No Result
View All Result
المشاهدات 0
تقرير/ جوان محمد –
روناهي/ قامشلو – بعد قدومها للحياة وفي أولى السنوات من تفتح عينيها وإبصارها شعاع الحياة، تبدأ بشكلٍ دائم بسماع الجملة المشهورة وبالأخص من أمها وهي “متى سأراك عروساً؟!” حتى الآن مازالت الكثير من العقول مستقرة على الحالة نفسها: “زواج البنت سترة، الفتاة في البيت قنبلة موقوتة”، واأسفي للنظرة الدونية من الكثير من الأُسر لبناتهم، في عصر أصبحت الفتاة بروج آفا وشمال سوريا مثالاً يحتذى به في دول الغرب والعالم أجمع، بفضل ما قدَّمت من بطولات وتضحيات في سبيل العيش الكريم لغيرهن من الفتيات والشباب، تركن أهلهن وكل ملذات الحياة والتحقن بجبهات القتال دفاعاً عن الأرض وكرامة الإنسان، ومنهن من يدرن الآن مؤسسات ومنظمات ودوائر رسمية وإلخ… وفي الجهة المعاكسة ما زالت هناك طبقة ضمن مجتمعنا ترى في زواج الفتاة ملاذها واستقرارها الوحيد!!.
ليس يوم فرحها.. بل يوم مماتها
يخبرونني؛ اليوم عرس تلك الفتاة التي زوجت رغماً عنها لابن عمها، فأجبت: إنَّه يوم موتها فقد لبست الأبيض إنه ثوب الكفن.. إنها تغتصب بكلِّ معنى الكلمة ولمدى الحياة للأسف؛ لأن قضية الطلاق غير موجودة في قوانين الكثير من العوائل، وقضية تزويج الفتاة من ابن عمها ما زالت موجودة، بالرغم من أنها ليست كما في السابق، حيث تدنت نسبتها كثيراً، ولكنها لم يُقضَ عليها، بل ما زالت تظهر حتى الآن وبخاصةٍ عند الشعب العربي، أما عند الشعب الكردي، فباتت شبه مختفية وبخاصةٍ بعد ثورة روج آفا، والتي كانت ثورة تحولية بكل جوانبها ومنها الجانب الفكري، ورغم ذلك نلاحظ أنَّ هناك بعض العوائل ما زالت متمسكة بذهنية رجعية وسلطوية، ولكن إلى حدٍ كبير أصبحت الفتاة قادرة على مجابهة هذه الأعراف التي دمرت قلوب الآلاف منهن وهي قضية تزويجهن بدون رغبتهن من أولاد العمومة، ناهيك عن الأمراض الوخيمة التي تترتَّب على أطفالهن في حال الزواج من الأقارب، ولكن هناك سؤال يطرح نفسه كيف لشاب أن يرضى بالزواج من فتاة رفضته؛ وقالت له لا أريدك لا أحبك؟! وما حال تلك الفتاة التي أُرغِمت على الزواج منه؟ ومع الأيام رضخت للمعيشة معه ولكنها تبقى مكسورة القلب، فمنهن من لم يكملن دراستهن ومنهن كن يرغبن الزواج برجل يتطابق عقله وفكره وثقافته مع عقلها وفكرها وثقافتها، ولكن عملية فرض الزواج والتي نكرر ما زالت قائمة وليس فقط من ابن العم، بل القضية لها أوجه أخرى فمثلاً ما زال هناك من يجبر ابنته على الزواج ممن لا ترغب فيه، والفتاة لا حول لها ولا قوة.
لا أريد أن تعيش ابنتي مأساتي
أكدت (غ.م) على أنَّها كانت ترغب بإكمال دراستها، حيث تم تزوجيها وهي في الصف الحادي عشر، من ابن عمها رغم أنَّها رفضته كثيراً، ولكن والدتها كانت تلح عليها وتخبرها أنَّها لن تستفيد من الدراسة وفي المحصلة ستكون أم وزوجة، وأضافت: “إن كانت والدتي ضدي فكيف الأب والأخ وسط مجتمع ذكوري وذهنية سيطر عليه إرث ثقيل من النظام السوري، الذي كان أحد أهدافه تفكيك الأسرة الكردية وانشغالها بمشاكلها لتبتعد عن السياسة والمطالبة بحقوقها”، وأكملت حديثها: “لدي الآن أربعة شباب وثلاث فتيات، ابنتي الكبيرة في الصف التاسع ووالدها يطالبها بترك الدراسة وعندما تصل لسنِّ 18سوف يزوجها لابن شقيقه، يعني ابن عمها وها هو التاريخ يعيد نفسه للأسف فهو يريد تطبيق القوانين نفسها على ابنتي والتي فرضت علي يوماً من الأيام قبل حوالي عقدين من الزمن وسط كل ما يحصل من تغيير في عقول الكثيرين، ولكني رفضت وسوف أقف بجانب ابنتي فمن حقها إكمال تعليمها وحينها هي تقرر من تختار”.
القصص كثيرة والألم كبير في قلوب الكثيرات، وإن عدم التغيير في عقول وذهنية البعض من أبناء مجتمعنا سيجعله في نظري مجتمعاً عقيماً ومريضاً، فالثورة لن تكتمل ولن تصل لأهدافها مادامت هذه العقول ما زالت مرتبطة بعرف وتقاليد بالية، رأي الأهل هام ولكن؛ بالمعقول وليس بفرض الزواج على الفتاة، فالقضية بالغة الأهمية ومسألة الزواج ليست بالأمر السهل وهي مرحلة تعتبر أبدية. لذا؛ يجب التروِّي في هذه المسائل وعدم التسرع فيها لأن زواج شخصين متحابين ومتطابقين في الأفكار والذهنية سينجب جيلاً أفضل قادراً على اتخاذ قراراته بحرية وبشكلٍ أفضل.
هدفنا خلق مجتمع حر وللمرأة الريادة فيه
مقاتلة في وحدات حماية المرأة تتحدث لصحيفتنا روناهي بما لم تفكر به مثيلاتها الكثيرات من لبس ثياب العرس والزواج ومَن ثمَّ التفكير بالإنجاب؟ ما هي الدوافع وراء تطوعها والتحاقها بصفوف وحدات حماية المرأة؟؟
كان لهن حق العيش مثل الكثيرات في المجتمع؛ زواج ومنزل وأسرة ولكن لماذا اختارت طريقاً آخر غير هذا الطريق، لن نفيَ الحديثَ حقَّه فلنتركْ لهن الإجابة؛ المقاتلة في وحدات حماية المرأة من المكون العربي (س.ك) أفادتنا قائلةً: “ترعرعت في مجتمع ذكوري بحت، السلطة كلها كانت للأب، الأخ، العم، وانتقل من بعدها للزوج الحال نفسها ولن تتغيَّر الحياة لدي من سلطة الأب والأخ إلى سلطة الزوج”، مضيفةً: “شهدت حالات لتزويج الكثيرات وهن قاصرات وفكرة الزواج كانت بعيدةً عن تفكيري بسبب ما كنت أعيشه من ذهنية متسلطة من حولي، وكفتاة كان هدفي أن أكون ذات إرادة حرة، ولكن لم يكن سبباً رئيساً لكي يدفعني للانتساب لصفوف وحدات حماية المرأة، بل تأثري بهؤلاء الرفاق والرفيقات وكيف يضحون بأرواحهم لأجلنا، لذلك رأيت من الواجب السير على خطاهم وذلك الأمر وحده كفيل لحصولي على حريتي وكرامتي”، وأكدت: “حياتنا في صفوف وحدات حماية المرأة هي الحياة الحقيقة بكل معنى الكلمة فهي تشهد المساواة والعيش الكريم”، أما المقاتلة (ج. د) من المكون العربي، فأشارت: “لا يجوز الهروب من واقع السلطة الذكورية التي كانت تفرض على مجتمعنا، بل الأهم هو النضال والمقاومة لتغير هذه الذهنية السلطوية واستئصالها من جذورها وليس التغاضي عنها، ونلاحظ في العالم أجمع وبخاصةٍ في روج آفا وشمال سوريا، مرض السلطة والتسلط على المرأة وعلى وجه الخصوص في الحياة الزوجية، والوقوف في وجه هذه الحالة تكمن في الانضمام لصفوف وحدات حماية المرأة، والتي تستوعب النساء والفتيات كافة ومن مختلف الأطياف والألوان”، وأضافت: “معظم الرجال تحت شعار “حماية الشرف أحمي المرأة”، ولا يعترف بأنه يستعبدها ويذلها بهذه الطريقة وليس يحميها، وكما ذكرت بالنضال والمقاومة ضمن وحدات حماية المرأة هي الحل الأمثل للقضاء على هذه الظاهرة، وللعلم قد يظن الكثيرون أنَّ القضية لدينا هي المحاربة بالسلاح والرصاص، لا أبداً، بل نحارب بالعلم والمعرفة والثقافة والتدريب والأخلاق، لأنه كما قال القائد الأممي عبد الله أوجلان “المجتمع لدينا هو في حالة دجاجة قطع رأسها وتقاوم لكي لا تموت، وهذه حالة شعبنا”، وأعود وأوكد على ما قاله القائد أوجلان “الحصول على الحرية من قبل مرأة واحدة أمر غير كافٍ لأنَّ المرأة نصف المجتمع”، ولذا لو استطعنا تسليح أنفسنا بالعلم والثقافة والتدريب الدائم ضمن صفوف هذه القوات حينها نستطيع خلق مجتمع حر ومستقل”.
كما تطرقت إلى أسباب انتمائها قائلةً: “جاء ذلك بعد أن أيقنت أنَّ المجتمع لم يمنحنا نحن النساء أبسط حقوقنا لا من الناحية الثقافية ولا الفكرية ولا تكوين الشخصية، ولكن باستثناء الناحية الأخلاقية منحني جزءاً منه، ولا يجوز وجود إنكار مجتمع أخلاقي لدينا، ولكن الدرب المنير الذي رأيت نفسي فيه ويجب السير عليه كان في الالتحاق بصفوف وحدات حماية المرأة وعملت مقارنة مع نفسي كيف كان حالي لو بقيت ضمن هذا المجتمع ولم أكن الآن ضمن هذه القوات، وتذكرت هنا عندما سألتني في مقابلة مع فضائية لبنانية في عام 2015م، بكوباني ما رأيك بهذا الفستان الأبيض والذي كان موضوع في واجهة أحد المحلات التي كنا نقف أمامها، فأجبتها بمنطق المجتمع: هو فستان أبيض وصنع للفرح والاستقرار، ولكن بمنطق الواقع الحقيقي لو نظرتم لرأيتم أنَّ داخل هذا الثوب العبودية والموت، وأنا لا أريد فستاناً أبيضَ بل أريد حياة بأكملها ناصعة البياض في حقيقتها وقاعدتها المساواة، فما الفائدة من ارتدائه وأن أخدع به ليوم واحد، وكامرأة ثم تُدهس إرادتي ورأيي وتُسلب مني شخصيتي بهذا الفستان؛ فلن أكون حرة فيه ولا في المجتمع الذي أعيش ضمنه، لذلك الاعتماد على هدف واحد لمجتمع كامل لا يجوز، بل الواجب أن تكون هناك إرادة من المجتمع نفسه بأكملها للتغيير، وعلى وجه الخصوص يجب أن يكون للمرأة هوية خاصة بها ولون خاص، وتأسيس مجتمع أخلاقي متكامل وحر يدير نفسه بنفسه وكل ما ذكر نعتبره من أهداف وحدات حماية المرأة وسنكافح لتحقيقه حتى آخر رمق فينا”.
No Result
View All Result