سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

قرية “سرمساخ” أنموذج للتآخي المجتمعي

تقرير/ غاندي إسكندر، ليكرين خاني –

تعتبر قرية “سرمساخ” من أقدم قرى ناحية كركي لكي، وتتمتع بموقع استراتيجي هام حيث تقع على الحد الفاصل المصطنع بين روج آفا، وباكور كردستان، ويتراءى من شمالها سلاسل جبال طوروس التي ينحدر منها معظم سكان القرية، وتبتعد مسافة 15 كم من مدينة كركي لكي، بَنَت فيها فرنسا في فترة انتدابها لسورية ثكنة عسكرية للدَرك.
 تتميز بيوت القرية بطابع البساطة، فمعظمها مبني باللبن، وفي كل منزل من منازل القرية هناك مكان مخصص لتربية المواشي، والطيور الأليفة، يعمل معظم سكان القرية في الزراعة، وتربية المواشي كباقي قرى المنطقة، وتُعتبر الشجرة الحمراء (دارا صور) أبرز معالم القرية، ومن أهم مواطن، وملاهي ذكريات الصبا لمعظم قاطني القرية.
 يعود سبب التسمية كما يرويه أهل القرية بأن كلمة “سرمساخ” مشتقة من كلمتين: “سَري- الرأس” و “ما ساخ- بقي سليماً” حيث يربطه البعض بقصة نجاة فارس من الموت بعد أن غاص في الأوحال بسبب كثرة المياه في المنطقة وتجمعها في بعض الأماكن بشكل مستنقعات صفيرة، وهناك من يرى بأنها مشتقة من اللغة السريانية، وتعني المكان الذي يوجد فيه أشجار كثيفة، والبعض من يرى أنها مشتقة من التركية التي تعني الثوم، ومعظم تلك التفسيرات قابلة أن تكون صحيحة ودليل على تعاقب وتشارك الثقافات، وتعد قرية سرمساخ أنموذج حي للتآخي والعيش المشترك بين المكونات حيث يقطنها الكرد والسريان، ولتسليط الضوء على حالة الوئام والألفة التي تجمع بين المكونين:
لغة التعاضد والتلاحم لسان حالنا
لقد حطَّ بنا الرحال هنا  بعد رحلة عذاب طويلة هرباً من بطش العثمانيين بنا قبل مئة عام . بهذه الكلمة المليئة بالوجع، بدأ وديع إسحق من المكون السرياني حديثه معنا مضيفاً:
“لقد استقر أجدادي في هذه القرية منذ ذاك التاريخ، وإلى الآن، ونحن نعيش مع أخوتنا الكرد في حالة تلاحم، وانسجام تام فالعادات، والتقاليد، والأعراف العشائرية هي لسان حالنا مع بعضنا البعض، ولغة التعاضد، والإغاثة، والمساعدة، والمشاركة في الأفراح، والأحزان هي الشيفرة التي لا يمكن أن يفكها أحد أو يتلاعب بها، ويشير إسحق لقد حاولت القوى الظلامية داعش، وأخواتها عندما سيطرت على مناطق في سورية، والعراق أن تُحدِث شرخا بين القوميات، والطوائف فالعلاقة الحميمية التي بيننا في القرية كانت أقوى من الإنصات إلى مثل هكذا ترهات”.
ويضيف إسحق: “نحتفل في القرية بخمسة أعياد عيد قَومي هو يوم النيروز، وعيدان للديانة  الإسلامية، وعيدان للديانة المسيحية، ونحن نعتبر هذه الأعياد أيام سَعد وهناء بالنسية لنا” .
المعايير الأخلاقية في القرية زادنا اليومي
أما كردية محمد عضوة لجنة الصلح في كومين القرية وزوجة الشهيد محمد كوجر من المكون الكردي فقد قالت: “نحن نعتز بقوة بالعلاقة التي تجمعنا مع أخوتنا السريان، وقد نمى هذا الإعتزاز بعد تعرفنا على ثقافة الأمة الديمقراطية التي أحياها فينا القائد عبدالله أوجلان، رباط من الأخلاق المجتمعية هي التي تسود بيننا، والحفاظ على العادات والتقاليد الحميدة  الموروثة هي زادنا اليومي، السريان في القرية هم سندنا، ومصدر قوتنا حيث نلجأ اليهم ويلجؤون إلينا، وقت الضيق، والفرح والضعف، ونحفز بعضنا البعض في كل شيء يتعلق بحياتنا اليومية، ومفردات البغضِ، والحقد، والكراهية، والتمايز العرقي، والديني بعيدة كل البعد عن مفاهيمنا.