يصادف الثامن عشر من شهر أيلول اليوم الدولي يوم المساواة في الأجور بين الرجال والنساء في قطاع العمل، وبينما لم تستطع بعض الدول حفظ حقوق العمال والعاملات، تعمل الإدارة الذاتية في إقليم شمال وشرق سوريا في متابعة أجور العاملين في القطاع العام والخاص للحد من استغلال العاملين في تدني الأجور والحد من زيادة ساعات العمل، ومنع استغلال المحتاجين للعمل بإعطائهم أجورا منخفضة، فهل نجحت في ذلك؟
لا يزال استغلال العمالة من أكثر القضايا انتشارًا في الاقتصاد العالمي، على الرغم من التقدم في قوانين العمل والاتفاقيات الدولية، فإن استغلال العمال مستمر بلا هوادة في العديد من الصناعات في أنحاء العالم، ويتخذ هذا الاستغلال أشكالًا عديدة، بدءًا من الحرمان من الأجور العادلة والمزايا إلى العمل القسري وعمالة الأطفال، فيكثر هذا الاستغلال عند المحتاجين للعمل، وإن العواقب المترتبة على هذا الاستغلال بعيدة المدى، ولا تؤثر على الأفراد المعنيين فحسب، بل تؤثر أيضاً على النسيج الأخلاقي للمجتمعات وسلامة الأسواق العالمية.
وتواجه الحكومات التحدي المتمثل في تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي، وحماية حقوق العمال، وقد نجح بعضها في تنفيذ قوانين العمل، في حين يعاني البعض الآخر من الفساد ونقص الموارد.
منطق المساواة في الأجر
وفي الثامن عشر من أيلول هذا العام، أطل علينا “اليوم الدولي الثاني للمساواة في الأجر” الذي اعتمدته هيئة الأمم المتحدة ضمن أجندة فعالياتها السنوية، لتوجيه اهتمام العالم أجمع نحو أهمية منح الأجر نفسه عن العمل المتساوي القيمة، دون أي تمييز اجتماعي، الأمر الذي تعود جذوره إلى “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”، والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من كانون الأول 1948.
وقد نصَّ هذا الإعلان في مادته رقم (23) على أن “لكل شخص حق العمل، وحرية اختيار عمله، في ظل شروط عمل عادلة ومُرضية، وله الحق أيضاً في الحماية من البطالة، ولجميع الأفراد ـ دون أي تمييزـ الحق في أجرٍ متساوٍ على العمل المُتساوي”، وفي المقابل، يُثار الجدل عادةً، حول مدى تطبيق هذا الطرح في الواقع الفعلي، وغالباً ما يتبادر إلى الأذهان إشكالية التمييز في الأجر عن العمل المتساوي بين الجنسين “النساء والرجال”، بيد أن اللافت للانتباه، أن هذه الإشكالية تنسحب إلى فضاء أكثر اتساعاً، ففي كثير من الأحوال، تنطوي حالات عدم المساواة في الأجر المدفوع عن العمل المتساوي على أبعاد مُركبة، لتُعمِّق من التمييز بين العاملين لخصائصهم الاجتماعية.
العمل ضمن مؤسسات الإدارة الذاتية
وقد أسست هيئات خاصة بالنساء، ولجان نسائية في جميع الهيئات، والمؤسسات الرسمية، والمجتمعية، وفوق ذلك تطبيق نظام الرئاسة المشتركة في مؤسسات الإدارة، حيث حدد العقد الاجتماعي تمثيل المرأة بنسبة 50% على الأقل، فيما زادت هذه النسبة في بعض المؤسسات لتصل إلى 70%، كما هو الحال في قطاع التربية مثلاً، على عكس العديد من المناطق والدول، التي ترفض عمل النساء في مجالات عدة، كـ “إيران وأفغانستان” وغيرها من الدول، التي تحتكر قطاع العمل على الرجال.
وتزداد مرتبة المرأة مع زيادة نتاجها في القطاع الذي تعمل به، ومع تعلمها مهارات وخبرات جديدة فتتاح الفرصة لها للتطور في المجال الذي تعمل فيه، فيما تقدم الإدارة الذاتية الأجور في مؤسساتها بحسب الخبرات والأعمال المكلف بها العامل، أو العاملة دون تمييز بين أحد بحسب عرقه، أو جنسيته أو جنسه، فلا تختلف أجور النساء عن الرجال، فالإدارة الذاتية تحافظ على المساواة في الأجور دون استغلال لأي فئة من المجتمع.
وعوضاً عن ذلك تسعى لدعم ذوي الهمم في قطاعات العمل، مما يخلق مساواة في جميع فئات المجتمع، فتوفر لهم فرص حسب خبراتهم، وما يستطيعون القيام به، وتعمل الإدارة الذاتية على تقديم الدورات لتأهيل وتدريب العديد من فئات المجتمع، كدورات “الخياطة، والحلاقة، وإصلاح الهواتف النقالة، والحواسيب، والتمريض”، لخلق فرصة عمل خاصة بهم.
هذا وصرح الرئيس المشترك لهيئة الشؤون الاجتماعية والكادحين في الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا “فاروق الماشي” لموقع الإدارة الذاتية الرسمي، أن هيئة الشؤون الاجتماعية والكادحين في إقليم شمال وشرق سوريا، خلال النصف الأول من العام 2024، قد عينت 1355شخصاً من المسجلين في مكاتب التشغيل في المقاطعات والذي بلغ عددهم 4238 شخصاً.
استغلال العمال في قطاعات العمل الخاصة والعامة
وتجنباً لاستغلال العمال والعاملات في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، أسست الإدارة الذاتية اتحاد الكادحين في الخامس من حزيران عام 2015، والذي يعمل على حفظ حقوق ودعم قطاعات العاملين في مؤسساتِ الإدارةِ الذاتيّة والمجتمع المدنيّ وفي القطاع الخاص والعام، من استغلال في الأجور وزيادة في ساعات العمل واستغلال للمحتاجين للعمل بأجور منخفضة.
وبالرغم من جهود الإدارة الذاتية يعمل عمال المياومة بأجور قليلة، تصل إلى نصف الأجر الذي يقدم لعامل آخر بسبب حاجتهم، مما يجعل صاحب العمل يستغلهم لظروفهم المادية الصعبة، وتتعرض العديد من النساء للاستغلال في الأجور، إذ تعمل ورشات النساء في الأراضي لساعات عمل طويلة مقارنة بالأجور الرمزية، ومنهن من تعمل ضمن ورشات التحميل والتنزيل لمحلات الجملة، لتأخذ أجراً يومياً يعادل نصف الأجر الذي يأخذه الرجل.