تقع قرية جاتينجا الهندية الخلابة، في قلب منطقة ديما هاساو بولاية أسام، محاطة بأجمل المناظر الطبيعية الخضراء المورقة. تضم هذه القرية الصغيرة، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 25 ألف نسمة، ظاهرة غامضة ومثيرة للاهتمام.
رغم هدوئها الساحر، فإن القرية تُخفي جانباً مظلماً. خلال شهري أيلول وتشرين الأول، عندما يسيطر الضباب الكثيف على المنطقة، تشهد جاتينجا ظاهرة غريبة تتمثل في طيران الطيور بشكلٍ عشوائي ومتهور. العديد من هذه الطيور، بما في ذلك الطيور المهاجرة والمحلية، تصطدم بشكل غير مفهوم بالأشجار والمباني.
تعد هذه الظاهرة الغامضة لغزاً حيّر العلماء والسكان المحليين على حد سواء منذ أكثر من قرن. وبينما يطلق على جاتينجا اسم “قرية المطر والماء” في لغة جيمي ناغا، فإنها تشتهر أكثر بظاهرة الانتحار الجماعي للطيور التي تحدث فيها.
يبلغ عدد أنواع الطيور التي يتم العثور عليها منتحرة في القرية حوالي 40 نوعًا مختلفًا، بما في ذلك طائر البلشون النمري، والبلشون الصغير، والبلشون الأسود، وطائر البيتا الهندي، وطيور الرفراف. أغلبها تنتحر في وادي جاتينجا.
تحدث هذه الظاهرة الغريبة في القرية الصغيرة المحاطة بالجبال، في ليالي القمر المظلم. على طول طريق ضيق يمتد لمسافة 1.5 كيلومتر. هذا الحدث الغريب جعل القرية تُعرف باسم “مثلث برمودا للطيور”.
كان أول من شهد هذه الظاهرة الغامضة شعب ناغا في القرن العشرين، اعتقدوا أنها لعنة شريرة وأغلقوا القرية. بعد سنوات، استوطنت قبيلة جينتيا القرية المهجورة. على الرغم من رؤية هذه الظاهرة المخيفة، لم يروا فيها لعنة، بل فرصة رائعة، فقد اعتادوا على جمع الطيور الميتة وتناولها كغذاء في تلك المنطقة القاسية.
ورغم الجهود المبذولة لحماية الطيور والحد من هذه الظاهرة، لا يزال السبب الدقيق لهذه الوفيات الغريبة مجهولاً، فحتى مع التقدم التكنولوجي الكبير، لم نتمكن بعد من فهم الطبيعة بعمق كافٍ والكشف عن أسرارها.
تفسير الظاهرة
حيرت هذه الظاهرة الباحثين، وكذلك السكان المحليون الذين بدأوا في ترديد أساطير وروايات مختلفة حول أسباب طيران الطيور بشكل عشوائي في السماء المظلمة، واصطدام بعضها بشكل لا يمكن تفسيره بالأشجار والمباني والأشياء الأخرى.
شائعات وأساطير
يزعم البعض إنها كما لو كانت مجبرة من قبل قوة غير مرئية. كذلك زعم البعض أن سكان القرية الأصليين هم الذين يقومون بقتل الطيور من أجل تناولها كوجبات. ويزعمون أن القبائل المحلية تغري الطيور باستخدام بعض الأضواء الاصطناعية أو الكشافات والفوانيس، ثم يستخدمون أعواد الخيزران وغيرها من الطرق والأساليب المختلفة لضربها حتى الموت.
التفسير العلمي
كذلك، حاول العديد من الباحثين تقديم تفسيرات للظاهرة الغامضة المتمثلة في انتحار الطيور بشكل جماعي، لكن الأمر اللافت للنظر هو عدم وجود إجابة قاطعة حتى الآن، ولكن يعتقد بعض العلماء أن تضاريس القرية الصعبة، والتي تتميز بالضباب الكثيف والرياح القوية والأمطار الغزيرة خلال موسم الرياح الموسمية، تساهم في إرباك الطيور.
هذا الإرباك يدفع الطيور إلى التحليق باتجاه الأضواء الموجودة في القرية، مما يؤدي إلى اصطدامها بالمباني والأعمدة. وهناك أيضا نظرية أخرى تقترح أن التغيرات في المجال المغناطيسي للمنطقة هي السبب في حالات الانتحار الجماعي للطيور.
سحر الطبيعة يجذب الزوار
رغم غموض هذه الظاهرة، إلا أنها تحولت إلى عامل جذب سياحي كبير بالنسبة إلى القرية. يأتي الزوار من مختلف الدول في جميع أنحاء العالم، لمشاهدة هذه الظاهرة وهذا الحدث الغريب. يلتقطون الصور والفيديوهات، كما تقيم السلطات المحلية العديد من الفعاليات والمهرجانات للاحتفال بهذه الظاهرة الفريدة.
لا تعتبر ظاهرة انتحار الطيور هي الوحيدة السبب في تحول القرية إلى عامل جذب سياحي. تتميز القرية أيضاً بأنها مكان مثالي بمشاهدة طائر صقر آمور المهاجر، الذي يشرّع في رحلة هجرة لا تصدق من سيبيريا في نصف الكرة الشمالي إلى جنوب أفريقيا في نصف الكرة الجنوبي. يمر هذا الطائر عبر شمال شرق الهند، ليقطع أكثر من 22 ألف كيلومتر.
معلومات عن قرية جاتينجا
ـ تقع قرية جاتينجا في ولاية أسام شمال شرق الهند.
ـ تشتهر بظاهرة غريبة وساحرة تحدث فيها سنوياً خلال شهري أيلول وتشرين الأول.
ـ في هذه الفترة، تشهد القرية هجرة جماعية للطيور المختلفة التي تندفع نحو الأرض وكأنها تنتحر.
ـ على الرغم من مرور سنوات عديدة على اكتشاف هذه الظاهرة، إلا أن العلماء والباحثين لم يتمكنوا حتى الآن من تقديم تفسير علمي قاطع لها.
ـ طرحت العديد من النظريات، أبرزها تأثير المجال المغناطيسي، حيث يعتقد البعض أن وجود مجال مغناطيسي غير طبيعي في المنطقة يؤثر على حاسة التوجيه لدى الطيور، مما يدفعها إلى التحليق بشكل دائري ثم الارتطام بالأرض.
ـ تشير نظريات علمية أخرى إلى أن الضباب الكثيف الذي يغطي المنطقة خلال شهري أيلول وتشرين الأول يربك الطيور، ويجعلها تفقد اتجاهها.
ـ هناك من يربط هذه الظاهرة باستخدام المبيدات الحشرية في المنطقة، والتي قد تؤثر على الجهاز العصبي للطيور، وتسبب لها الهلاك.
ـ تشمل الطيور المهاجرة إلى جاتينجا العديد من الأنواع مثل البلابل والطائر الطنان.
ـ تشتهر جاتينجا أيضًا بجمالها الطبيعي، حيث يوفر وادي جاتينجا فرصة مثالية للسياحة البيئية. يوجد به العديد من مناطق الجذب السياحي القريبة.
ـ تشهد القرية أيضا مهرجان جاتينجا السنوي ومهرجان الصقور، فيهما يمكن استكشاف الثقافة القبلية والموسيقى في المنطقة.
ـ تضم القرية واحدة من أكبر مزارع زراعة الأناناس. يمكنك الاستمتاع بتشكيلة رائعة من الأناناس المزروع هناك.
في النهاية، تبقى ظاهرة انتحار الطيور في قرية جاتينجا لغزًا مُحيراً للعلماء والباحثين. وتعتبر الآن واحدة من أغرب الظواهر الطبيعية في العالم. لذلك، يسعى الباحثون عن تجربة فريدة ومثيرة، إلى زيارة قرية جاتينجا خلال موسم الهجرة، ويعتبرونها خيارًا مثاليًا.