سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

غرق ضياء الدين التمر.. فاجعة أحزنت القلوب

روناهي/ تل حميس ــ

من داخل البيوت الطينية البسيطة والجدران الترابية، ولِد صاحب الكفاءة والذكاء والأخلاق الحميدة “ضياء الدين التمر”، ليُضيء الكون بنوره.
كان اسم على مُسمى “ضياء الدين التمر” لقد أضاء وأنار الدنيا والوسط الإعلامي بشكلٍ خاص، لما تركه من إرث علمي عظيم للأجيال القادمة في هذا المجال، والذي لا يمكن أن يُنسيه الموت، فقد مات جسداً، لكنه باقٍ وخالد في الذاكرة.
صفاته ومسيرته العملية
وفي الصدد؛ زارت صحيفتنا “روناهي”، قرية الإعلامي “ضياء الدين التمر”، والتي تدعى “بلقيس شرقي”، حيث التقينا بالكثير من أهله وزملائه، الذين أفادونا ببعض المعلومات عن حياته، حيث تحدثت شقيقته “خولة التمر“: “ضياء من مواليد 1989، فقد نشأ وترعرع في قرية بلقيس شرقي، التابعة لمدينة تل حميس، وكان ذو أخلاق حميدة ونبيلة، وطبعٍ هادئ، وابتسامة دائمة، وكان محباً للأطفال كثيراً، واجتماعياً يحبه ويحترمه الجيران على الرغم من صغر سنه”.
وأردفت: “وكان من المجتهدين في دراسته، فقد نجح والتحق بجامعة دمشق “قسم العلوم السياسية”، ولكن بعد الأحداث الأخيرة في سوريا أجبرته الظروف على العودة، فيما تسبب بعدم تخرجه من الجامعة”.
وتابعت: “كما وكان ضياء الدين، من مؤسسي حزب الحداثة والديمقراطية في مدينة تل حميس، حيث شغل منصب رئيس مكتب الحداثة منذ تأسيسه، وبعدها انتقل إلى حزب سوريا المستقبل وكان من مؤسسيه أيضاً، وفي عام 2017 وجد فرصة عمل تناسب تفكيره ومستواه العلمي، حيث أصبح رئيس التحرير في قناة “اليوم””.
 مضيفةً: “وكان ضياء الدين أحد مقدمي برنامج “حديث اليوم” على شاشة قناة “اليوم”، والذي يعرض يومياً في تمام الساعة السادسة مساءً، وكان ذو خبرة كافية وقادر على إدارة الحوار وقراءة السياسة، ناهيك عن تلقيه للتدريبات، فقد خرّج العديد من الإعلاميين، بالإضافة إلى كتابة المقالات في عدد من الصحف”.
سبب وفاته
وأكد أحد زملائه “هياف البطران“، إنه منذُ شهر تقريباً وبسبب ضغط العمل، قام ضياء بأخذ إجازةٍ لأخذ قسطٍ من الراحة مع عائلته المكونة من زوجته وطفلتيه “رؤى، ولمى”، وأمه المسنة المريضة، حيث عاد إلى مسقط رأسه “تل حميس”، وبسبب شوقه ولهفته لمنطقته، قرر أن يذهب في نزهة إلى باب الحديد مع رفاقه الأربعة إلى سد “جل آغا” في مقاطعة الجزيرة، بقصد المتعة والتسلية وصيد الأسماك. حيث وصلوا إلى السد في الساعة التاسعة صباحاً، وقاموا بالسباحة فغاب قليلاً ثم عاد يحمل المحار وهو ينادي: “جئتكم بأكلة إيطالية شهيّة”، وقد جمع الحطب وأوقد النار، وكان أول المتذوقين للمحار المشوي، وفقاً لرفيقه.
 وتابع البطران: “وبعد الساعة الواحدة ظهراً عادوا إلى بيت أحد زملائهم في قرية باب الحديد وتناولوا الغداء، وأخذوا قسطاً من الراحة وقام بالطهارة والصلاة، فعادوا إلى السد في تمام الساعة الخامسة ليُكمِلوا نزهتهم، والتي تحولت إلى فاجعة محزنة، حين غرق ضياء وقد حاول رفاقه الذين لم يكونوا يعرفوا السباحة جيداً، إنقاذه لكن دون جدوى بسبب عمق المكان الذي وصل عمقه من 10 إلى 12 متر تحت المياه، ليبلغوا ذويه وأساييش جل آغا عن الحادثة المفجعة، والذين قاموا بمحاولات عدة لإخراج الجثة من تحت المياه فيما تم انتشالها في تمام الساعة الحادية عشر مساءً، بمساعدة الخبراء،  فيما تم أخذ الجثة إلى مشفى السلام بكركي لكي وبعد الكشف عن الجثة تم تحويلها إلى مشفى تربة سبيه من أجل فحصها من قبل الطبيب الشرعي”.
مات ضياء وغاب النور
 واختتم رفيقه هياف البطران: “وفي تلك الأثناء كانت تعلو أصوات ذويه وتنهمر دموعهم من هول الفاجعة، وبعدها تم نقل جثمانه فاستقبله محبيه وأصدقائه في الساعة الثانية بعد منتصف الليل، لينظم أقسى رحلة وداع من المشفى إلى حضن أمه وطفلتيه الصغيرتين، حيث انتهى دور أصدقائه المُقربين من تقبيله وضمه، ليأتي دور أمه وزوجته لوداعه الأخير، حيث خرجت أمه مناديةً بأعلى صوتها “ألم تعدني يا ضياء بأنك لن تتركني وحيدة في هذه الحياة”، لتغطي دموع أصدقائه ومحبيه جثمانه، وفي الصباح حضر الجنازة زملائه في القناه، ليتم دفنه إلى مثواه الأخير في مسقط رأسه”.
يُذكر أن ذوي ضياء تلقوا ببالغ الحزن والأسى، نبأ وفاته، في يوم الجمعة الساعة الخامسة عصراً، غرقاً في سد باب الحديد “سد جل آغا”، فقد كانت كارثة إنسانية بالنسبة لكل من عرف ذلك الرجل الخلوق الطيب، والذي يعتبر من الذين ساهموا في نجاح وتقدّم عمل “قناة اليوم”.
وفي نهاية المطاف نتمنى من الله عز وجل أن يتقبله مع الشهداء، وأن تتغمد روحه الرحمة والغفران، فقد ساهم بكل ما لديه من قوى جسديه ومعنوية، في تطوير مستوى تفكير جيل كامل لبناء وطن متطور وواعي ومثقف.