أجّجت المؤامرة الدولية التي حيكت ضد القائد عبد الله أوجلان مشاعر ملايين الكردستانيين والمتعاطفين معهم، إذ لم تتوقف عجلة النضال الكردستاني طيلة 25 عاماً بأشكالٍ مختلفة، نتجت عنها ثورة روج آفا، وتحول فكر القائد عبد الله أوجلان إلى أملٍ للإنسانية في الخروج من مستنقع الحروب والأزمات التي تعصف بالعالم.
أحدثت المؤامرة الدولية التي طالت القائد عبد الله أوجلان خلال عامي 1998- 1999 تحولاً كبيراً في تنمية الوعي الوطني الكردستاني، حيث امتدت الاحتجاجات ضد المؤامرة إلى الجبال والسهول، والساحات والسجون، والتف الملايين من الكردستانيين حول القائد الذي جسّد القضية الكردية بكل تفاصيلها.
لم يتوقع المتآمرون أن يقف ملايين الناس ويردّوا على المؤامرة التي حدثت كهجمة دولية ضد الشعب الكردي ومستقبله الحر، لكن النضال الذي تصاعد في أجزاء كردستان الأربعة، أدان المؤامرة منذ البداية وحال دون نجاحها.
مرحلة جديدة من النضال
دخل النضال من أجل حرية كردستان مرحلة جديدة، حيث أفشل الشعب الكردي المؤامرة منذ البداية، عبر نضاله من أجل الحرية، لقد كان المتآمرون يأملون في القضاء على جذوة النضال إلى الأبد، مع اختطاف القائد عبد الله أوجلان، لكن النضال دخل مرحلة جديدة؛ لأن النموذج الديمقراطي والبيئي وتحرير المرأة الذي طرحه القائد، لم يسهم فقط في دخول نضال حرية الشعب الكردي إلى مرحلة جديدة فقط؛ بل أسهم أيضاً في الوقت نفسه، في تمهيد الطريق أمام النضال الاشتراكي والديمقراطي في جميع أنحاء العالم، وكانت رداً تاريخياً قوياً ضد المؤامرة الدولية لقوى الحداثة الرأسمالية.
مرحلة النضال والاحتجاجات متواصلة
أسست فعاليات “لن تستطيعوا حجب شمسنا” ومنذ اليوم الأول من المؤامرة، نهجاً جديداً من النضال ضد الهيمنة الرأسمالية، واليوم، يستمر هذا النهج من النضال ضد الإبادة الجماعية والاستغلال والتآمر، في جبال كردستان.
أعلنت حركة الحرية الكردية والشعب الكردي والكردستاني يوم 9 تشرين الأول 1998 يوماً مظلماً، وأطلقوا نشاطات متواصلة من أجل إيصال أصواتهم إلى جميع أنحاء العالم.
احتجاجات “لن تستطيعوا حجب شمسنا”
محمد خالد أورال، تابع من كثب، مرحلة المؤامرة التي بدأت في تشرين الأول 1998. وعقد اجتماعاً مع رفاقه المعتقلين في السجن بتاريخ 9 تشرين الأول وقال: “هناك هجوم شامل للغاية على قائدنا، يجب القيام بشيء ما، أنا حريص للغاية، يجب القيام بشيء ما بالتأكيد، ولكن ما هو؟”، وأطلقوا عمليتهم في الليلة نفسها تماماً.
أورال، ترك رسالة قبل استشهاده، كان يخاطب فيها القائد عبد الله أوجلان، وقال فيها: “غضبي وكراهيتي وانتقامي عظيم جداً، لكن في السجن لا أستطيع القيام بذلك ضد العدو. من خلال هذه العملية أريد أن أظهر مرة أخرى ولائي لك، وبهذه العملية أريد أن أظهر كرهي وغضبي وحقدي على العدو، ومرةً أخرى أريد الانتقام، لم أحصل على شرف اللقاء بك ورؤيتك، لكنني أشعر بك دائماً في قلبي، طبعاً عمليتي لن تجبر الدولة التركية على اتخاذ أي خطوة، ولكن سيرون أن الشعب الكردي سوف يحوّل العالم إلى سجن بالنسبة لهم، إذا ما حصل لكم أي مكروه صغير، فإذا كان لنا أي اعتبار أو اسم في العالم، فإن هذا كله تحقق بفضل جهودكم ومساعيكم”.
حملات التوقيع في شمال كردستان
في الفترة، بين 1 شباط و1 أيار 2004، قدمت حركة الشباب المستقل (BAGEH) التماسات بعنوان “لقد تم الاستيلاء على إرادتنا”، إلى البرلمان التركي كجزء من حملة “الحرية للقائد”، فقط في 12 مدينة ومنطقة في شمال كردستان، تم جمع 94.941 عريضة وتقديمها إلى الجمعية التركية.
وفي شمال كردستان، قامت حركة المواطنين الأحرار بحملة “أوجلان إرادتي السياسية” بين تموز 2005 وأيار 2006 في تركيا وشمال كردستان، وجمعت 2 مليون و43 ألف توقيع، وتم جمع مليون و200 ألف توقيع في أوروبا ضمن الحملة نفسها، تم إرسال التوقيعات إلى المؤسسات الأوروبية.
صيام الموت
كما بدأ السجناء السياسيون إضراباً عن الطعام في 12 أيلول 2012؛ بهدف تحسين صحة القائد عبد الله أوجلان وسلامته وحريته الجسدية، واختتم الحدث الذي تحوّل لاحقاً إلى صيام حتى الموت، برسالة القائد عبد الله أوجلان في اليوم الـ 68.
وفي تركيا، وبعد الاشتباكات والصراعات بين منظمة فتح الله وحزب العدالة والتنمية في 15 تموز 2016، انتشرت أخبار عن حياة القائد عبد الله أوجلان، وبعد ذلك انطلقت وقفات “الحرية لأوجلان” في العديد من المدن والأقضية.
في أيلول 2016، بدأ إضراب عن الطعام إلى أجل غير مُسمى في آمد، بمشاركة 50 متطوعاً بقيادة DTK وHDK وKJA وDBP وHDP، مطالبين بلقاء القائد عبد الله أوجلان، وتوجّه شقيق القائد عبد الله أوجلان، محمد أوجلان، إلى إمرالي في اليوم الثامن من الإضراب عن الطعام، واختتم النشاط بعد اللقاء مع القائد عبد الله أوجلان.
الإضراب عن الطعام والعمليات الفدائية
كما بدأت ليلى كوفن، الرئيسة المشاركة لـ KCD، إضراباً عن الطعام إلى أجلٍ غير مُسمى في 8 تشرين الثاني 2018 ضد العزلة، وبعد ذلك، بدأ الإضراب عن الطعام وصيام الموت في السجون، خلال تلك العملية، أضرم السجناء السياسيون يونكا أكيجي، وزولكوف جيزن، وأوغور شاكر، وآيتن بيجت، وزهرة سقلام، وميديا جينار، وسيراج يوكسك، ومهسوم باماي النار في أجسادهم في السجن واستشهدوا. ونتيجة الإضراب عن الطعام وصيام الموت التقى المحامون مع القائد عبد الله أوجلان 5 مرات وانتهى الإضراب عن الطعام وصيام الموت بدعوة من القائد عبد الله أوجلان.
نحو ثلاثة ملايين توقيع في شمال وشرق سوريا
في شمال وشرق سوريا، تأسست مبادرة حرية القائد عبد الله أوجلان في 9 تشرين الأول 2019، من قبل العديد من السياسيين والمحامين والأطباء وشيوخ الكرد والعرب والسريان والأرمن، وبتاريخ 14 شباط 2021، تأسست مبادرة المحامين السوريين لحماية القائد عبد الله أوجلان، وكان أهم عمل لهذه المبادرات أن 691 محامياً من شمال وشرق سوريا وسوريا أرسلوا رسالة إلى وزارة العدل التركية بتاريخ 19 أيلول 2022 وطلبوا التوجّه إلى إمرالي، كما جمعت المبادرة مليونين و646 ألفاً و211 توقيعاً في عام 2023 في شمال وشرق سوريا، وأرسلتها إلى لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة، وفي العام ذاته تقدم 1025 محامياً في شمال وشرق سوريا وسوريا بطلب إلى منظمة العفو الدولية للقاء القائد وإنهاء نظام التعذيب والإبادة.
“حان وقت الحرية”
وفي 10 أيلول 2020، أطلقت منظومة المجتمع الكردستاني KCK حملة “حان وقت الحرية” وانضم الملايين من الأشخاص إليها، بينهم فنانين وأكاديميين وسياسيين ومثقفين ومشاهير، ونظمت المسيرات في جميع أنحاء العالم رغم فيروس كورونا، وأُقيمت العديد من الأنشطة في أربعة أجزاء من كردستان كجزء من الحملة.
في 11 كانون الثاني 2021، أطلقت مجموعة العمل الكردية في جنوب أفريقيا (KHRAG) واتحاد نقابات عمال جنوب أفريقيا (COSATU) حملة تحت شعار “حان الوقت، حرية عبد الله أوجلان من أجل سلامٍ متساوٍ في تركيا”. انضمت العديد من المؤسسات إلى المبادرة وأُرسِلت رسائل إلى الأمم المتحدة.
كما بدأ السجناء السياسيون في سجون تركيا وشمال كردستان، في 27 تشرين الثاني 2020، إضراباً عن الطعام لأجل غير مُسمى من أجل رفع العزلة عن القائد عبد الله أوجلان، وشارك في هذا العمل أكثر من 2000 سجين في 107 سجون، مع الإضراب في معسكر لافريو في اليونان ومخيم مخمور وسط العراق.
وفي 15 شباط 2021، نشر أكثر من مائة فنان وصحفي وكاتب معروفين عالمياً، إعلاناً بعنوان “الحرية لعبد الله أوجلان” وعنوانه: “مر أكثر من 20 عاماً ويجب إطلاق سراح عبد الله أوجلان”.
ثورة روج آفا المبنية وفق فكر وفلسفة القائد أوجلان أمل الإنسانية
على مدى أكثر من 20 عاماً، حوّل القائد عبد الله أوجلان وجوده في الساحة السوريّة إلى منبع للإرادة والفكر للمجتمع الكردي، وقد خرّج آلاف الكوادر الحزبية والمجتمعية، إلى جانب تنمية الوعي الوطني ورسم طريق النضال.
وكان القائد عبد الله أوجلان قد أوصل المجتمع إلى مستوى، بحيث إن الآلاف من الأشخاص (كباراً وصغاراً، رجالاً ونساءً، عمالاً وموظفين…) كانوا يذهبون للعمل خلال المواسم الزراعية وكانوا يرسلون طوعاً مردود ذلك العمل إلى حركة الحرية.
وعدّت انتفاضة 2004، أساساً متيناً لثورة 19 تموز في روج آفا، فمطالب الحرية، والديمقراطية والعدالة التي صدحت بها حناجر مئات الآلاف خلال سبعة أيامٍ من الانتفاضة، لم تتغير مع انطلاق ثورة روج آفا في 19 تموز 2012، انطلاقاً من مدينة كوباني.
وأصبحت روح المقاومة والانتفاضة، التي زرعها القائد في روج آفا وسوريا أساساً لنظام الحماية والنجاحات العسكرية التي تحققت، وأصبح القائد عبد الله أوجلان مصدراً للقوة والمعنويات الأساسية للشبيبة الذين انضموا بروح فدائية إلى أفواج ضمن صفوف وحدات حماية الشعب (YPG) ووحدات حماية المرأة (YPJ). حيث إن جهود وأعمال القائد أصبحت أساساً لثورة روج آفا، فلو لم يُحدث القائد عبد الله أوجلان أساساً في روج آفا، ولم يخض الأنشطة التدريبية والأكاديمية والثقافية، لكانت هناك دون أدنى شك صعوبات في تطور الثورة، وقد تم إنشاء الحياة المجتمعية واقتصاد قائم على التعاونيات ونظام إدارة المجلس.