سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

«على ضفة النهر»

زهيدة إسحاق –
حينما نقف على حافة النهر نحلم بالانتقال إلى الضفة الأخرى، وإن بدت كالمعجزة، التي تنقلنا إلى الضفة الأخرى، ربما ينتابنا إحساسٌ بأنّنا بلا عزيمة أو قدرة على السير، ألفُ قيدٍ يكبّل خطواتنا عن خوض تجارب الحياة العمليّة، وذلك يعود لقدرة الإنسان العمليّة بهدف العقل ورغبة الطموح، الكثير منا يعيش على حافة النهر، يحلم، يرجو، لكن كلّ ذلك مجرّد أفكار تعيش في زوايا عقله ونفسه، لا تَجد قدرة على الخروج للواقع، وإن كانت مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، وكلّ خطوة تسير بنا إلى الأمام تقرّبُ إلينا أحلامنا، التي تبدو بعيدة ولعل أفضل الناس من استطاع معرفة حجم قدراتِه، وبلغ طموحاته فسعى بها إلى هدف يحدّده لنفسه، يسعى إليه رغبةً منه لا إرضاءً لأحد، ويعلم أنّه يستطيع الوصول إليه، أعظم الناس من استطاع أن يتجه إلى العمل الذي يحبه، ويعرف تماماً أنّه قادر على الانتاج من خلاله، وإن أدرك أنّه غير قادر على حب هذا العمل والانتاج من خلاله، فتجنبه أفضل، إن الذي يسعى في مجال عمل لا يفهمه ولا يرغبه يعذّب نفسه، ويقتل موهبته ويُضلّ طموحاته، سيكون ردّ الفعل عليه سيئاً، وحتى على الذين يعمل معهم، أو من أجلهم، ربما أحيانا نسمع النصيحة من إنسان صادق النوايا، يريد الخير لنا لكنّه لا يفهم قدراتنا، إذن نحن القادرون على اختيار الطريق لمعرفتنا، وندرك دواخل أنفسنا وللمجالات التي نستطيع الولوج من خلالها إلى عالم العطاء والمعرفة والتجدد.إنّ الانسان الذي يحدّد هدفه ويعرف حجم قدراته، لا بد أن يعطي أكثر ويعمل بطريقة جديدة.
إنّ الذي يسير بعزيمة ونفس مشرقة لا بد أن يصلَ هدفه مهما كانت خطواته بطيئة، وقد تبدو لنا أحياناً أحلامنا غير قابلة للخروج إلى حيّز التنفيذ، ولو أنّ ألف سدٍّ يقف في طريقنا، لكنّ الإنسان العاقل يدرك تماماً أنّ نتيجة مربحةً لا تأتي بلا عمل، وقد يكون العمل شاقاً ومتعباً، لكن لا بد أن نجني ثماره طالما الهدف واضح والخطوات مدروسة، والعمل نفسه يخدم الإنسانيّة والعالم الذي نتعايش معه، ومهما كان دور الفرد صغيراً وعمله قد يكون صغيراً، إلّا إنّه سيكون لبنة قويّة في سبيل بناء أسرة قويّة، ومجتمع قوي. إنّ الذي لا يخوض النهر لا يستطيع الوصول إلى الضفة الأخرى، والأحلام لا تنتج واقعاً ملموساً، إن لم تخرج الأحلام الرقيقة إلى عمل جادٍ وهدف واضح، الأهم الاخلاص في المسيرة بين الأفراد.نتطلع دائماً إلى مجتمع متكاتف وأسرة متحابة متآلفة، وأفراد منتجين مبدعين وبكلِّ لهفةٍ لكلِّ ما فيه خيرٌ وعطاءٌ جديد، ليعمل الجميع بجدٍّ وحبٍّ واحترام، وتبقى خيمة المحبة تظلل الجميع وتقرّب بين النفوس والقلوب لتكون النوايا مقرونة بالأعمال، وتكون مكللةً دوماً بالنجاح والتفوق.