No Result
View All Result
المشاهدات 0
فيروشاه أحمد –
تتقلص المساحات التي تسيطر عليها المرتزقة يوماً بعد آخر في عموم سوريا وخصوصاً في الشمال الشرقي منها، فمع بداية الأزمة السورية 2011 ظهرت أشكال عديدة من الإرهاب المتطرف ودخلت مجموعات مرتزقة إلى المنطقة؛ ومن بينهم داعش، هذه المجموعات آمنت برؤية شمولية لكل العالم، وهذا ما جعلهم يعتقدون بأن الموت والحياة بالنسبة لهم رسالة، ومن خلال هذه العقيدة سمحوا لأنفسهم وبكل الوسائل بقتل وتدمير وتهجير الناس، من خلال الغزو واحتلال الأرض والإنسان.
لقد شكلت الأزمة السورية حاضنة شعبية للمرتزقة (داعش وجبهة النصرة) حين بدأت بحروب ضد السوريين، واحتلال مدنهم الرقة وقراها والاستحواذ على منابع القوة (البترول) وتلقي كل المساعدات المادية واللوجستية من دول عدة وفي مقدمتهم تركيا ونشرت ثقافة الخوف في النفوس.
داعش من خلال أيديولوجية مستوحاة من الفكر الشمولي الذي يتبنى إلغاء الآخر، وإلغاء كل الثقافات، مارس في سوريا أبشع أشكال الإرهاب بغرض ممارسة القتل والاغتصاب وسرقة الممتلكات. من هنا عملت شعوب شمال سوريا وفي مقدمتهم الكرد منذ بداية الأزمة السورية على محاربة هذا الفكر المتطرف بالتعاون مع التحالف الدولي، فمن كوباني التي قاومت الدواعش تتالت هزائمهم وصولاً إلى الرقة ودير الزور ومناطق أخرى.
ومنذ الأيام القليلة الماضية تتبع قوات سوريا الديمقراطية فلول هؤلاء المرتزقة قرب الحدود السورية العراقية في بلدة هجين الواقعة على الضفة الشرقية من الفرات جنوب شرق دير الزور، وتحدها من الشمال مدينة البو كمال القريبة من الحدود العراقية. وداعش تمركز في هجين وتموضع في ثلاث بلدات أخرى هي (السوسة ـ الهري ـ والباغوز)، وفور وصول قوات سوريا الديمقراطية للمنطقة شكلت لجان خاصة لإنقاذ المدنيين وأخذهم من مناطق الاشتباكات والمعارك إلى المناطق الآمنة.
ومن جانبها؛ أعلن مجلس دير الزور العسكري المنضوي تحت مظلة قوات سوريا الديمقراطية عن بدء استئناف حملة عاصفة الجزيرة، فتقدمت قسد تقدمها نحو معاقل داعش في بلدة باغوز فوقاني وسيطرت على عشرات القرى في الريف الشرقي من دير الزور، في هذه الأثناء أكد أحد القياديين من (قسد) بأن الحملة قد تستمر شهور عدة.
فيما لو تتبعنا هزائم داعش العسكرية خلال السنوات القليلة الماضية على يد قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف لربما نستنتج حقائق مؤكدة رافقت ظهورهم واختفت بهزائمهم. هذه الحقائق تتعلق بثقافتهم في إنكار الآخر ولملمتهم لبقايا الإرهاب من شتى أنحاء العالم وتجنديهم، وتبنى داعش ثقافة مستنبطة من أيديولوجية جهادية متطرفة كي تبرر لنفسها أعمالها الإجرامية وهجماتها ضد المسلمين وغير المسلمين.
حين بدأت التغييرات الاجتماعية والسياسية في المنطقة حاولت أغلب الدول استغلال هؤلاء المرتزقة لتحقيق أجنداتهم بالمقابل دعمتها بترسانة عسكرية وسهلت لها العبور والانتقال، بالإضافة إلى الدعم اللوجستي المستمر. من جانب آخر؛ استغل داعش ومن خلال بيع النفط بطرق غير شرعية من المناطق التي يستولي عليها أن يدعم مشروعه، بالإضافة إلى تجارة الآثار وفرض الضرائب على الأهالي في تلك المناطق، ويعتمد على الفدية جراء عمليات الخطف وتجارة الأعضاء. لهذا؛ يبقى التعاون الدولي واجباً مجتمعياً ومؤسساتياً للتصدي له.
تفاقمت الأزمة السورية وبلغت العقدة على غرار المناطق الأخرى من الشرق الأوسط؛ وذلك لتدخل غالبية الدول في شؤونها سياسياً وعسكرياً، كلاً وفق مصالحة وأجنداته، ولم تحارب داعش وفق أخلاقيات مجتمعية وإنسانية بقدر ما كانت سياساتها تتخذ مشاهد من التصدي تناسب موقفها وتحالفاتها.
فموقف روسيا وإيران وتركيا مثلاً لم يتبلور بشكل كامل وواضح لمحاربتهم بقدر ما كانت في استراتيجيتهم سياسات تخص مصالحهم، وفي بعض الأحيان كانوا يعملون على التصعيد والتوتر كي تستمر القلاقل والحروب والفوضى في سوريا حتى يستطيعوا أن يلعبوا لعبتهم اللاأخلاقية مع الشعب السوري. ولو عملت الدول بجهود واضحة لانتهى داعش تماماً بعد تحرير الموصل والرقة، حينها كان بإمكان تلك الدول وأمريكا تحديداً إلقاء القبض على زعماء داعش وقتلهم أو اعتقالهم، لكنهم ساهموا بالإبقاء عليهم لجولات أخرى.
تركيا كنموذج لتلك الدول الداعمة لداعش تحتل المرتبة الأولى، أما قطر فهي الحاضنة الدافئة لها ولجيشها الإلكتروني، ولأن سياسات تركيا غير متزنة وغير متوازنة كان سبباً رئيساً باستمرار دعمها لداعش وقد ساهمت بامتدادهم لأوروبا وغيرها من المناطق، من هنا يمكن القول: إن جميع الدول ليست جادة في محاربة داعش.
لقد بات واضحاً بأن (العدالة والتنمية) وداعش حليفان في سياساتهما العدوانية تجاه سوريا وخصوصاً الكرد، هذا التأكيد جاء على لسان المسؤول في حزب العدالة والتنمية عبد الله غول بأن داعش حركة سياسية لا دينية، لهذه الأسباب بدا موقف تركيا منذ البدايات وحتى الآن غير واضح تجاه تعريف أو محاربة داعش الذي هاجم المدن ذات الغالبية الكردية.
ومنذ الأيام الأولى من تحرك داعش نحو الكرد وطموحهم المشروع في بناء مجتمع أخلاقي وسياسي، نظم الكرد صفوفهم على أسس فكرية وثقافية مجتمعية جعلت منهم سداً منيعاً لقتال هؤلاء المرتزقة بالتعاون مع التحالف الدولي، فكانت الانتصارات تتوالى والهزائم تلحق بداعش أين ما حلوا، ولم يبقى لداعش الآن إلا جيوب متفرقة هنا وهناك، فهجين وبلداتها تبقى المعاقل الأخيرة لهم. لكن؛ قوات سوريا الديمقراطية تمثل إرادة شعوب ومكونات الشمال السوري مصممة على دحرهم أين ما وجدوا.
No Result
View All Result