No Result
View All Result
المشاهدات 1
وكالة هاوار –
باتت عفرين مضرب المثل في إعداد المناهج باللغة الكردية وافتتاح المعاهد الخاصة بالأدب الكردي، حيث افتتح فيها أول مدرسة وأول معهد وأول جامعة في روج آفا، وهذه الإنجازات العلمية والتعلمية كانت من بين المناطق التي مارس جيش الاحتلال التركي ومرتزقته الانتهاكات بحقِّها.
اللغة الكردية في وجه سياسية التتريك بعفرين
هذا التطور غير المسبوق والذي وصفه العديد من المثقفين بفترة حرق المراحل رغم نواقصه، شكل نقطة إيجابية في سبيل تحرير الفرد والمجتمع من ذهنية السلطة، بَيد أن المناهج الدراسية في عفرين كانت تهيئ الفرد لأن يكون حراً ومتقبلاً للآخر، وخُصِّصت مناهج خاصة للمكون العربي، في إطار مشروع الأمة الديمقراطية، وأخوة الشعوب.
الواقع العفريني هذا لم يرق لأعداء الشعب السوري وأخوة الشعوب. لذا؛ بدأ الاحتلال التركي في أول أيام هجومه على عفرين في 20 كانون الثاني المنصرم باستهداف المدارس، في إشارة واضحة إلى نيته تغيير المعالم الثقافية والذهنية الديمقراطية في المقاطعة.
38 مدرسة مدمرة
38 مدرسة دمرت من أصل 318 مدرسة كانت تحت إشراف هيئة التربية والتعليم في المقاطعة قبل الغزو التركي. وكانت كلها تمول من قبل الإدارة الذاتية الديمقراطية لمقاطعة عفرين، وتضم نحو خمسين ألف تلميذ وطالب في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية. وبحسب هيئة التربية في مقاطعة عفرين؛ فإن 3712 مدرساً وموظفاً كانوا في المدارس الرسمية، إضافةً إلى وجود عشرات المدارس الخاصة، التي تضم آلاف الأطفال والطلاب، وتشمل رياض الأطفال والمعاهد الموسيقية والفنية والمعلوماتية.
وتحسُّباً للهجوم التركي الذي سبقته تهديدات عدة من تركيا ومرتزقتها، تم إنهاء الفصل الدراسي الأول في المدارس كافة بالمقاطعة، ولم تباشر المدارس فتح أبوابها للطلبة بسبب القصف العشوائي للقرى والبلدات والمدارس، وتوجب تمديد العطلة حتى إشعار آخر، حفاظاً على سلامة الطلبة.
لماذا استهدف العدوان التركي المدارس؟
استهداف المدارس كان مباشراً وممنهجاً، في اليوم الأول من الهجوم الجوي التركي أصيبت وتضرَّرت ثلاث مدارس، ودُمِّرت 38 مدرسة إجمالاً، أثناء الهجوم التركي، من بينها مدرسة راجو وجندريسه، وبناء عليه، رفعت شكوى من قبل هيئة التربية في مقاطعة عفرين إلى منظمة اليونسكو ضد تركيا لوقف استهدافها للمدارس، ولكنها لم تجد آذاناً صاغية. ونتيجة القصف التركي، قتل عشرات الأطفال وأصيب نحو المئات بإعاقة دائمة وشُرِّد عشرات الآلاف.
تمييز عنصري ضد الطلبة الكرد في عفرين
ولم تتوقف انتهاكات دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها عند هذا الحد، في تغيير المناهج وتتريكها، وهنا يجب أن نركز على تتريك المناهج وليس تعريبها، فبحسب معلومات خاصة؛ فإن تركيا فرضت ضغوطاً كبيرة على ما يسمى الائتلاف خلال عام 2017م بضرورة إدخال اللغة التركية إلى المناهج المدرسية في المنطقة التي احتلتها تركيا مثل جرابلس والباب وإعزاز، وبالتحديد تكون عفرين أيضاً مشمولة بهذا الاتفاق، وفي مدراس عفرين اليوم يتم تدريس اللغة التركية في أربع حصص أسبوعياً بحسب بعض الطلبة الذين تواصلنا معهم.
المدراس في عفرين اليوم تغير طلابها ومناهجها، الطلبة الكرد منبوذون والأولوية للمستوطنين من الغوطة وحمص وإدلب وغيرها من المناطق السورية الذين تم تهجيرهم إلى عفرين بموجب اتفاق بين تركيا وروسيا، والمناهج باتت عربية وتركية وصُبِغت بصبغة إسلامية، والمعلمون غالبيتهم من المستوطنين الذين يفرضون نوع اللباس وطريقة التحدث على طلاب عفرين الأصليين.
تحويل المدارس إلى مقار عسكرية وأقبية للتعذيب
إضافة للتضييق والتمييز العنصري الذي يمارسه المستوطنون (معلمين وطلبة) بحق الكرد، يعمل الجيش التركي ومرتزقته على تحويل المدراس إلى مقار عسكرية وسجون، ومن بين هذه المدارس مدرسة أمير غباري الواقعة في ساحة آزادي حولت إلى مقر للاستخبارات التركية، وكذلك مدرسة الأصدقاء الخاصة يتم تجهيزها لتكون مقراً للأفرع الأمنية، ومدرسة الكرامة الواقعة خلف السوق الشعبي بمركز مدينة عفرين تم تحويلها إلى مركز لمرتزقة الاحتلال التركي.
وفي ناحية شرا تم تحويل مدرستين، إحداهما إلى سجن والأخرى إلى مقر عسكري لجيش الاحتلال التركي، وفي شيه تم الاستيلاء على مدرسة قرية شيتكا وتحويلها من منهل للعلم إلى مركز للخطف والتعذيب، إلى جانب هذا فقد انتشرت صور لكتابات عنصرية داخل المدارس وجامعة عفرين، تقول: “إن عفرين عربية وستبقى عربية”، وتظهر هذه العبارات العنصرية في أفعال وأقوال المرتزقة كثيراً قبل وبعد احتلال عفرين.
التتريك ونشر الشوفينية عبر أدلجة أدمغة الأطفال
محمد عبدي مدرس لغة كردية وعضو في لجنة التدريب الديمقراطي، يُؤكِّد على أنَّ العدوان التركي لم يستثنِ شيئاً في عفرين إلا ودمَّره، “لكن تركيزه على استهداف مناهل العلم والمعاهد، يدل على أن ذهنية الاحتلال التركي هي ذاتها الفكر العثماني الذي كان يهدف لإبادة كل منْ يختلف عنه”.
ويشير محمد عبدي إلى أن الاحتلال التركي يعمل على تغيير المناهج، ونشر الثقافة التركية في عفرين، “وبدا ذلك واضحاً عبر رفع الأعلام التركية وبالتحديد خلال افتتاح مدرسة في عفرين ووضع عشرات الأعلام التركية في أيدي الأطفال”.
ويتابع: “الهدف هنا هو تهيئة الظروف المناسبة لتتريك المجتمع وبالتالي سحب البساط من تحت أقدام مَنْ تصفهم بالمعارضة العربية، فالتتريك قادم إن لم يتم تحرير عفرين”.
صورة التتريك هذه التي قالها المدرس محمد عبدي، ليست بجديدة على الاحتلال التركي، إذ مارس العثمانيون وبعدهم الدولة التركية التي تشرب من الفكر العنصري ذاته، التتريك على شعوب المنطقة التي احتلتها الامبراطورية العثمانية، وبعد ذلك ضد الأرمن والكرد في كردستان، وإضافة لذلك فقد انتشرت صور عدة بعد الاحتلال التركي، لعناصر من الاحتلال التركي برفقة أطفال في قرى عفرين وهم يرفعون شارة الذئب (إشارة الفاشية التركية)، ومقاطع أخرى تظهر مدرسين من المستوطنين يجبرون الأطفال على الخروج في اعتصامات أو تظاهرات معينة بهدف تغيير نمط تفكير الأطفال وربطهم بقضايا لا تمت لواقعهم بشيء.
أطفال عفرين يتابعون تعلُّم لغتهم في الشهباء
ورغم التهجير، يتابع أطفال عفرين تعلم لغتهم الأم والتمسك بها وفق مبادئ الأمة الديمقراطية التي تدعو للتسامح وأخوة الشعوب، والتسلح بالمقاومة البيضاء والعلم استعداداً للعودة إلى عفرين وإعادة الحياة إلى مدارسهم المدمرة، حيث افتتحت لجنة التدريب والتعليم الديمقراطي عشرات المدراس في مقاطعة الشهباء لاحتضان الطلبة، وانتهت الاختبارات العامة للمرحلة الابتدائية ويتم التحضير اليوم لإجراء امتحانات عامة لطلبة المرحلة الثانوية والعمل على تأمين فرص لالتحاقهم بالجامعات في إقليمي الفرات والجزيرة.
نبذة عن التعليم المتوسط والعالي في عفرين
وتميَّزت مقاطعة عفرين قبل الاحتلال، بافتتاح أول معهد وجامعة يتم فيها التدريس باللغتين الكردية والعربية، وتشكل بداية مرحلة تعليمية جديدة بهدف تخريج المدرسين والمختصين في المجالات كافة، معهد فيان أمارا، تأسس عام 2014م في مركز مدينة عفرين. كان يضم 11 معهداً مختصاً بكل المواد الدراسية لإعداد وتأهيل المدرسين في الاختصاصات الدراسية لإدارة مدارس المقاطعة كافة وبإشراف كادر مؤلف من 82 مدرساً وعشرات الموظفين. بلغ عدد الطلاب 500 طالبٍ وطالبة قبل الغزو. أثناء الغزو، قتل بعض الطلاب أو جرحوا في قراهم، وبعد الاحتلال تم سلب ونهب كل محتويات المعهد، كما أن القرى والبلدات تعرضت للسلب والنهب.
جامعة عفرين
افتتحت بمدينة عفرين في آب من عام 2015م بمبادرة من مجموعة من أساتذة الجامعات وبتمويل من الإدارة الذاتية الديمقراطية، لاحتضان الطلاب الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بالجامعات السورية لأسباب مختلفة منها الحصار وأخرى سياسية.
قبل العدوان التركي على المنطقة كانت الجامعة تضم ست كليات وهي: الطب والهندسة الكهروميكانيكية والإعلام والاقتصاد والزراعة والأدب الكردي بإشراف كادر مؤلف من 51 أستاذاً بالإضافة إلى أستاذ مساعد ونحو عشرين عضواً وعضوة وبلغ العدد الإجمالي للطلاب 469 طالباً وطالبة قبل الحرب. وكانت المكتبة المركزية تضم 3150 كتاباً ومخابر علمية تحتوي على الكثير من الأجهزة العلمية مع أكثر من خمسين حاسوباً.
توقَّف الدوام في الجامعة بعد بدء العدوان بسبب القصف العشوائي، حيث شكل ذلك خطراً على سلامة الطلاب. وبعد الاحتلال تم نهب كل محتويات الجامعة أو تحطيمها وهي الآن مقر لجيش الاحتلال التركي ومرتزقته ومركز للخطف والتعذيب. وتم الخطف والاعتداء على بعض الطلاب والأساتذة وخطفهم لخارج المقاطعة من بينهم عميد كلية الآداب الدكتور عبد المجيد شيخو 67 عاماً.
No Result
View All Result