سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

في اليوم العالمي للبيئة… نحو تحقيق تنمية بيئية مستدامة في مناطق شمال وشرق سوريا

قامشلو/ شانا جودي ـ

قبل الحرب بعقود، كانت معاول الهدم تضرب في جذور البيئة في سوريا، وبشكل خاص في مناطق شمال وشرق سوريا، حيث كانت هذه المناطق مهملة من قبل النظام الحاكم، وتلتها فيما بعد وحشية الاحتلال التركي في الإبادة الإيكولوجية، ولكن بعد ثورة روج آفا، اتخذت الإدارة الذاتية حماية وتطوير البيئة ركيزة أساسية، وعملت على حمايتها وتطويرها.
خمسون عاماً من الاحتفال باليوم العالمي للبيئة، والذي يعتمد على مفهوم استعادة النظم البيئية، وهو استمرار للاحتفال به لأول مرة عام 1973م فأصبح منصة عالمية لزيادة الوعي البيئي، واتخاذ الإجراءات المناسبة تجاه القضايا البيئية في العالم، لمنع كارثة تغيير المناخ، ووقف التلوث المتزايد، والنفايات ومنع انهيار التنوع البيولوجي، وحماية وإصلاح ما هو باق من الطبيعة.
ففي مناطق شمال وشرق سوريا، تراجع الوضع البيئي العام من تغير للمناخ، وارتفاع درجات الحرارة، وانخفاض نسبة هطول الأمطار، وتراجع المساحات الخضراء في المنطقة، ولا سميا بعد الانخفاض الملحوظ لمنسوب مياه الأنهار في المنطقة، والتي يتم حجزها من قبل الاحتلال التركي منذ سنوات؛ ما أدى لكوارث إنسانية، وبيئية على شعوب وأراضي مناطق شمال وشرق سوريا، فعمدت تركيا إلى ممارسة حرب المياه الإقليمية (حرب الحياة) لتحول الأراضي الزراعية لصحراء، وتأثر المحصول الزراعي بعد حجز تدفق حصة سوريا من مياه نهر الفرات لديها، والتي أصبحت فقط ١٥٠ متراً مكعباً في الثانية من أصل ٥٠٠ متراً مكعباً في الثانية، حسب الاتفاق المبرم بين الدولتين عام ١٩٨٧م، وهي متابعة لسلسلة أعمالها العدائية تجاه أبناء المنطقة وطبيعتها، مع استمرار قطعها وحرقها للأشجار في عدة مناطق محتلة من قبلها في شمال وشرق سوريا والعراق.
الوضع البيئي في شمال وشرق سوريا
وبهذه المناسبة “يوم العالمي للبيئة”، قيَّم الرئيس المشترك لهيئة البيئة في شمال وشرق سوريا “إبراهيم حمدي أسعد” لصحيفتنا، الوضع البيئي في شمال وشرق سوريا، وجهود الإدارة الذاتية في سبيل تطوير هذا القطاع، وقال: “عندما نقيّم الوضع البيئي في شمال وشرق سوريا، فإن هذا الوضع غير منفصل عن الوضع البيئي العالمي بشكل عام، حيث أن التأثيرات المناخية والطبيعية في السنوات الأخيرة، والتي قد تغيرت بشكل كلي، من المناخ المائي والهوائي وحتى الحيوي، لهذا الوضع البيئي في شمال وشرق سوريا قد تضرر بشكل كبير من ناحيتين، فمن ناحية، عندما كانت شمال وشرق سوريا تحت سلطة حكومة دمشق، فإن هذه المناطق قد أهملت بشكل كلي، ولم يكن هناك أي عمل أو نشاط بيئي، أو احتراز بيئي لدرء مخاطر بيئية مختلفة من التصحر والجفاف، ومن الناحية الأخرى هجمات المرتزقة وخاصةً “داعش” على شمال وشرق سوريا، قد أثرت بشكل مباشر على طبيعة، وبيئة شمال وشرق سوريا؛ حيث كانت الهجمات تدمر البيئة العشبية من جذورها، وبذلك تضرر البيئة الحيوية والمناخ الملائم للكائنات الحية، فاتجهت البيئة المنطقية نحو الهلاك”.
وتابع: “يمكننا القول: إن البيئة في شمال وشرق سوريا، قد مرت بمرحلة المرض، فأصبحت تتعافى من هذا المرض، لهذا فإن الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا قد أدركت مخاطر هذا الوضع، فقامت بما يلزم من الإجراءات للحد من هذا الخطر البيئي”.
وأكد أسعد، أن الوضع البيئي في شمال وشرق سوريا، تأثر بشكل مباشر بهجمات الدولة التركية المحتلة واستخدامها الأسلحة المحرمة في شمال وشرق سوريا ولا سيما في المناطق التي احتلتها مثل سري كانيه وكري سبي وعفرين من قلع أشجار الزيتون وحرقها وتدمير الآثار والرموز الدينية للشعب الإيزيدي؛ علاوة على حرق المحاصيل الزراعية: “فاتبع الاحتلال سياسة إبادة الطبقة العشبية، واقتلاعها من جذورها، وقامت المرتزقة بقلع الأشجار المعمرة منذ عشرات السنين”.
“تضرر البيئة الجيولوجية”
فيما لفت إلى “أفعال الدولة التركية المحتلة، قد أثرت بشكل مباشر على الوضع البيئي على المنطقة بشكل عام، وخاصة حجز مياه نهر الفرات، قد أضر بالبيئة الجيولوجية بشكل عام، وأدى ذلك إلى حدوث زلازل مدمرة؛ كما حصل في تركيا مؤخرًا”.
منوهاً في تكملة حديثه إلى السبب الرئيسي في فصل هيئة البيئة عن الإدارة المحلية: “جاء تحديث الهيئة البيئية في شمال وشرق سوريا، بعد دراسة لأهمية البيئة، ولأن البيئة كانت مهمشة كبقية الأعمال في سوريا، ولأن هيئة الإدارات المحلية تقع على عاتقها مهام، وأعمال كبيرة، ولمواكبة الوضع البيئي العالمي، فقد دعت الحاجة إلى استحداث هيئة البيئة”.
مخططات هيئة البيئة
أما عن مخططات هيئة البيئة في شمال وشرق سوريا، فتح أكاديمية بيئية، وتنظيم مجلس بيئي على مستوى شمال وشرق سوريا.
وأردف أسعد عن الصعوبات، التي تواجه هيئة البيئة في شمال وشرق سوريا: “صعوبات الهيئة البيئية في شمال وشرق سوريا، غير منفصلة عن الصعوبات التي تواجهها الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا بشكل عام، فالهيئة البيئية في شمال وشرق سوريا، أمامها صعوبات وعوائق كثيرة، تبدأ من هجمات المرتزقة، ودولة الاحتلال التركي لوقف الدمار، ولمنع سياسة الإبادة البيئية، والتوقف عن توسيع دائرة التصحر، ومنع قطع الأشجار الذي يؤثر على البيئة بشكل خاص”.
ووجّه الرئيس المشترك لهيئة البيئة في شمال وشرق سوريا “إبراهيم حمدي أسعد” في نهاية حديثه رسالة بمناسبة يوم العالمي للبيئة إلى جميع شعوب المنطقة، في الالتزام بمبدأ حماية الطبيعة: “إلى جميع أفراد شعبنا في شمال وشرق سوريا، نهنئهم مرة أخرى، وبمناسبة هذا اليوم ندعو مجتمعنا إلى حماية بيئتهم وأرضهم من الأضرار، والمواد الضارة والملوثة للبيئة ولصحة الإنسان، ونشر الثقافة الإيكولوجية بين أفراد المجتمع، وكما ندعو شعبنا إلى القيام بحملات توعوية وزراعة الأشجار ونظافة في بيئتهم ومدينتهم. ونجعل شعارنا في هذا اليوم (بيئة نظيفة، صحة سليمة)”.