No Result
View All Result
المشاهدات 3
أحمد الجدعان –
لاشك بأنَّ تأثير الحضارة الرأسماليَّة على المجتمعات هو تأثير مُدمر، وكل المشاكل وحتى التغيرات المناخية التي جلبتها تلك الحضارة والتي تعيشها الشعوب حالياً، يُنذر بكارثة طبيعيَّة قد تودي بالكرة الأرضيَّة.
قصة “كوزومو” تروي كيف استطاع أهل القرية التي يعيش أهلها بشكلٍ طبيعي، ومما تنتجه أرضهم بسعادة وهناء ويَتساعدون في زراعة أرضهم، ويَأكلون مما تُنتج أيديهم، ومُحاولة الرأسماليَّة الحديثة إفساد هذا النظام الطبيعي من خلال شخصية الرجل الغريب الذي يأتي إلى القرية قادماً من المدينة، ويُقدم العديد من العروض وإيهامهم بأنه سيغير حياتهم إلى الأفضل، ولكن الصبي الصغير( كوزومو) يقف في وجههِ ويرفض هذا العرض الذي يقدمه الرجل الغريب ويرجع خائباً.
قرية كوزومو
بعد ليلة مطيرة … استيقظ كوزومو على نُباح كلاب القريَّة وكانت أصواتها مذعورة عاليَّة، خَرج كوزومو مُسرعاً من كوخه البسيط قاذفاً نفسهُ على التلة التي تُطل على مدخل القريَّة، شاهد رجلاً غريباً عن القريّة يرتدي معطفاً أسوداً طويلاً، ويضعُ فوقَ رأسهِ قُبعة مُدورة، ويحمل في يده حقيبةً ومظلة وفي يدهِ الأخرى عصا معقوفة الرأس.
وقفَ الصبيّ مبهوتاً يُقلب رأسهُ بينَ كتفيهِ وعيناهُ على الرجلِ الغريب تتقلبان، كأنَّهما خرزات في وعاء، ويَرقُب حذاؤهُ الأسود ذو الكعب العالي والساق الطويلة مُتقدماً نحو الصبي، أما الكلاب فهي أكثر ما بهتت كوزومو، لأنَّها سكتت وتَسيرُ خلفَ الغريب وبمحاذاتهِ وهي تهزُ أذنابها، وكأنَّها تُرحب بذلك الضيف الغريب.
اقتربَ الرجلُ من كوزومو وكانَ له شاربين ضخميَّن تناثرا على خديّه، ويضعُ نظارةً على عينيهِ كان رجلاً في الستينات من عمرهِ، اقتربَ من الصبيّ قائلاً: يا فتى.. لماذا لا تبدل ثيابك الرثة بأخرى جديدة ؟!
بَهت كوزومو من سؤال الرجل وظلَ صامتاً واضعاً رأس أصبعهِ في فمهِ وعيناهُ تنظرانِ إلى الرجلِ دون أن ينبس ببنت شفه، حينها وضع الرجل يده على كتف كوزومو قائلاً:
– ما اسمك يا صغيري.
أجاب كوزومو بكلامٍ متقطع: كو… زو…مو، فابتسم الرجلُ ابتسامةً خبيثة قائلاً: أوه.. حسناً أنت كوزومو هذا جيد يا غُلام، أنا جئتُ من المدينة لأغيَّر لك حياتك وحياةَ أهل القريَّة نحوَ الأفضل، سوف أبني مصنعاً تَعملون بهِ، وسأشتري منكم الأرض ومنتوجاتها، وأجعلكم تَعَملون في هذا المَصنع مُقابل أجور أقرها لكم… هل فهمت يا ولد؟!
رد كوزومو بعفويَّة وسذاجة: يا عم نحنُ نأكل من هذه الأرض جميعاً، ونعملُ بها سويَّة ليس بمقدورِ أحدٍ من أهل هذه القريَّة أن يُعطيك ما تطلب، لأنَّنا باختصار يا عم ليس منا من يملك الأرض لوحدهِ! ولا محصولها خاص بأحد منا. نحن نأكل من هذهِ الأرض، ونأخذُ منها ما نحتاجه فقط كقوتٍ لنا، فلا أحد بمقدورهِ التصرف مُنفرداً بالأرض أو بمحصولها. نحن لا نملكُ هذهِ الأرض، ولا أحداً منا، فكيف لغريبٍ مثلك ؟؟!
أجاب الرجلُ بخبثٍ ماكر: سوف أبني لكم منازلَ جديدة، وأعُطيكم مالاً وأجعلُ حياتكم أفضل.
فقاطعه كوزومو قائلاً: نحن لسنا للبيع، وأرضُنا وخيرها ومنازلنا هي حُضن آمنٌ، فإن أردت أن تحيا معنا فكن مثلنا، وإلا فعد من حيث أتيت.
كانت يد كوزومو تتحرك في الهواء معبرة عن غضبه، حتى أنهى حديثه، فقفز من فوق التلة باتجاه حقول القرية، وهو يداعب الأزهار والأشجار. تاركاً ذلك الغريب حائراً من رد كوزومو فقال في نفسه: “إن كان الصبي الصغير يفكر بهذهِ الطريقة، فكيفَ يكونُ فكرُ من هو أكبرُ منهُ سناً”. عادَ الغريبُ من حيثُ أتى وبقي كوزومو وقريتهُ يعيشونَ حياتهم الطبيعيَّة.
No Result
View All Result