No Result
View All Result
المشاهدات 0
تقرير/ ميديا غانم –
روناهي/ الحسكة – بعد أن وصلت الأزمة السورية إلى مفترق الطرق وبمرور ثمان سنوات من الصراعات الدولية والإقليمية على الأراضي السورية، والتضحيات التي قدمها الشعب السوري بكل طوائفه ومذاهبه بالإضافة إلى الدمار الكبير الذي لحق بالاقتصاد والبنية الاجتماعية لهذا البلد نتيجة الحرب التي ساندها الكثير من القوى الدولية، بات الوصول إلى الاستقرار السياسي لهذا البلد من الأولويات.
روناهي/ قامشلو ـ الأطفال هم زهور تزين بلادنا وجواهر ثمينة في المجتمعات ويجب الحفاظ عليها وحمايتها من كل شائبة ومهما كانت الظروف، لا يجوز أن نبيح لهم العمل وهم دون الـ 18 عشر حتى إن كان بسبب الفقر أو عدم قدرتهم على الدراسة، فلا بدّ من إيجاد الحلول المناسبة لظاهرة عمالة الأطفال بقامشلو وبخاصةٍ في منطقة الصناعة والتي تعج بالأطفال الآن، وعلى وجه الخصوص بعد انتهاء الموسم الدراسي، ووجدنا كيف يتم استغلالهم. ولكن؛ في الوقت نفسه كانت هناك لجنة سعت للحد من هذه الظاهرة فلماذا توقفت عن متابعة عملها وهل هناك مخطط لتفعيل هذه اللجنة من جديد أم لا؟؟؟، تفاصيل عن هذا الموضوع الهام وتفاصيل أخرى في سياق التقرير التالي:
توجهنا لمعقل وانتشار العشرات من الأطفال الذين يعملون هناك، إنها الصناعة بالناحية الشرقية بقامشلو، حيث بالكاد ترى محلاً يخلو من طفل يعمل، بل بالبعض منه أكثر من ثلاثة أطفال على الأقل يعملون في مختلف المهن، منهم يعملون الشاي ومنهم في قسم كهرباء السيارات والتصويج وإلخ…، وعلى وجه السرعة بدأ أصحاب المحلات بإخفاء الأطفال بعد مشاهدتنا وأدركوا إننا إعلاميون ولكن لماذا هذا الأمر؟؟؟! وما القصة؟؟؟!، ادعى أصحاب بعض المحلات أن هؤلاء الأطفال لا يعملون لديهم بالأجرة، بل هم أبناؤهم، مناظر حزينة، أطفال بعمر الورود بعيدين عن الدراسة وتوجهوا لمواجهة مصاعب الحياة.
وأكد لنا الطفل وعد السالم وهو من حي العلايا بقامشلو ابن 15ربيعاً على أنه ترك المدرسة من الصف الخامس الابتدائي ويعمل من الساعة السابعة صباحاً إلى الواحدة ظهراً، بعدها يذهب ساعة ونصف لاستراحة الغداء ويعود للعمل في الساعة الثانية والنصف، وحتى السابعة مساءً مقابل أجر أسبوعي 6000 ل.س فقط؟؟؟!، وذلك لصعوبة وضعهم المادي، وبالرغم من إنكاره أن العمل ليس متعباً وصعباً عليه ولكن ملامح وجهه وطبيعة عمله كانت توحي عكس ذلك تماماً فهو يعمل في مجال تقطيع الحدائد وتحميلها، مما لاشك فيه أنه كان يخفي تعبه لكي لا يُطرد من العمل فهو يعيل عائلته المكونة من الأبوين بالإضافة إلى أربعة إخوة، والوالد يعمل في سوق العمال.
كما التقينا بالطفل محمد خليل البالغ من العمر 16عاماً، القاطن في حي الهلالية والذي حدثنا قائلاً: «إنني أعمل في مجال إلكترونيات السيارات، ويبدأ الدوام من الساعة الثامنة صباحاً حتى الثامنة مساءً، وتركت الدراسة من الصف الثامن ولدي أخويين يصغرونني سناً ووالدي مريض لا يستطيع أن يعمل»، مؤكداً على أنه يعمل ليعيل أسرته بحيث يتقاضى راتباً شهرياً يبلغ 60 ألفاً.
ومن أرباب العمل في الصناعة روني حسن الذي أكد لنا بأنهم يحضنون هؤلاء الأطفال بسبب إلحاح أهاليهم الذي ذكروا لهم أن أطفالهم لا يملكون الاستيعاب الكافي للدراسة لذلك يفضلون أن يتعلموا حرفة أو مهنة بديلاً عن ذلك، مشيراً: «بالرغم من إننا غير متفقين معهم ونود أن نرى الأطفال على مقاعد الدراسة، ولكن عملهم لدينا أفضل من البقاء في الشوارع والذهاب لمحلات الألعاب الإلكترونية، حيث يشجع ذلك ثقافة العنف في ذهنية الطفل, وبالمقارنة بين الحالتين نرى أن تعلمهم مهنة ما هو الحل الأفضل بحيث يفيدون ويستفيدون».
التجهيز لتفعيل اللجنة المتوقفة.. فهل تنجح وتبلغ هدفها؟؟
في الشهر الثامن من العام المنصرم تم تشكيل لجنة بغرض الحد من ظاهرة عمالة الأطفال وكانت مؤلفة من عدة هيئات (المرأة، العمل والشؤون الاجتماعية، التربية والتعليم، والشباب والرياضة)، بالإضافة لمكتب شؤون المنظمات ولجنة الكادحين التي كانت صاحبة هذا المقترح، وقد أخذت اللجنة دورها ودخلت في منطقة الصناعة حينها، وهو أكثر مكان يتواجد فيه عمالة الأطفال واستطاعت إرجاع 209 من الأطفال للمدارس، ولكن مع انتهاء الموسم الدراسي عاد الأطفال للعمل، والمعضلة ليس من سيقضي فترة العطلة هناك، بل بأطفال هم هناك منذ سنوات، والجميع يعلم منطقة الصناعة فيها الصالح والطالح والطفل معرض لكل أنواع الاستغلال الجسدي والأخلاقي والذهني، وبالفعل في جولتنا لاحظنا كيف كانوا يقومون بأعمال تكبر سنهم، دون رحمة أو شفقة. لذا؛ يستوجب من الجهات المعنية التدخل على الفور للحد من هذه الظاهرة، ولدى لجنة الكادحين مشروع ولكنه بحاجة لدعم كبير.
وبهذا الصدد حدثنا الرئيس المشترك للجنة الكادحين في قامشلو عابد علو قائلاً: «لقد شكلنا في العام الماضي لجنة للحد من ظاهرة عمالة الأطفال الذين هم دون السن القانوني للعمل، وزرنا المكان الذي يتواجد معظم هؤلاء الأطفال فيه، وهي منطقة الصناعة فقمنا بأخذ عناوينهم والمعلومات الشخصية منهم، كما أخذنا اسم وعنوان صاحب العمل، وواجهتنا صعوبة في إقناع أصحاب المحلات بترك هؤلاء الأطفال العمل لديهم بحجة إنه سيؤثر سلباً على عملهم، وناقشنا مع الأطفال الأسباب التي دفعهم للعمل الشاق، فكانت أجوبتهم مختلفة منهم كان يقول إنه لا ينفع للدراسة ويريد تعلم مهنة ما، والبعض الأخر كان يقول إن وضعه المادي صعب جداً ويعمل ليساعد أسرته»، وأشار علو في حديثه: «وضعنا خطة عمل بهذا الخصوص الهدف الأساسي منها أن نعيد أكبر عدد من هؤلاء الأطفال لمقاعد الدراسة، أما من تجاوز عمره مرحلة التدريس، فقد أعددنا مشروع وقدمناه لحركة المجتمع الديمقراطي، بفتح مركز مهني ليضمهم، وبذلك يتم القضاء على هذه الظاهرة أو الحد منها».
وبعد التواصل مع هيئة التربية والتعليم والعمل والشؤون الاجتماعية والشباب والرياضة، التي كانت ضمن اللجنة التي شكلناها العام الماضي والتي توقفت بسبب الهجوم على عفرين واحتلالها، حيث أفادونا بأنه لولا تلك الهجمة على عفرين لكانت اللجنة قد أكملت هدفها للحد من هذه الظاهرة، وهم بصدد تفعيل تلك الخطوة من جديد، مؤكدين «على أنها ظاهرة خطيرة ويجب معالجتها على أرض الواقع، وتحتاج لدراسة عميقة ومركزة، وبأن هناك الكثير من العوائق التي تتطلب منا التفكير العميق، ومنها لو أعطينا رواتب مادية وجلبنا هؤلاء الأطفال من تلك المحلات سوف تصبح الحالة مستفحلة وسوف يطلب الكثير من الأطفال من المدارس وبالاتفاق مع أهاليهم للخروج من المدرسة والذهاب للعمل، ليتم إجباراً إرجاعهم ودفع الرواتب لهم، وقد طرحنا عدة حلول لهذه المشكلة وتكمن بتوظيف أحد أفراد العائلة بدلاً من دفع رواتب للأطفال، وأيضاً أن يتم تحديد سلال غذائية لهذه العائلات المحتاجة التي اضطرت للعمل بهؤلاء الأطفال وهم بعمر الزهور، والبعض تُحل مشكلتهم بضمهم لمركز تنمية الشباب بقامشلو وتعليمهم حرفة، بدون تعرضهم للاستغلال المادي والجسدي والمعنوي»، ونذكر بأنه بالفعل يجب التفكير جدياً لتفعيل هذه اللجنة وعلى وجه السرعة، بخاصةٍ وأن منطقة الصناعة باتت مرتعاً للأطفال ولاستغلالهم من قبل أرباب العمل هناك».
لا يجوز إهمال القضية لأنها هامة وتعاصر أجيال كاملة
بعد كل ما ذكر يتضح لنا بأن هذه القضية في غاية الأهمية ويجب إيجاد حلول إسعافيه لها في الوقت الحالي على الأقل للحد من هذه الظاهرة، والتي تكون بمراجعة الأهالي وإقناعهم لإرجاع أطفالهم للمدارس، ومن كبر وغير قادر للرجوع لمقاعد الدارسة يجب دعم مشروع فتح مدارس مهنية وبراتب مماثل للراتب التي يتقاضاه في حي الصناعة، وهذا هو الحل الأمثل، وسوف يحد من هذه الحالة بشكلٍ كبير، وعلى اللجنة التي تشكلت سابقاً العودة والتحرك بأسرع وقت ممكن، لأننا أمام حالة يبدو أنها معرضة للتفاقم. ولذا؛ التحرك الآن أمر هام قبل أن يسبق السيف العذل.
No Result
View All Result