No Result
View All Result
المشاهدات 0
إن قيام تركيا بالإفراج عن القس الأمريكي كان متوقعاً، فأردوغان شخصية براغماتية بشكل مفرط، وهو جاهز لتقديم أي تنازل مبدئي وفي أي وقت، وكل سلوك مباح وشرعي بالنسبة له طالما يجنبه ضغوطاً وخسائر ويحقق له مصالح ولو كانت آنية.
الأخطر في مسألة الإفراج عن القس برانسون، إنها أظهرت خرافة استقلال القضاء التركي وكشفت عن حجم تسيسه، وارتباطه بالسلطة السياسية، وأن كل الحديث عن سيادة القانون في تركيا أمر لا يمت للحقيقة بصلة ولا بأي شكل من الأشكال.
مشاكل تركيا السياسية والاقتصادية معقدة أكثر من أن يسهم الإفراج عن القس الأمريكي في حلها وبرأيي الوضع التركي على المدى المتوسط والبعيد سيظل ينحو صوب المزيد من التأزم والتفاقم ما لم تغير الحكومة التركية مقارباتها السياسية والاقتصادية.
جاءَ ذلك في حوارٍ أجراه «آدار برس» مع رئيس حزب الحداثة والديمقراطية لسوريا فراس قصاص حول دلالات قيام تركيا بالإفراج عن القس الأمريكي “برانسون”، وما إذا كانت هذه الخطوة قد تعني انفراجاً سياسياً واقتصادياً لتركيا، إضافةً إلى مدى احتمالية أن تكون هناك صفقة أمريكية – تركية على حساب الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا كما يتساءل البعض.
وهذا هو نص الحوار:
– بعد تدهور العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية نتيجة قضية القس برانسون، الذي تم الإفراج عنه مؤخراً باتفاقية تركية – أمريكية، ما قراءتكم لذلك؟
ما حدث كان متوقعاً، فأردوغان شخصية براغماتية بشكل مفرط، وهو جاهز لتقديم أي تنازل مبدئي وفي أي وقت وحدث ذلك في الكثير من المواقف وبخاصة مع الروس، كل سلوك مباح وشرعي بالنسبة له طالما يجنبه ضغوطاً وخسائر ويحقق له مصالح ومكاسب في المنطقة، الأخطر في مسألة الإفراج عن القس برانسون، إنها أظهرت خرافة استقلال القضاء التركي وكشفت عن حجم تسيسه، وارتباطه بالسلطة السياسية، وأن كل الحديث عن سيادة القانون في تركيا أمر لا يمت للحقيقة بصلة ولا بالواقع. فحين قررت السلطات التركية أن تحتجز القس الأمريكي برانسون لكي تدخل في مساومة مع الولايات المتحدة أملاً في إبرام صفقة تتسلم بموجبها خصم أردوغان اللدود غولن، لم تتورع عن تلفيق تهم التجسس والتآمر ودعم الإرهاب للقس برانسون، ودفعت القضاء للحكم عليه بأحكام قاسية. وحين اختبرت صلابة الولايات المتحدة وسيادة القانون الذي يصون وضع غولن فيها ولما تشدد الرئيس الأمريكي في مطالبته بإطلاق سراح القس إيماناً ببراءته وتسييس الحكم ضده، وبالتالي فرض ضغوطاً وعقوبات على تركيا، لم يكن أمام أردوغان إلا الدفع صوب الإفراج عن القس برانسون بهذا الشكل المهين لتركيا الدولة والقانون ولأردوغان في آن معاً.
ـ هل تتوقعون إنفراجاً سياسياً واقتصادياً تركياً بعد أن تم الإفراج عن القس الأمريكي برانسون؟
لست أميل لتلك الفرضية، مشاكل تركيا السياسية والاقتصادية معقدة أكثر من أن يسهم الإفراج عن القس الأمريكي في حلها، هي مشاكل متشابكة ومتعددة المصادر، وتنهض على قاعدة خلل سياسي استراتيجي له علاقة بقضية أيديولوجية السلطة وتحديداتها للخطوط التأسيسية في المشروع التركي. برأيي الوضع التركي على المدى المتوسط والبعيد سيظل ينحو صوب المزيد من التأزم والتفاقم ما لم تغير الحكومة التركية مقارباتها السياسية والاقتصادية بشكل كبير وصعب.
ـ برأيكم ما التنازلات التي قدمها أردوغان لأمريكا وأفضت إلى الإفراج عن القس الأمريكي؟
لم أسمع عن تنازلات أخرى قدمتها تركيا للولايات المتحدة بعد صفقة القس، لا سيما حول تلك التي تتطلب موقفاً مباشراً، كموضوع صفقة منظومة صواريخ إس ٤٠٠ الروسية، إبرام صفقة ما بهذا الشأن يخضع لمعطيات مساومة أكبر وأوسع مما احتاجته قضية القس.
ـ إثر مسألة الإفراج عن القس الأمريكي، هل من المتوقع أن تكون هناك صفقة من الجانب الأمريكي على حساب الإدارة الذاتية في الشمال الشرقي من سوريا؟
أستبعد أن يؤثر التنازل التركي الأخير وإطلاق سراح برانسون على الموقف الأمريكي من مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشمال شرق سورية، فموقف الأخيرة ينشد إلى عوامل متعددة غالبيتها استراتيجي الطابع، بعضها مرتبط بالقضاء ليس على داعش الإرهابية فقط، بل على البيئة الثقافية والسياسية للإرهاب الديني، وبعضها مرتبط بتقويض الدور الإيراني الخطير في سورية والشرق الأوسط، وبعضها الأخير مرتبط بالحدث السوري والدفع بتحصيلاته إلى مآل معقول يطيح بالاستبداد ويوفر آلية انتقال سياسي مناسبة لذلك، هذه الأهداف أكبر وأوسع بكثير من الأساس والهدف الذي تحقق للولايات المتحدة مع إطلاق القس من السجون التركية.
ـ ماذا عن التهديدات التي أطلقها أردوغان عبر تصريحاته بالهجوم على شرق الفرات، وهل تتوقعون منه أي هجوم؟
أستبعد أن ينفذ أردوغان تهديداته تلك؛ لأنه يعرف أن المنطقة تقع في منطقة ذات حسابات جيو استراتيجية معقدة بالنسبة للتحالف الغربي والدولي وهي ستأخذ ذلك في حساباتها، ناهيك عن أن هذه المنطقة وبالمعنى المباشر لم تزل منطقة عمليات عسكرية راهنة بالنسبة لهذا التحالف، فمرتزقة داعش لا زالوا موجودين في بعض المناطق. برأيي إن ما يقف وراء تصريحات أردوغان هذه، توتر قهري لا يستطيع مقاومته، ومع ذلك يحاول من خلاله أن يؤثر نفسياً على الإدارة الذاتية في الشمال الشرقي من سوريا، ويزعزع من صمودها وتماسكها.
No Result
View All Result