مع تخطي الأيام الأولى من شهر حزيران، وبدء العد العكسي لبلوغ الـ17 من الشهر الجاري الموعد المفترض لتطبيق قانون العقوبات الأمريكي “قيصر”، الذي تم إعداده بالأساس ليستهدف ليس فقط الاقتصاد السوري، بل لتحييد الآلة العسكرية للحكومة السورية، وإجبارها على القبول بحل سياسي تتشارك فيه جميع القوى السياسية في سوريا، على أساس القرار الأممي رقم 2254.
هنا يفرض السؤال التالي نفسه: هل تستطيع الحكومة السورية وحلفاؤها تفادي هذه العقوبات ولو بشكل بسيط؟
رداً على هذه التساؤلات, يمكن القول: “في العقوبات السابقة كانت الحكومة السورية تتفادى القسم الأكبر منها بسبب الدعم المالي من قبل طهران وموسكو، وكان يتم ضخ المليارات من الدولارات للبنك المركزي السوري الذي بدوره كان يستطيع الحفاظ على الاقتصاد السوري ومستوى صرف العملات الأجنبية أمام الدولار نوعاً ما.
أما اليوم فالوضع قد اختلف, فموسكو وطهران تتسابقان للحصول على أتعابهما وتحصيل فواتير دعمهما لسوريا، وبالتالي فلن تقوم الدولتان بضخ المليارات مرة أخرى وهما تدركان عاقبة ذلك.
الكرة الآن أصبحت في ملعب الحكومة السورية بمفردها فهل باستطاعتها هذه المرة مواجهة تأثيرات قانون قيصر على اقتصادها بعد 9 سنوات وأكثر من الأزمات التي حلّت بها.
يلاحظ الجميع التزام الحكومة السورية ومسؤوليها بالصمت إزاء ما ينتظر الحكومة وأشخاص محددين من عقوبات. وهذا الصمت على الأغلب يمكن تبريره لعدم وجود حلول لديها إن لم يتدخل أصدقاؤها وهذا أيضاً أصبح من الصعوبة بمكان, فالأصدقاء أيضاً معاقبون.
يجري كل هذا في وقت يستمر المسؤولون في الحكومة السورية من التقليل بشأن “قيصر”، وأولهم المستشارة الإعلامية بثينة شعبان، التي صرّحت في وقت سابق بأن العقوبات على سوريا مستمرة منذ بداية الأزمة، والاقتصاد السوري في تحسّن، والحكومة السورية قادرة على مواجهة العقوبات!!!.
الغاية من قانون قيصر هي وضع الاقتصاد السوري ككل تحت مقصلة العقوبات، حيث يستهدف القانون كل شركة أو كيان أو فرد في الداخل السوري أو خارجه وكل من لهم علاقات تجارية مع الحكومة أو قدّموا الدعم العسكري أو المالي لها.
ويرى بعض خبراء الاقتصاد أن قانون قيصر ليس بقانون عقوبات عادي، وأن خيارات الحكومة السورية حياله معدومة, لأنه بالأساس يهدف إلى إجبار القيادة السورية على السير في خيار التسوية على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254، وأن موسكو وطهران استلمتا بشكلٍ واضحٍ هذه الرسالة.