لا يخلو المجتمع من وجود أفراد يلجؤون إلى التضليل في تسويق أنفسهم داخل مجتمعهم أو أماكن عملهم، فيستخدمون كل الوسائل الممكنة للوصول إلى غاياتهم اعتماداً على أساليب مختلفة في التضليل وعلى رأسها الكذب.
يبرر معظم هؤلاء المضللون أو الكذابون قيامهم بذلك، بأن معظم الأفراد يلجؤون إلى الكذب في تحقيق مصالحهم، وأن ذلك أمر اعتيادي. بينما في الحقيقة أنهم يبررون بذلك فشلهم الاجتماعي بكل تأكيد، ولذلك يلجؤون إلى أساليب الكذب والتضليل للوصول إلى ما يريدون من قيمة اجتماعية زائفة، وهم يدركون ذلك تماماً في قرارة أنفسهم، إلا أنهم يتعالون على ذلك ويوهمون أنفسهم بخلاف ذلك ويعتقدون أن الآخرين سيصدقون أكاذيبه، كمن كذب وصدق كذبه هو ذاته.
والنظرية أو المبدأ القائل “اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الآخرون” والذي أطلقه وزير الدعاية أو الإعلام في نظام ألمانيا النازية “جوزيف غوبلز” يلخص الأسلوب الذي اتبعه المضللون أو الكذابون على مر الزمان.
وفي المشهد الثقافي والإعلامي في مناطق شمال وشرق سوريا نلحظ وجود كم لا بأس به من المضللين والكذابين، فمنهم من يلجأ إلى سرقة حقوق الآخرين في التأليف والنشر ونسبها إليهم وتسويق أنفسهم في الوسط الثقافي ككاتب أو شاعر أو باحث، حتى أن البعض يسميهم “كتاب وشعراء النسخ واللصق”، وهذا يدخل في خانة “السرقة الأدبية” التي سنتحدث إليها في زاويتنا لاحقاً. وهناك كتاب وإعلاميون يضللون الآخرين بالدرجة العلمية الحاصلة عليها، بغرض الحصول على قيمة ثقافية واجتماعية عالية، وهذا الأمر شائع لدى الكتاب على صفحاتهم الرسمية في وسائل التواصل، فتجد أحدهم يطرح للرأي العام أنه حاز على الشهادة الجامعية كذا، بينما قد يكون في الحقيقة أنه لم يتجاوز الابتدائية.
وهناك البعض وخاصة من فئة المتسلقين، من يعتمدون كلياً على الآخرين في تسويق أنفسهم، فيظهر نتيجة ذلك كاتبات وكتاب زائفون لا يملكون درجة كافية من مقومات الكتابة، وهذا له أثره السلبي على تطوير الثقافة والأدب في المجتمع.
وهناك كيانات ثقافية زائفة تطرح وتسوق نفسها على أنها تمثل المجموع العام للكتاب والإعلاميين في منطقتنا، بينما لا وجود لها على أرض الواقع في شمال وشرق سوريا، وهؤلاء خصوصاً يعيشون واقعاً رجعياً، أنهم في خارج الزمان والمكان مقارنة بأطروحاتهم، وهذه مسألة سنتناولها لاحقاً أيضاً.
هذا غيض من فيض مما يتعلق بهذا الموضوع، لكن ما يهمنا هو تحديد بعض الظواهر السلبية في الحياة الثقافية لمنطقتنا، ومحاولة من جانبنا في تحليلها ومعالجتها. فقد نكون مخطئين أو صائبين في طروحاتنا .. والحقيقة قد يكون لها أوجه كثيرة.. إلا أن أكثرها مصداقية؛ هي تلك التي تحاكي المنطق والواقع والأخلاق. لنا محطة أخرى حول هذا الموضوع.