيرة وكنا نجلس في ظلها كلما زرت خالي في كرمه. وكانت أمي إذا تكلمت عن بيارة زيتون تقول كل شجرة تساوي “فدية رجل”. فالأشجار عندنا الحياة نفسها. أما عمي “حبش” فخطر بباله أن يصنع لموتى القرية “سَلَجَة” من خشب الزيتون. حين نودع الميت في قبره نترك على قبره باقة من سعف الزيتون. وأثناء الصلاة كان والدي قِبلته كرمنا رغم أنه كان ينحرف قليلاً عن اتجاه الكعبة. وعندما يقرأ الفلاح الآيات القرآنية جهراً على الصلاة تسمع دائماً.. التين والزيتون وطور سنين . وليس عبثاً قول المفكر السوري بلال حسن أن الصلاة عند فلاحنا هي عادة. وما عليّ الآن إلا أن أكتب لكم عدة أبيات من قصيدة الزيتون وقد دونتها وأنا في عفرين.