يتحدث أردوغان عن الاستقرار في سوريا وكأن الجميع يدمرون سوريا وهو الوحيد المنقذ الذي من خلاله سيتحقق الاستقرار والأمان للشعب السوري، لذا لا يبالي مطلقاً وهو يقول بأنه لن يخرج من سوريا ريثما يتحقق الاستقرار فيها؛ متجاهلاً تماماً هو ومن معه من السوريين القابعين تحت عباءته حقيقة تركيا وما تفعله في سوريا منذ بداية الأزمة حتى الآن، أردوغان الذي يعلن ومن خلال ربط خروجه بالاستقرار من سوريا بأنه باق فيها ولن يكون هناك خروج منها على الإطلاق؛ لأنه هو الذي يثير الفوضى ويخلقها في سوريا، فهو بهذا الطرح يمدد وجوده ويشرعنه.
اليوم بهذه التصريحات أردوغان لا يريد أن يفصل سوريا عن أي منطقة أخرى من تلك التي في دائرة اهتمامه من أجل الاحتلال، يريد جهراً أن يفهم العالم بأنه لن يتوانى عن الدخول لأي منطقة تحت حجج هو يرى بأنها حقه الطبيعي، لذا نرى اليوم بأنه يتدخل في أذربيجان واليونان والعراق وبالتحديد في باشور، حيث ينشئ قواعد عسكرية وكذلك بالتدخل في أفريقيا وليبيا ويتطاول عبر حلفاء له في منطقة الخليج العربي؛ مستغلاً بشكل كبير حال التخاذل الدولي الموجود خاصة في سوريا، لذا يتوسع ويحاول إيجاد موطئ قدم له في المنطقة عموماً.
هذا المشروع هو خطر كبير على سوريا والمنطقة برمتها، خطر على الشعوب، خطر على المستقبل الديمقراطي في المنطقة وكذلك هو خطر عن الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار الفعلي في سوريا بشكل خاص والمنطقة بشكل عام. لكن في الحقيقة حتى الآن أمام هذا المشروع الذي يهدد مصير ووحدة الشعوب وهويتها ووجودها لم نر مقاومة ظهرت كالتي ظهرت في عفرين وسري كانيه/ رأس العين وكذلك كري سبي/ تل أبيض والتي لا تزال مستمرة بقوة في شمال وشرق سوريا – روج آفا ضد هذا النهج وهذه السياسة القائمة على الإبادة والتصفية، في عفرين وسري كانيه/ رأس العين وكذلك كري سبي/ تل أبيض وكل المناطق التي طالتها يد دولة الاحتلال التركي في سوريا كان الدفاع والمقاومة تمثل مواجهة كبيرة ضد هذا الخطر، وما أبداه شعبنا في هذه المناطق وكذلك صمودهم الكبير الآن في مخيمات التهجير في الشهباء وواشو كاني يعتبر إحدى أهم الملاحم التاريخية ضد تركيا ومخططاتها في المنطقة وتعتبر بوصلة هامة نحو تحرير جميع المناطق من الاحتلال التركي. المقاومة البطولية هذه رصيد كبير لكل من يريد مواجهة المحتل وسياساته الإبادية. أمام ما تفعله تركيا في المنطقة هناك جيوش وإمكانيات وتكنولوجيا تعيد حساباتها في مواجهة هذا العدو، لكن بالإمكانات الممكنة وبإرادة النصر؛ تم مواجهة أردوغان، لا بل عجز عن القضاء على هذه المقاومة التي تمثل اليوم روح ثورة جديدة ديمقراطية في المنطقة يؤمن أهلها وشعوبها المتعددة بأنهم لن يحتفلوا بنصر ثورتهم النهائي والكامل حتى إخراج دولة الاحتلال التركي وتحرير كل المناطق التي تحلتها في سوريا. هذه المقاومة أمام هذا الخطر هي التي ستنتصر حكماً لما فيها من قوة وتصميم لشعب متشبث بأرضه كأهلنا الموجودين في الشهباء وغيرها من المناطق رافضين خيارات العدول عن هدف العودة والنصر والتحرير.
هذه المقاومة التي تمثل اليوم شوكة في حلق أردوغان وصخرة كبيرة أمام المشروع الاحتلالي العثماني التوسعي في المنطقة ستكون بوابة سقوط أردوغان ونهايته؛ لأن هذه المقاومة اليوم تمثل حالة من الصمود أمام مخاطر مشروعه، لذا سيكون مرور مشروعه في المنطقة مستحيلاَ. المقاومة التي تتم ضد هذا المشروع يجب أن تكون أساساً ومرتكزاً ونقطة دعم من النواحي كافة من كل السوريين الغيورين على وحدة سوريا والرافضين لاحتلالها وكذلك من كل المنطقة؛ لأن بهذه المقاومة وهذه الإرادة يتم إعاقة تقدم مشروع كبير وخطير يمثله أردوغان في المنطقة، لذا وحدة المقاومة وبالروح الرافضة لمخططات تركيا ستكون بوابة لانتصار الشعوب وكذلك نهاية مأساوية لأردوغان ومشروعه وأطماعه في منطقتنا ومقدرات شعبنا وستتحقق الحرية وتتحرر كل المناطق من يد دولة الاحتلال التركي وسيعود كل من عوّل على تركيا ورأى فيها الخلاص والضامن لمستقبل الشعوب خائباً خاسراً؛ لأنهم لم يقرؤوا التاريخ جيداً ولم يتمكنوا من فهم الواقع ولا حتى التكهن بالمستقبل، تركيا بكل ما في تاريخها وثقافتها تؤكد للقاصي والداني بأنها لا توفي بأية صداقة وكذلك متى ما كانت وأينما كانت فهناك يحل الخراب والدمار وتتراجع الشعوب نحو الأسوأ حال تسليمهم لإرادتهم لتركيا.