هناك سؤال يتكرر دائماً من الأخوة والأخوات المتابعين؛ وأين عفرين من السياسات الكردية أو ما هي الحلول القادمة لوضعها وكيف سيكون واقعها خلال المرحلة القادمة وغيرها من الأسئلة التي تتمحور حول تلك المواضيع المتعلقة بوضع شعبنا والمنطقة في عفرين، طبعاً لا ننسى بأن عفرين ليست الاستثناء في الواقع السوري، لكن وكما يقال؛ “كلٌ يبكي على موتاه” حينما نزور المقابر.
وهكذا فكل إنسان يؤلمه جرحه وربما يتعاطف مع جروح الآخرين، لكن لن تكون بألم ووجع جرحه رغم أن الجراح السورية كثيرة لدرجة أن لم يعد هناك موضع لجرحٍ جديد.. لنعد لسؤالنا حول وضع عفرين وما ينتظرها وينتظر أهلها من حلول. بقناعتي لم يبقَ أمام السوريين وكذلك القوى الإقليمية والدولية وبعد عقد كامل من المقتلة السورية، إلا القبول بالمشاركة والجلوس معاً حول طاول الحوار وخاصةً مع تدهور الحالة المعيشية للمواطنين مع تطبيق قانون قيصر وبالتالي البدء بالحل السياسي على أساس دولة اتحادية غير مركزية.
طبعاً هناك أكثر من طرح وسيناريو قُدِّم خلال المرحلة الماضية؛ منها جعل سوريا ثلاث أقاليم، وأعتقد بأن السيناريو الذي يطرح مؤخراً ولو بخجل ونقصد سيناريو الأقاليم أو الكانتونات وفق المحافظات، بات يحظى بنوع من التوافق بين مختلف الأطياف، طبعاً ليس وفق ما يأمله الروس والنظام بحيث لا يكون هناك أي تغيير وكأنك “يا أبوزيد ما غزيت” حيث نظام المحافظات موجود سابقاً في البلد وكل ما يمكن القيام به هو توسيع بعض الصلاحيات الإدارية وفق عقلية النظام السوري وحلفائها وبخاصة الروس والإيرانيين، لكن دول التحالف وعلى رأسهم الأمريكان رفضوا أن تكون القضية بهذه البساطة، بل يطالبون بنوع من الدولة الاتحادية الفيدرالية ولو إنها على أساس نظام الكانتونات وأعتقد بأن النموذج السويسري يمكن أن يكون الأنسب حيث لكل كانتون صلاحياتها الإدارية والقانونية الواسعة ولها برلمانها الخاص ولكن بنفس الوقت هناك ثلاث مناطق ديموغرافية معروفة وفق التقسيم السوسيو ثقافي حيث الكانتونات الألمانية والفرنسية والإيطالية وهكذا يمكن دمج الحالتين معاً؛ أي نظام فيدرالي قائم على الكانتونات (الأقاليم) ويمكن لعدد من تلك الكانتونات أن تشكل أقاليم وفق التنوع الثقافي اللغوي.
وهكذا فإن طُبّق المشروع السياسي، فإن عفرين ستبقى جزء من كانتون أو محافظة حلب والتي ربما يشكل مع إدلب إقليماً سياسياً وأعلم بأن هكذا حل ربما لن يرضي شعبنا أو على الأقل القسم الأكبر منه، حيث يأملون بعودة عفرين ليشكل جزء من إقليم فيدرالي يمتد من ديريك إلى عفرين، لكن بقناعتي إن ذاك ربما يكون صعباً في ظل الصراعات الإقليمية وبالأخص تركيا وأخذ مواقفها ومصالحها بعين الاعتبار في قضية أن هذا الإقليم الجديد ونقصد روج آفاي كردستان- من ديريك لعفرين قد يشكل نوع من الاتحاد والوحدة مستقبلاً مع إقليم كردستان وبالتالي الوصول للبحر المتوسط وإعلان الدولة الكردية التي تتخوف منها الكثيرين وتركيا في مقدمتها، ولذلك فهي تركيا ستقف بكل قوتها ضد أي قرار بأن يكون عفرين جزء من ذاك الإقليم ولا استعداد لدى الأمريكان والروس في مواجهة تركيا لأجل الكرد مرحلياً على الأقل ولذلك فإن وضع عفرين أعتقد سيكون ضمن بقائها في الإقليم الشمالي الغربي.
طبعاً لن يبقى الوضع السياسي والأمني على هذا الحال حيث حينها سيكون هناك قد تم الاتفاق على مشروع الدولة السورية الجديدة، وبإقرار ومشاركة كل الأطراف ويصبح لكل بلدية إمكانيات وصلاحيات إدارية واسعة وهناك قانون يحمي المواطنين بحيث يكون بمقدور أهالي عفرين المهجرين منها، العودة لقراهم وبلداتهم والمشاركة بالحياة السياسية والمدنية وانتخاب الهيئات والمجالس التي تمثلهم ويكون أغلب المستوطنين قد عادوا هم الآخرين لأماكن سكناهم الأصلية التي هجروا منها، بقناعتي هذا السيناريو هو الأقرب والأكثر عملياً في ظل الظروف السياسية الحالية ومصالح الدول الإقليمية والقوى والمكونات الداخلية وبالأخير نقول؛ نأمل أن يكون القادم أفضل ويحمل معه حلولاً حقيقية لمعاناة السوريين ومنها منطقتنا عفرين وأن لا تكون هناك سيناريوهات تجعل منها قبرص جديدة ويكون العفرينيين فلسطيني القرن الواحد والعشرون بحيث يتم تعريفهم بعفريني الداخل والمهجر وكل ما نتمناه إيجاد الحل الأمثل وعودة أهالي عفرين لمدينتهم وتحريرها من الاحتلال والمرتزقة.