No Result
View All Result
المشاهدات 4
خضر الجاسم –
انتهى مهرجان أوصمان صبري قبل أيام قليلة، وقد حظيت منبج بحصة الأسد من المراكز الأولى في المسابقات الأدبية، بل والمستوى الأول في القصة القصيرة والشعر أيضاً، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على الساحة الأدبية بشكل عام. وكانت الجائزة الأولى في الشعر من نصيب الشاعر خضر الحمادي، ساحر الألباب، بما يملكه من موهبة فذّة وفحولة شعرية على الرغم من المنافسين الأشاوس، لأنه يعلم أن التاريخ، سيكتب لمن أهداه كلمة ونقشها بالذهب.
أما عن القصيدة الفائزة بالمهرجان؛ فقد حملت عنوان” قلب في حمام” حيث اتسمت بالطابع الوجداني العميق، بما امتازت به من مفردات صادحة بالرقَّة والعذوبة إلى جانب حملها همومه ومعاناته تجاه محبوبته، وحرصاً من صحيفتنا على عرض الكلام الجميل الخلاب، سنورد بعض أبيات هذه القصيدة، وأبرز معانيها الجميلة:
متَى تَـحَــمــَّمَ قَلْبـِيْ فِيْـكِ مُنْفَرِدَاً
وجَـاءَ قَـلـْبـُكِ بالصَّــابُــونِ والمَـاءِ
أبُوْحُ؟…والـدُّجنُ بالمَـلْسـَاءِ يَأْخُذُنِيْ
وَمَا دَرَتْ نَبْعـَةُ المـَلـْسَــاءِ إرْوَائِي
قَدْ جِئْتُ لِلْحُـبِّ، والنَّجْوَاءُ فِي كَبِـدِيْ
تَرُوْزُ شَوقِيَ فِيْ طـَيْــفٍ بِلَـيْــلائِيْ
أهِيْمُ -حَـوْلاً- عَلَى وَجْهِيْ وَتَعْرِفُنِيْ
أثْـدَاءُ ضـِحـْكـَتِـهَـا مِـنْ غَـيْـرِ إيْمَاءِ
يَـجُـرُّنِيْ مِـئـْزَرٌ مِـنْ خـَصْرِهَا عَبِقٌ
لَمَّـا تـَنَـادَتْ عـَلـَتْ لِلْـبَـيْنِ إقْصَائِيْ
أدْرَكتُها و شـُعـَاعُ الصـُّبْـحِ مَبْسَمُهَا
لَـهـَا بِـكُــلِّ وُرُوْدٍ صَــكُّ إمْضـَائِيْ
في ثنايا القصيدة محطات من الألم والفرح
لا غرابة من قلب أصابَهُ الطَّرب، في لحظة هروبٍ من قدرِ الألمِ، فإذا تأمّلنا العنوانَ” قلبٌ في حمَّامِ” ونحنُ نعلمُ بأنَّ كلَّ عنوانِ قصيدةٍ؛ يحملُ رمزاً لا نهايةَ لهُ لتفاصيلِ النَّصِّ كلِّهِ.
فالعنوان هو النَّصُّ ذاتُه، لكنْ بشكلٍ مضغوط، القلبُ الذي يكونُ في حمَّامٍ؛ ليزيلَ الفرحَ العالقَ بهِ، ويأتي قلبُ المحبوبة؛ ويساهم بإزالة هذا الفرح.
يبحث الحمادي في قصيدته عن الفرح، ولربما وجده مُغلَّفاً بالألم العميق، قصيدة، تخيط جرحاً عميقاً معتَّقاً بالأسى، بومضة من الفرح والسُّرور، من خلال المفردات التي يحاول بثّها في أبياته؛ مثال ذلك: ” توارت، أبوح، النجواء، أهيم، أهذي”. هي إضاءة على برهة سعادة، في وسط حقبة من الوجع المقدّس، لا يفترّ الحمادي عن العيش به.
وما إن تنتهي القصيدة حتّى يعودَ للداء القديم؛ فهو أنس له، ولن ينسجمَ مع فرحه المؤقّت حيث يقول في قصيدته” أهْـذِيْ بِـقَـوْلٍ لَــهُ لَـفْــظٌ بِمـَأْمـَاءِ، نَـارَاً تـَقـُومُ عَـلـَى إيْـقَـاعِ إذْكَـائِيْ”.
نحن نعلم بأنَّ حياةَ الشَّاعرِ؛ تساهمُ في فكِّ طلاسمِ القصيدةِ؛ فالقارئُ المحترفُ؛ يبحثُ ما بينَ السّطورِ عمَّا يرومُ، فقدْ يجدُ النَّصَّ الحقيقيَّ عالقاً في ذاكرةِ النَّصِّ الذي أمامَهُ، وقد يكونُ النَّصّ الذي أمامَه تصوراً للنصِّ الحقيقي، وهذا ما يدعونا لمعرفة جماليات القصيدة أكثر، فكلما ازددنا معرفة بحياةَ الشّاعرِ وأدواته الكثيرة، نلنا فوائداً من المنهل العظيم، وتخطّينا القراءة الهاوية.
No Result
View All Result